عاجل

البابا شنودة ينسف أسطورة أرض الميعاد وشعب الله المختار

فلسطين التى دافع عنها البابا شنودة الثالث تنهض من تحت الركام
فلسطين التى دافع عنها البابا شنودة الثالث تنهض من تحت الركام

من الخطورة فعلًا وحقا أن يتحدث بينيامين نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل بلغة التمييز الدينى، ويخيفنا بأنه سيسعى لتنفيذ نبوءة إشعياء وبجهله لا يدرى أن هذه النبوءة تحققت بالفعل فى زمن «إشعياء» نفسه، ولو عاد نتنياهو لسفر «أرميا» لتيقن من ذلك، حرب غزة هذه المرة تعلو فيها نبرة الحرب الدينية، فوزير خارجية الولايات المتحدة جاء للمنطقة ليعلن أنه يهودى ويعلى يهوديته فى الصراع بعيدا عن الحق والحقيقة، والرئيس الأمريكى بايدن أخبرنا أنه صهيونى ولو لم تكن إسرائيل موجودة لعمل على إيجادها، وهذا ما جعل الرئيس التركى أردوغان يطلع علينا ليقول «إن كنتم تريدونها حربًا بين الهلال والصليب فنحن جاهزون لها، والأمة الإسلامية لم تمت»! إسرائيل ضمن حربها على غزة وفلسطين بشكل عام تلعب بعقول الغرب بمفردات دينية تجعله متضامنا معها، باعتبارهم «شعب الله المختار»، وأرض إسرائيل هى «أرض الميعاد»، وكلها أساطير وهمية تعودت على ترديدها وقد نسفها قداسة البابا شنودة الثالث - نيح الله روحه - الذى لم يخشَ العداء مع الكيان الإسرائيلى، وكانت تصريحاته أشبه بطلقات تنسف تلك الأساطير التى فندها ودحضها البابا شنودة فى كتبه، وتناولها فى عظاته الأسبوعية عندما سئل فى واحدة منها: هل اليهود شعب الله المختار؟ قال : «لا»، وأوضح «إن العالم  فى قديم الزمان كان كله وثنياً وكان اليهود هم الوحيدون فيه الذين يقولون إنهم شعب الله المختار، ولكن عندما أصبح الملايين فى العالم يؤمنون بالله ويعبدونه أصبحوا أيضاً هم شعب الله المختار، وليس من الطبيعى أن كل الذين فى العالـــم غير اليهـــــود هم ليسوا شعب الله وأقول لكم إن شعب الله المختار هو كل من يؤمن بالله إيماناً صحيحاً». 
وقال قداسة البابا شنودة فى احتفالية اليوبيل الذهبى لجامعة الدول العربية عام 1995: «اليهود يسمونها القدس أرض الميعاد، ويقولون إنهم عاشوا فيها بوعد من الله، وأنا أقول لكم إنهم استولوا عليها ليس بوعد من الله، وإنما بوعد من بلفور»، وأوضح أنه لم يحدث أن هناك شعبا غضب منه الله مثلما غضب من اليهود، شارحا القصة من البداية، بأن الوعد الذى أعطاه الله أولا للآباء كان له شروط خاصة ومدى زمنى معين انتهى فيه، فالعالم قديما كانت تسوده الوثنية وعبادة الأصنام، وأراد الله أن يحفظ مجموعة من الناس بعيدا عن التأثير الوثنى فى أرض الآباء والأنبياء، فكان نسل أبينا إبراهيم، ونسل حفيده يعقوب إسرائيل، وأعطاهم الله وعدا أن يعيشوا لكى يحفظوا الإيمان إلى أن يأتى الوقت لينتشر فيه الإيمان فى الأرض كلها وتذوب الوثنية وعبادة الأصنام ولكنه كان وعدا مشروطا، والذى حدث أن هؤلاء الناس عبدوا الأصنام حتى فى أيام موسى النبى عندما تأخر أياما على الجبل مع الله، نحتوا عجلا ذهبيا وسجدوا له، وقالوا هذه آلهتك يا إسرائيل التى أخرجتك من أرض مصر، وغضب الله عليهم غضبا شديدا، وأوضح البابا أن فكرة شعب الله المختار انتهت، إذ من غير المعقول أن يترك الله آلاف الملايين الذين يعبدونه الآن، ويختار 3 ملايين يحتلون أرض فلسطين»! 


وواصل البابا شنودة تصديه لهذه الأكاذيب التى دحضها مرة أخرى عام 2002 عندما عقد مؤتمرا شعبيا فى الكاتدرائية المرقسية لإعلان دعمه للرئيس ياسرعرفات بعد تحديد إقامته فى رام الله، وقام بإجراء مكالمة تليفونية معه للتأكيد على مساندته للقضية الفلسطينية، ورفض كل مخططات «تهويد القدس» عندما قال «لن ندخل القدس إلا وأيدينا فى أيدى إخواننا المسلمين».
ورحب البابا شنودة بالدعوة التى تلقاها لزيارة اللاجئين الفلسطينيين بمخيم «اليرموك» فى مدينة دمشق، وعندما وصل للمخيم حالت الجموع المحتشدة دخول سيارته والوفد المرافق فنزل وسار محاطًا بأبناء المخيم وهم يرددون: «بابا شنودة أهلا بيك.. شعب فلسطين بيحييك» ، وقال الأمين العام لمنظمة طلائع حرب التحرير الشعبية الفلسطينية: «يسرنى أن أقول لك يا قداسة البابا إنك موجود فى قلب كل فلسطينى، وقلب كل العرب والمسلمين، إنك بابا الشرفاء فى العالم الذين يناضلون لأجل الحق والعدل، إنك بابا القدس»، واختتم البابا كلمته بعد استعراضه لأوجاع القضية الفلسطينية بعبارته الشهيرة «لن ندخل القدس إلا مع إخواننا المسلمين»، ولم يلتفت البابا للهجوم الإسرائيلى الصهيونى عليه، ولثباته على مواقفه فى نصرة القضية الفلسطينية، نعته جامعة الدول العربية فى بيان قالت فيه: «كان قداسته رمزا دينيا كبيرا، وقامة مصرية وطنية عظيمة حملت هموم المصريين والعرب جميعا، عاش بإيمانه مدافعا عن الوحدة الوطنية وروح التسامح والمحبة والحوار بين أتباع الديانات السماوية».
عاطف النمر