القوة الرشيدة وحكمة القائد| العلم والإيمان وأوهام القوة والطغيان

عبدالصادق الشوربجى
عبدالصادق الشوربجى

مصر فى أياد أمينة مخلصة تدرك جيدا الأوضاع فى المنطقة وتتعامل بحكمة وتعقل ولا تنجرف لاستفزازات

الرفض القاطع لفكرة التهجير أمر بديهى.. وتصفية القضية الفلسطينية لن تحدث

مصر لا ترضخ لضغوط كبار أو تآمر صغار أو مخططات قذرة وأحلام عبثية

9 ملايين ضيف على أرض مصر يردون على مزايدات المتاجرين بأمن الأوطان

هكذا دائما قدر الكبار، صبر وتحمل وألم رغم المرار، هكذا مصر وهكذا شعبها الأبى الكريم، هكذا هى الدولة الضاربة فى جذور وأعماق التاريخ والحضارة البشرية، تثبت مصر كما أثبتت دوما ولاتزال تعلم البشرية؛ كيف هى دبلوماسية الشرف والأمانة والعدل والإنسانية والإنصاف، دولة الوجه الواحد والموقف الواحد والمعايير والمبادئ الواحدة لا تعرف سياسة الكيل بمكيالين ولا ازدواجية المعايير البغيضة التى مارستها ولا تزال دول تبدو عظمى مدعية التقدم والتحضر ترفع زورا وبهتانا شعار حماية حقوق الإنسان عندما يتعلق الأمر بتصفية حسابات أو تآمر وبث فتنة واختلاق مشكلات.

ربما لا أبالغكم القول إن أكدت أن حديث الدقائق المعدودة لفخامة الرئيس عبدالفتاح السيسى سواء خلال تفقده إجراءات تفتيش حرب الفرقة الرابعة المدرعة بالجيش الثالث الميدانى أو خلال المؤتمر المشترك مع الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، حديث لم يترك كبيرة ولا صغيرة تدور فى عقل أى مواطن مصرى وعربى وحتى من كافة دول العالم المتابعة للمشهد إلا ووجد خلاله ردا وجوابا محكما بكلمات تحمل من الدلالات والحقائق الكثير والرسائل القوية الخاصة التى لا تحتاج شرحا أو تحليلا أو تفسيرا.

بكثير من الفخر والاعتزاز شاهدت كما شاهدت الملايين الغفيرة من جموع شعب مصر العظيم؛ إجراءات تفتيش حرب الفرقة الرابعة المدرعة بالجيش الثالث الميدانى، المشهد حقيقة عظيم ومدعاة للفخر والعزة والوطنية، علم وعمل، جاهزية وعطاء وولاء وانتماء، أبطال شجعان، وقادة عظماء، وقائد أعلى سيذكره التاريخ كثيرا، سطر بمواقف من ذهب دروسا ستكون منهجا وطريقا منيرا سيهتدى به كثيرون، كيف تكون الرؤية المستقبلية وكيف تم باكرا الاستعداد وقت كانت الدنيا سكونا، كيف تحمل وصبر وتعامل بحكمة ورشد وتعقل فى أصعب المواقف وأدقها. 

«حديثى للعسكريين والمدنيين: مُهم وأنت تمتلك القوة والقدرة أن تستخدمها بتعقل ورشد وحكمة دون طغيان أو أوهام.. التعامل بعقل ورشد وصبر، وحذار من الغضب والحماسة أو التجاوز..

الحذر كل الحذر من أوهام القوة فقد تدفعك لاتخاذ قرار فى غير محله مدفوعا بغضب أو حماسة زائدة».. كلمات قوية جدا ورسائل غاية فى الأهمية من الرئيس عبدالفتاح السيسى، لكل أبناء الشعب المصرى، هذه الكلمات التى تبث فى النفوس الثقة والطمأنينة والقوة بأن بلادنا فى أياد أمينة مخلصة تدرك جيدا مجمل الأوضاع فى المنطقة والإقليم وتتعامل بحكمة وتعقل لا تنجرف لاستفزازات ولا ترضخ لضغوط ولا يغيب عنها تآمر فى الخفاء أو خسة وخيانة تحاك هنا أو هناك، ولا تتردد أبدا فى صفع وتحذير من تملكته أوهام وأحلام عبثية لن تتحقق بإذن الله. 

«كل التحية والتقدير والاعتزاز بدور القوات المسلحة وقت الحرب والسلم.. القوة الحكيمة والرشيدة سمة من سمات القوات المسلحة التى تحمى وتصون وتبنى ولا تعتدى.. الأمن القومى والحفاظ عليه وحماية الحدود دور أصيل للقوات المسلحة.. مصر عبر تاريخها لم تتجاوز حدودها».. إشادة من الرئيس بدور جيشنا الوطنى القوى، درع الوطن وسيفه، حماة الحدود والأمن القومى ومقدرات الشعب..

كل التحية والتقدير لجيشنا الباسل الذى أثبت أنه على العهد والوعد سندا قويا وصلبا للدولة والشعب فى الكثير من المواقف، حماة الأرض والعرض، وفى كل الأزمات والتحديات على اختلاف أشكالها ومجالاتها نجده حاضرا وبقوة مقدما كل الدعم والمساندة الفورية.. أياد مصرية خالصة معمرة وبناءة.. حقا «يد تبنى ويد تحمل السلاح»..

