سينما| الحرب على غزة تشعل معركة البيانات فى هوليوود

انقسام داخل النقابات الفنية الأمريكية.. وموقف شجاع لـ «كتاب من أجل السلام»

انقسام داخل النقابات الفنية الأمريكية
انقسام داخل النقابات الفنية الأمريكية

فجرت الحرب على غزة، والمجازر العنيفة التى يتعرض لها المدنيون الأبرياء الآن، وراح ضحيتها حتى كتابة هذه السطور ٨٣٠٦ شهداء نصفهم تقريبا من الأطفال، انقسامات فى موقف صناع السينما الأمريكية بشكل عام، ولأول مرة تتصاعد أصوات تدافع عن الفلسطينيين وحقهم فى حياة كريمة عادلة، ووطن آمن، وتدين الاحتلال والفصل العنصرى وتطالب ليس فقط بإنهاء الحرب فورا ولكن أيضا بإنهاء الاحتلال الإسرائيلى.

فى بداية الحرب أصدر نجوم هوليوود بيانا داعما لإسرائيل، يدين حماس، ويشكر الرئيس الأمريكى بايدن على موقفه الداعم لإسرائيل منذ اللحظة الأولى، ويطالب بالإفراج عن الرهائن بمخلف جنسياتهم وعودتهم إلى بلادهم، وتجاهل البيان ما يحدث فى غزة ويندرج تحت وصف حرب إبادة للفلسطينيين على مرأى ومسمع للعالم كله، البيان الذى وقعه مئات من النجوم منهم ويل فاريل وبيلى كريستال وآدم ساندلر وجاستن تمبرليك وكاتى بيرى ومادونا وكريس روك وجوينيث بالترو وبرادلى كوبر وجيسيكا بيل وأورلاندو بلوم وبروك شيلدز وأوليفيا وايلد وآخرين.

إقرأ أيضاً|نجوم هوليوود يتظاهرون في الشارع: لن نسمح بإلغاء وظائفنا

بعدها بأيام كتب عشرات من الفنانين رسالة إلى الرئيس الأمريكى يطالبونه بالعمل على وقف إطلاق النار فى غزة دون تأخير، و«تكريم جميع الأرواح فى الأراضى المقدسة»، وقالوا «نحن نرفض أن نروى للأجيال القادمة قصة صمتنا، وأننا كنا مكتوفى الأيدى ولم نفعل شيئا»، وكما قال رئيس الأغاثة الطارئة مارتن جريفيث فإن «التاريخ يراقب»، وقالت الرسالة الجريئة، نحن نؤمن بأن الحياة كلها مقدسة، بغض النظر عن العرق أو العقيدة، وندين قتل المدنيين الفلسطينيين والإسرائيليين، وأضافت، نصف سكان غزة البالغ عددهم مليونى نسمة من الأطفال، ويجب السماح للمساعدات الإنسانية بالوصول إليهم..

وقع على هذه الرسالة عشرات من الفنانين منهم كيت بلانشيت وواكين فينيكس وسوزان ساراندون وكوينتا برونسون وريتشارد جير وسارة سنوك وبن أفليك وجينيفر لوبيز ومارك رافالو وجون كوزاك وشايلين وودلى وكريستين ستيوارت وماهرشالا على ورامى يوسف وبرادلى كوبر الذى وقع على الرسالتين.
وتعد هذه الرسالة جرأة كبيرة فى مجتمع يرهبه سيف «معاداة السامية» للإجهاز على كل من تسول له نفسه انتقاد إسرائيل وسياستها أو حتى التضامن مع الشعب الفلسطينى، لتهديده بالفصل من عمله وربما القضاء على مستقبله المهنى للأبد!

وبدأ شبح الانقسام فى المواقف يلوح فى أفق هوليوود، ففى حين مورس ضغط كبير على النقابات الفنية لتعلن دعمها لإسرائيل، واستجابت بعض النقابات الكبيرة منها الممثلين، إلا أن نقابة الكتاب التى انهت إضرابها منذ فترة قصيرة باتفاق مع استوديوهات هوليوود، وصفته قيادات النقابة بأنه استثنائى، لم تصدر بيانا واضحا لدعم إسرائيل، إلا بعد تهديدات من بعض الكتاب اليهود بمغادرة النقابة، وقالت النقابة فى البيان، إن السبب فى الصمت هو «أننا نقابة عمالية، ندرك حدودنا ونشعر بالتواضع أمام حجم هذا الصراع» ورغم أن البيان القصير أدان هجوم حماس على إسرائيل، كما كان يريد بعض الأعضاء الكبار، إلا أن هذه الصيغة لم ترضهم، وكما جاء فى صحيفة «نيويورك تايمز» أن بعض الكتاب الغاضبين من مواقف النقابة.

قالوا إنهم شعروا بالخيانة، رغم انهم كانوا مخلصين للنقابة خلال الإضراب الذى انتهى الشهر الماضى بفضل التضامن النقابى، وجاء فى الصحيفة الأمريكية العريقة على لسان الكاتب اليهودى بارى شكولنيك «جاء الاتفاق الاستثنائى بين النقابة واستوديوهات هوليوود بسبب تضامننا على مدى خمسة أشهر ماضية، لنجد بعدها الصمت عندما يحتاج الأعضاء اليهود إلى الدعم»، وقال «لقد أدلت النقابة تصريحات حول «حياة السود مهمة» وكل شىء آخر، الآن فجأة أصبحوا صامتين؟!».

