عصير القلم

غزة تنزف .. والعالم يتفرج

أحمد الإمام
أحمد الإمام

‭..‬نفس‭ ‬المشهد‭ ‬يتكرر‭ ‬منذ‭ ‬75‭ ‬عامًا‭ .. ‬نفس‭ ‬الجراح‭ ‬مازالت‭ ‬تنزف‭ ‬بغزارة‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تجد‭ ‬من‭ ‬يوقف‭ ‬نزيفها‭ ‬أو‭ ‬يضمدها‭ .‬

إسرائيل‭ ‬ترتكب‭ ‬المجازر‭ ‬بحق‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الأعزل‭ ‬والعالم‭ ‬يكتفي‭ ‬بمصمصة‭ ‬الشفايف‭ ‬والبكاء‭ ‬على‭ ‬أطفال‭ ‬فلسطين‭ ‬وإصدار‭ ‬بيانات‭ ‬الشجب‭ ‬والتنديد‭ ‬بجرائم‭ ‬الاحتلال‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يرفع‭ ‬أحدهم‭ ‬يده‭ ‬للدفاع‭ ‬عنهم‭ ‬إو‭ ‬إجبار‭ ‬الصهاينة‭ ‬على‭ ‬احترام‭ ‬القانون‭ ‬الانساني‭ ‬أولا‭ ‬قبل‭ ‬القوانين‭ ‬الدولية‭.‬

نفس‭ ‬المشهد‭ ‬يتكرر‭ ‬بنفس‭ ‬الادوات‭ ‬الغاشمة‭ ‬والعالم‭ ‬يتعامل‭ ‬بنفس‭ ‬ردود‭ ‬الافعال‭ ‬الفاترة‭.‬

إسرائيل‭ ‬تقصف‭ ‬بكل‭ ‬همجية‭ ‬ووحشية‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تفرق‭ ‬بين‭ ‬مدني‭ ‬وعسكري‭ ‬ودون‭ ‬أن‭ ‬تشغل‭ ‬بالها‭ ‬بعدد‭ ‬الضحايا‭.‬

وفي‭ ‬المقابل‭ ‬صمت‭ ‬عجيب‭ ‬من‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬ووقاحة‭ ‬أمريكية‭ ‬معتادة‭ ‬بفرملة‭ ‬أي‭ ‬قرار‭ ‬يدين‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭.‬

معركة‭ ‬غير‭ ‬متكافئة‭ ‬بين‭ ‬آلة‭ ‬عسكرية‭ ‬جبارة‭ ‬تضم‭ ‬أحدث‭ ‬ما‭ ‬أنتجته‭ ‬مصانع‭ ‬الاسلحة‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وتدخل‭ ‬إلى‭ ‬الخدمة‭ ‬مباشرة‭ ‬في‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬ربما‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬مخازن‭ ‬الجيش‭ ‬الامريكي‭ ‬نفسه‭.‬

وعلى‭ ‬الجانب‭ ‬الآخر‭ ‬شعب‭ ‬أعزل‭ ‬يواجه‭ ‬رصاصات‭ ‬قوات‭ ‬الاحتلال‭ ‬بصدور‭ ‬عارية‭ ‬وعزيمة‭ ‬لا‭ ‬تلين‭ ‬وايمان‭ ‬بعدالة‭ ‬قضيتهم‭ ‬وحقهم‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬على‭ ‬أرضهم‭.‬

لذلك‭ ‬ليس‭ ‬عجيبًا‭ ‬أن‭ ‬ترى‭ ‬جندي‭ ‬صهيوني‭ ‬يفر‭ ‬مدبرا‭ ‬وهو‭ ‬مدجج‭ ‬بالاسلحة‭ ‬أمام‭ ‬صبي‭ ‬فلسطيني‭ ‬شجاع‭ ‬لا‭ ‬يحمل‭ ‬في‭ ‬يده‭ ‬سوى‭ ‬حجر‭ ‬يلقيه‭ ‬على‭ ‬كلاب‭ ‬النار‭.‬

وهذا‭ ‬السلوك‭ ‬من‭ ‬الطرفين‭ ‬ليس‭ ‬غريبًا‭ ‬فالجندي‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬يعلم‭ ‬في‭ ‬قرارة‭ ‬نفسه‭ ‬أنه‭ ‬مجرد‭ ‬لص‭ ‬يسلب‭ ‬حقوق‭ ‬الآخرين‭ ‬ويسرق‭ ‬أرضهم‭ ‬،‭ ‬بينما‭ ‬الصبي‭ ‬الصغير‭ ‬يعلم‭ ‬أنه‭ ‬صاحب‭ ‬البيت‭ ‬وصاحب‭ ‬الارض‭ ‬وصاحب‭ ‬القضية‭ ‬العادلة‭.‬

