تقرير| «الخيم تأويهم».. حال سكان غزة النازحين لجنوب القطاع

صورة من الخيام
صورة من الخيام

بعدما طالب الجيش الإسرائيلي من الفلسطينيين بمغادرة منازلهم في شمال قطاع غزة والتوجه جنوبًا باعتباره مكانًا أكثر أمانًا من الجزء الشمالي، فماذا عن الأشخاص والعائلات الذين اضطروا للنزوح إلى الجنوب والذين يعيشون الآن في خيم بالعراء، خاصةً أنه حتى الأجزاء الجنوبية من القطاع قد طالتها الضربات الجوية الإسرائيلية؟ وكيف هو حالهم في تلك الظروف الصعبة، وكيف يجدون طعامهم ويمارسون حياتهم اليومية؟

استهدف القصف الإسرائيلي جميع أنحاء القطاع، بما في الجزء الجنوبي منه الذي اعتبره الجيش الإسرائيلي أنه أأمن للسكان في غزة، ولذلك نصحوهم بالذهاب هناك وأنهم سيكونون آمنين، وبالفعل بعض العائلات في القطاع قد ذهبوا بأطفالهم إلى الجنوب بعدما دمر الاحتلال منزلهم ولم يبقى لهم مكان آمن يأويهم والبعض الآخر نزح للجنوب ظنًا منهم أنه مكان آمن، وبالرغم من أنهم لم يعرفوا ما كان ينتظرهم إلا إنهم حاولوا الحفاظ على نسيج حياتهم اليومية وسط تلك الظروف القاسية.

وبينما الخوف يعتري غالبية النازحين، لا يعرفون بالضبط إلى أين سيتوجهون، بات البعض يتصل بمن يعرفه في جنوب غزة من صديق أو قريب، وظل آخرون يعانون تحت وطأة الضغط، جالسين في الشوارع يبحثون عن مأوى آمن.

وأصبحت العائلات في جنوب قطاع غزة، يعيشون لحظاتهم وأيامهم بين القلق والخوف الدائم كباقي حال سكان شمال القطاع الذي يقصفه الاحتلال والذي جاؤوا منه، حيث وجد الفلسطينيون أنفسهم يواجهون صعوبة كبيرة في تأمين احتياجاتهم اليومية بما في ذلك الطعام والمأوى والمياه والعلاج، خاصة مع وجود مرضى ونساء حوامل وشيوخ كبار وأطفال صغار.

وأسفل سقف قماشي معلق بين جدران وأعمدة اسمنتية، أي الخيم، يتجمع آلاف العائلات في جنوب غزة، يحملون معهم تجاربهم ومأساتهم، فالرجال والنساء والأطفال يشتركون في تجربة العيش في هذه الظروف القاسية على حد سواء، ويأملون أن تنتهي هذه الحرب الكارثية قريبًا، ليعودوا إلى حياة طبيعية ويتركوا وراءهم هذا الكابوس.


حال النازحين لجنوب القطاع بروايات «تقشعر لها الأبدان»

قال أحد النازحين بكلمات تعبق بالمعاناة: "إنني وعائلتي، التي تضم تسعة أفراد، وجدنا أنفسنا مضطرين للجوء إلى هذا الجزء الجنوبي، وهنا بقينا تحت أشعة الشمس الحارقة لمدة عشرة أيام قبل أن نتمكن من إقامة خيمتنا"، حسبما أفادت قناة "العربية" الإخبارية.

فحتى تشييد الخيم لم يكن سهلًا للنازحين في الجنوب، والبقاء في الشوارع أمر ممكن في هذه الظروف لبعض الأيام تحت أشعة الشمس في النهار، وفي الليل يكون الظلام الدامس ملاذهم.

وروت امرأة نازحة أخرى لجنوب غزة: أنه "حتى المياه للاستحمام لا تتوفر بسهولة، أصبحنا نشعر وكأننا أجساد بلا روح، والأمل في عودة إلى حياة طبيعية قد بات يتلاشى تدريجيا".

وأضاف صوت نازحة أخرى هذه الكلمات: "لقد تعبنا كثيرا بمعنى الكلمة تعبنا، حيث يجب علينا الوقوف في طوابير طويلة للوصول إلى الحمامات، ماذا يمكننا أن نتمنى؟ نحن ليس لدينا شيء، أصبحنا جسدًا فارغًا بدون حياة".

وفي مدينة خان يونس الجنوبية، التي كانت وجهة للعديد من النازحين، بما في ذلك يوسف حداد، الذي يروي قصته بصوت ينبض بالحزن والصدمة، حيث غادر منزله في مدينة غزة مع عائلته في الصباح واتجهوا جنوبًا، على الرغم من معرفتهم بأن هذه المنطقة غير آمنة أيضًا.

وأعرب حداد عن تلك التجربة بقوله: "لا أعتقد حتى أن هذا المكان آمنًا، ولكن لم يكن لدينا خيار سوى مغادرة منزلنا، ولم نكن نملك الوقت الكافي لجمع الكثير من ممتلكاتنا، فقد غادرت أنا ووالدي ووالدتي وأخواتي، ولم نأخذ معنا سوى شواحن الهواتف المحمولة وبضع ملابس بسيطة"، حسبما أفادت قناة "بي بي سي" الإخبارية.

وتعكس حكاية يوسف حداد الواقع الصعب الذي يواجهه آلاف النازحون غيره إلى جنوب قطاع غزة، وكذلك الضغوطات التي أجبرتهم على ترك منازلهم وممتلكاتهم في سبيل البحث عن مأوى وحماية، ولكن بسبب القصف الذي يطال أنحاء قطاع غزة بما في ذلك الجزء الجنوبي الذي نزح إليه الكثيرون، إلا أنهم أيضًا لم يجدوا هذا المكان الآمن للعيش فيه.