فى الواقع تبدو نقابة الكتاب تحديدا فى موقف لا تحسد عليه، فالانقسامات بداخلها كبيرة، والقيادات لا تعرف كيف ترضى الجميع، فاختارت حلا وسطا، وهو ما لم يرض الفريقين، المؤيد لإسرائيل أو فلسطين.. نعم لقد قرأت جيدا، هناك فريق قوى ولا يستهان به مؤيد لفلسطين وحقوق الشعب الفلسطينى وبشكل تقدمى لا مثيل له، وصل إلى حد تكوين جماعة أطلقت على نفسها «WGA for Peace» «نقابة الكتاب الأمريكية من أجل السلام» أصدرت بيانا تدين ممارسات بعض الأعضاء البارزين فى النقابة لإصدار بيان داعم لإسرائيل وسط حصارها المستمر لغزة، البيان وقعه أكثر من ثلاثمائة كاتب بحروف أسمائهم الأولى فقط ، موضحين فى البيان أنهم يخشون إدراجهم فى القائمة السوداء كـ «معادين للسامية»، وفى موقع «Medium» نشرت المجموعة بيانا شديد اللهجة، قويا فى تضامنه مع الشعب الفلسطينى، وذيلت البيان بتشجيع الجميع على التحدث بصوت مسموع «من فضلك استمر فى التحدث علنا، مع العلم أنك لست وحدك، وأنك على الجانب الصحيح من التاريخ، ولن يمكنهم طردنا جميعا».

جاء فى البيان «تحمل رسالتنا الأحرف الأولى لأكثر من ٣٠٠ عضو نقابى فى كل من نقابة الكتاب والمخرجين والممثلين، العديد منهم يهود، لقد قتلت إسرائيل رسميا أكثر من ٥٠٠٠ فلسطينى منهم ٢٠٠٠ طفل ومن المرجح أن يزيد هذا العدد عندما تقرأ هذا، نحن بحاجة إلى وقف فورى لإطلاق النار» ويزداد البيان حدة وقوة فيقول «يعتمد العدوان الإسرائيلى على إبقاء انتباه الرأى العام على ما حدث فى ٧ أكتوبر، وتجاهل الظروف الرهيبة التى فرضتها على غزة قبلها وبعدها، وأن أى شخص يدين إسرائيل فى هذا البلد يواجه رقابة سريعة وتهديدات لمصدر رزقه، خاصة فى هوليوود»

وتقول الجماعة الثورية «أبلغ بعض الموقعين على البيان عن تعرضهم للطرد والتشهير والتهديد بإدراجهم فى القائمة السوداء بسبب تحدثهم علنا نيابة عن الفلسطينيين، وتلقينا رسائل تهديد من بعض الأقوياء فى الصناعة، وقالوا إنهم يراقبون وسائل التواصل الاجتماعى، وسيعيدون النظر فى العمل مع أى شخص يدعم القضية الفلسطينية بشكل واضح، بدأ التحقيق مع بعض العاملين من قبل أصحاب العمل لمجرد مشاركة المعلومات».

ويقول البيان القوى «يمكن فهم الهجوم الإسرائيلى الحالى والحصار المستمر على غزة على أنه انتهاك للقوانين الدولية من خلال منع دخول الغذاء والدواء والماء إلى القطاع، يمكن اعتبار إسرائيل قوة احتلال قامت بقمع الفلسطينيين بوحشية لمدة ٧٥ عاما، وإن مقاومة الاحتلال أمر مقبول بموجب القانون الدولى. ما ينبغى أن نناضل من أجله هو وقف فورى لإطلاق النار، وندعو نقابتى المخرجين والممثلين إلى التراجع عن تصريحاتها التى تدعم حياة الإسرائيليين على حساب حياة الفلسطينيين».

لم تكن جماعة كتاب من أجل السلام هى الوحيدة الداعمة لفلسطين، فقد كان هناك ردود فعل عنيفة من أعضاء النقابات المختلفة ، كما كان الصمت اختيارا لعدم دعم إسرائيل، وهو أضعف الإيمان كما يقال، فى موقع The Wrap وهو موقع داعم بلا حدود لليهود معادٍ للعرب والمسلمين عادة ، يقول جوناثان جرينبلانت مدير رابطة مكافحة التشهير «لقد كان الصمت يصم الآذان».

أما المنتج جيريمى ستيكلر فيقول «إن الافتقار للدعم يبدو وكأنهم يلكموننى فى قلبى وهويتى»

ويبدو أن مدينة لوس انجلوس التى تحتضن هوليوود قد فاجأت الجميع بصخب مسيرات ومظاهرات ضخمة تطالب بوقف إطلاق النار، وكان بالمسيرات يهود كثر، ويبدو أن هذا أحدث صدمة زلزلت هوليوود.

وكما تقول صحيفة نيويورك تايمز «كشفت ردود الفعل عن انقسام لم يدرك كثيرون فى هوليوود وجوده، وقد جعل هذا الانقسام العديد من اليهود يشعرون أنهم غرباء فى صناعة أسسوها وشعروا بالدعم والأمان فيها».