استثمار القوة الاقتصادية العربية.. والعدوان على غزة

د. حسن أبو طالب
د. حسن أبو طالب

في ظل العدوان المتصاعد في غزة، يجب على الدول العربية أن تدرك الدور الحاسم الذي تلعبه منطقتنا في الاقتصاد العالمي وإمكانياتها كمحفز للحلول الدبلوماسية، ومن الضروري أن ننظر في استخدام تأثيرنا الاقتصادي كوسيلة لتشجيع وقف لإطلاق النار وفتح الباب أمام السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، علينا أيضًا أن نشارك في حوارات مع الحكومات الغربية لنعبر عن أهمية تأثيرنا الاقتصادي وهدفنا المشترك نحو سلام دائم.

 

دول العرب، غنية بالموارد الطبيعية، وتمتلك نفوذًا اقتصاديًا كبيرًا يمكن أن يكون استخدام هذا النفوذ بحكمة وسيلة للتغيير الإيجابي في النزاع المستمر في غزة، من الضروري أن ننظر بجدية في العواقب المحتملة لاستخدام تأثيرنا الاقتصادي لتشجيع الدعم الدبلوماسي لوقف إطلاق النار.

 

أحد بطاقات الضغط الحاسمة في الصراع الحالي في الأراضي المحتلة قد تكون إمدادات النفط، والتي تعتبر ركيزة للاقتصاد العالمي. لدى الدول العربية القدرة على التلويح بتعديل إمدادات النفط، مما يؤثر قطعا على أسواق الطاقة. كما أن الغرب يعلم جيدا أن أي اضطرابات في هذه الإمدادات يمكن أن يسفر عنها نتائج تمتد إلى اقتصادات العالم بأسره فمن خلال اتخاذ قرار استراتيجي بالتلويح بالتأثير في إمدادات النفط، نحن بذلك نرسل إشارة واضحة إلى التزامنا بوقف العنف، وتشجيع المجتمع الدولي على إعطاء الأولوية للسلام.

 

بالإضافة إلى النفط، تعتبر الاستثمارات العربية في الدول الغربية كبيرة. تلك الاستثمارات، التي تغطي غالبًا مجموعة متنوعة من القطاعات، لها تأثير اقتصادي لا يمكن لأحد أن ينكره. من خلال إعادة تقييم استثماراتنا وإمكانية إعادة تشكيلها استجابة للوضع في غزة، نحن بذلك نرسل رسالة واضحة عن ضرورة حل الصراع والالتزام الكامل للعالم العربي بتحقيق السلام.

 

كل ما يمكن التخطيط للقيام به فيما يتعلق بالتدابير الاقتصادية، يجب أن يكون جزءًا من استراتيجية دبلوماسية أوسع، تسلط الضوء على هدف السلام والاستقرار يتعين على الدول العربية العمل معًا لضمان بقاء قنوات الدبلوماسية مفتوحة ونشطة. بينما نستخدم نفوذنا الاقتصادي للدفع نحو السلام، يجب علينا أيضًا أن نسعى للتعاون مع حكومات الدول الغربية والمنظمات الدولية وشركائنا في المنطقة من أجل وقف دائم لإطلاق النار هدفنا النهائي هو العثور على حل شامل وعادل للنزاع العربي - الإسرائيلي.

 

الدول العربية في وضع تستطيع من خلاله استغلال نفوذها الاقتصادي في خدمة السلام والاستقرار، فمن خلال مراعاة تأثيرات القدرات الاقتصادية، والمشاركة في حوارات مع حكومات الدول الغربية، وتأكيد الالتزام بالهدف السامي للسلام، يمكن للعرب أن يكونوا جزءًا أساسيًا في تحقيق وقف لإطلاق النار، وفي النهاية حل عادل ودائم للنزاع في فلسطين. إنه من مصلحة كل الدول، سواء كانت عربية أو غير عربية، أن تعمل من أجل مستقبل سلمي ومستقر في الشرق الأوسط.