توقفت كثيرا عند كلمات الزعيم السيسى حين قال: «النزاهة والشرف وعدم الخيانة أو التآمر.. التسلح بالعلم والإيمان السبيل الحقيقى لامتلاك قدرة لا تقهر مدعومة من أسباب الدنيا والسماء، ونصيحتى للقوات المسلحة: حافظوا على كفاءتكم وقدرتكم.. دائما كونوا جاهزين.. ودائما مصر وجيشها فى أمن وأمان وسلام بإذن الله».. 

اعتاد الرئيس فى الظروف الاعتيادية العابرة وأحلكها وأصعبها وأدقها على حد سواء؛ الحديث عن دبلوماسية الشرف والنزاهة، التى يراها وينفذها قولا وفعلا، وفى هذا العالم الذى أراه منفلتا وعزت فيه سياسة الشرف اللهم إلا من رحم ربى وربما ضربتهم ندرة نادرة؛ أرى أن العالم الآن ربما بحاجة ماسة للتعامل ولو بقليل من الشرف والنزاهة إذا كانت هناك نية لمواجهة حقيقية للأزمات التى أسفرت عن صراعات متعددة فى الكثير من دول العالم..  

التسلح بالعلم والإيمان، رسالة تلمس العقول والقلوب معا، رسالة واقعية تحمل الكثير من الدلالات فى دولة أرست دعائم العلوم على اختلافها منذ فجر التاريخ واحترمت الأديان والمقدسات والمعتقدات لكل من سكن أرضها وتحت سمائها.. بالعلم والإيمان سنمتلك قدرة لا تقهر، توجيه مستمر من القيادة السياسية بالعمل ومتابعة العلوم والتطورات التكنولوجية المستمرة والأخذ بالأسباب العلمية لتطوير القدرات، ونؤمن إيمانا كاملا بالسعى وبأن الله لن يضِيع أَجر مَنْ أَحسن عملا.

الواقع الآن والمشهد الراهن يقول إن أوهام القوة أصابت بلا شك دولة الاحتلال وآلة القتل الإسرائيلية التى تستبيح دماء أشقائنا الفلسطينيين فى غزة على مدار الساعة؛ فلا حكمة ولا رشد ولا صبر ولا عقلانية، بل مارسوا ما اعتادوا عليه، غرتهم قوتهم تجاه شعب أعزل، فأسرفوا فى قتل المدنيين لا يفرقون بين مسلح ولا طفل ولا امرأة ولا شيخ، إنها حرب إبادة بتفكير شاذ يتخطى حدود الأزمة الراهنة من مجرد رد على عملية «طوفان الأقصى»، فى محاولة لإجبار أشقائنا على ترك موطنهم وتهجيرهم قسرا إلى سيناء.

الصفعة جاءت قوية جدا من القاهرة؛ وقالها الزعيم السيسى، لن يحدث، ولا تفريط ولا تهاون، ولا تصفية للقضية الفلسطينية على حساب دول الجوار، ولو هناك فكرة فأمامكم صحراء النقب..

وهنا خَيَّم الصمت على الجميع.. نعم أدركت مصر سريعا جدا أبعاد وتداعيات الأزمة وكيف ستتطور الأوضاع وأعلنتها «صريحة أمام العالم فى قمة القاهرة للسلام: تصفية القضية الفلسطينية دون حل عادل لن يحدث، وفى كل الأحوال لن يحدث أبدا على حساب مصر».

وكصفعة «صحراء النقب»؛ جاءت صفعة أخرى أشد إيلاما وربما كاشفة وواضحة للمجتمع الدولى كله ولكل من يريد اصطيادا فى الماء العكر، حينما قال الرئيس السيسى: «إذا كان حل الدولتين لم ينجح والشعب الفلسطينى موجود على أرضه مش معقول ينجح وهما مش على أرضهم»، أعتقد أن الكبار والصغار الآن يدركون جيدا مع من يتعاملون ويلعبون، وربما حدثت رجفة وارتعاد للصغار الأقزام سفهاء الأحلام الذين حاولوا نهش جسد الدولة المصرية والمزايدة على مواقفها التاريخية والوطنية من القضية الفلسطينية.

مصر لن ترضخ لضغوط كبار أو تآمر صغار أو مخططات قذرة ومن يدعمها إقليميا أو دوليا، الرفض القاطع لفكرة النزوح والتهجير إلى سيناء أمر بديهى، التهجير فى محاولة يائسة لتصفية القضية الفلسطينية أمر لن يحدث مهما تآمر علينا حفنة المرتزقة المتاجرين بأمن الأوطان..

مصر أيها المرتزقة رغم التحديات الكبيرة التى تواجهها تحتضن ما يفوق 9 ملايين ضيف يعيشون على أراضيها ووسط المصريين ويحظون بجميع الخدمات والرعاية والاهتمام والاحترام..

9 ملايين ضيف ويزيد من جنسيات عربية متعددة، لا شك أن هذا الرقم يفوق تعداد دول بأكملها ما يشكل ضغطًا على الاقتصاد المصرى فيما يخص حجم الطلب على السلع والخدمات وحتى سوق العمل..

ستبقى مصر إن شاء الله حصنا ودرعا وسندا ولا يستطيع كائن من كان أن ينكر كيف تعاملت مع الأشقاء والأصدقاء فى أوقات الشدة والكرب.. لن نطيل فى هذا الأمر فكل يعمل وفق حضارته وتحضره وهكذا قدر الكبار.

حفظ الله مصر وأدام عليها نعمة الأمن والاستقرار