السؤال‭ ‬هنا‭ .. ‬إلى‭ ‬متى‭ ‬يستمر‭ ‬هذا‭ ‬الظلم‭ ‬والهوان؟‭!‬

إسرائيل‭ ‬مازالت‭ ‬هي‭ ‬الدولة‭ ‬الوحيدة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬التي‭ ‬تحتل‭ ‬أراضي‭ ‬الغير‭ ‬بالقوة‭ ‬العسكرية‭.‬

إسرائيل‭ ‬هي‭ ‬الصورة‭ ‬القميئة‭ ‬الوحيدة‭ ‬المتبقية‭ ‬من‭ ‬الحقبة‭ ‬الاستعمارية‭ ‬البغيضة‭.‬

إسرائيل‭ ‬مازالت‭ ‬تحتل‭ ‬أجزاءً‭ ‬من‭ ‬جنوب‭ ‬لبنان‭ ‬ومرتفعات‭ ‬الجولان‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬ومازالت‭ ‬ترفض‭ ‬الحق‭ ‬الطبيعي‭ ‬والشرعي‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬إقامة‭ ‬دولته‭ ‬المستقلة‭.‬

قادة‭ ‬إسرائيل‭ ‬يتحدثون‭ ‬عن‭ ‬رغبتهم‭ ‬في‭ ‬السلام‭ ‬وحقهم‭ ‬في‭ ‬الدفاع‭ ‬الشرعي‭ ‬عن‭ ‬النفس‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬يبادر‭ ‬فيه‭ ‬طيرانهم‭ ‬بقتل‭ ‬الاطفال‭ ‬والمدنيين‭ ‬العزل‭ ‬وإزالة‭ ‬تجمعات‭ ‬سكنية‭ ‬كاملة‭ ‬من‭ ‬الوجود‭ ‬وقصف‭ ‬المستشفيات‭ ‬والمدارس‭ .‬

قادة‭ ‬إسرائيل‭ ‬يطلقون‭ ‬على‭ ‬جيشهم‭ ‬مصطلح‭ ‬جيش‭ ‬الدفاع‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬مجرد‭ ‬جيش‭ ‬استعماري‭ ‬استيطاني‭ .‬

قادة‭ ‬إسرائيل‭ ‬يطلقون‭ ‬على‭ ‬المقاومة‭ ‬الشرعية‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬مصطلح‭ ‬الارهاب‭ ‬ويجدون‭ ‬من‭ ‬يدعم‭ ‬وجهة‭ ‬النظر‭ ‬هذه‭ ‬في‭ ‬الاعلام‭ ‬الغربي‭ ‬بصفاقة‭ ‬لدرجة‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬الشعوب‭ ‬الأوروبية‭ ‬تؤمن‭ ‬فعلا‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬تدافع‭ ‬عن‭ ‬أمنها‭ ‬ضد‭ ‬تنظيمات‭ ‬إرهابية‭.‬

هل‭ ‬رأيتم‭ ‬كيف‭ ‬اختلت‭ ‬المعايير‭ ‬وكيف‭ ‬ارتدى‭ ‬الباطل‭ ‬ثوب‭ ‬الحق‭ .. ‬هل‭ ‬رأيتم‭ ‬كيف‭ ‬تحول‭ ‬القاتل‭ ‬إلى‭ ‬مجني‭ ‬عليه‭ ‬وكيف‭ ‬صار‭ ‬اغتصاب‭ ‬الارض‭ ‬دفاعًا‭ ‬شرعيًا‭ ‬عن‭ ‬النفس‭.‬

المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬الذي‭ ‬يغض‭ ‬الطرف‭ ‬عن‭ ‬الجرائم‭ ‬الوحشية‭ ‬والمذابح‭ ‬الجماعية‭ ‬التي‭ ‬ترتكبها‭ ‬إسرائيل‭ ‬منذ‭ ‬75‭ ‬سنة‭ ‬انتفض‭ ‬غضبا‭ ‬بعد‭ ‬نجاح‭ ‬حماس‭ ‬في‭ ‬توجيه‭ ‬ضربة‭ ‬موجعة‭ ‬للعمق‭ ‬الإسرائيلي‭.‬

لم‭ ‬يعد‭ ‬أمام‭ ‬أطفال‭ ‬غزة‭ ‬سوى‭ ‬اللجوء‭ ‬إلى‭ ‬السماء‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬عجزت‭ ‬حلول‭ ‬الارض‭ ‬،‭ ‬وكلي‭ ‬ثقة‭ ‬وايمان‭ ‬أن‭ ‬المولى‭ ‬عز‭ ‬وجل‭ ‬لن‭ ‬يخذلهم‭ ‬وسيجبرهم‭ ‬بالنصر‭ ‬المبين‭.  ‬


 

;