استنكار المثقفين العرب العدوان على غزة

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

وسط هذا التخبط الدولي بين الإدانة والرفض واللاإدانة من بعض القوى التي تساند الكيان الصهيوني؛ صدرت عدة بيانات تعلن رفضها التام لهذا العدوان السافر على الشعب الفلسطينى والذي دمر كل ما على أرض غزة من البشر والأخضر واليابس.

بيان المثقّفين العرب: 

فى هذه اللحظة الفارقة التى يشنّ فيها الكيان الصهيونى حرب إبادة على أهلنا فى قطاع غزة متذرّعاً بدعاوى الإرهاب التى أصبحت لا تنطلى على أحد، نقف- نحن مثقفى العالم العربى الموقّعين على هذا البيان- لنعلن دعمنا غير المحدود لأهل غزة فى مقاومتهم المشروعة وإدانتنا غير المحدودة للكيان الصهيونى فى عدوانه الوحشيّ والبربريّ على أرواح الأبرياء.

اقرأ ايضاً| جمال الغيطاني.. النموذج الحداثي للمقريزي

الكيان الصهيونى الذى يكره البراءة فيقتل الأطفال، ويكره الحقيقة فيقتل الصحفيين، ويكره الطبيعة فيُجرّف أشجار الزيتون، يُتوّج بتصعيده هذا مسيرة طويلة من الانتهاكات؛ هذه الانتهاكات التى لم تقتصر على رفض كل القرارات الأمميّة، وتوسيع السرطان الاستيطانيّ، والتضييق على فلسطينيى الضفة والداخل واعتقالهم، والعدوان على المقدسات الإسلامية والمسيحية، وتأجيج العنف فى نفوس المستوطنين وتسليحهم، وحصار قطاع غزة وتجويع أهله، بل وتجاوز ذلك كله ليصل إلى مبتغاه النهائيّ المتمثل داخلياً بالتطهير العرقيّ المُمَنهج للشعب الفلسطينيّ حتى تتحقق الكذبة السافرة التى قام عليها المشروع الصهيونى فتصير فلسطين «أرضاً بلا شعب لشعبٍ بلا أرض»، وخارجيّاً عبر تمرير مشاريع التطبيع التى تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينيّة وتجريد العرب من كرامتهم.

جامعاً ما تفرّق فى البشريّة من فظاعات، وعلى مدار خمسة وسبعين عاماً، لم يترك الكيان الصهيونى المحتل قيمةً أخلاقيّة إلّا وانتهكها، ولا مبدأً حضاريّا إلّا وخرقه ولا قداسةً إنسانيّة إلّا وداس عليها بأحذية جنوده الملطّخة بدماء الأبرياء. على أنه هذه المرة قرّر أن يذهب أبعد فى طغيانه مستغلاً تواطؤ العالم وانحيازه، وأراد أن تكون مجزرته الوحشيّة ضدّ أهل غزة منقولةً على الهواء مباشرةً دون أدنى خجل أو مراعاة لما تبقّى من ضمير العالم. وإذا كان التاريخ البشريّ قد اعتاد على أن يمنح صوتاً للجلاد وصوتاً للضحيّة، فالكيان الصهيونى- الذى لم يعرف منذ قيامه غير السطو على حقوق الآخرين- سارع للسطو على الصوتين معاً ليكون فى الوقت ذاته مُطلِقَ الرصاصة فى الواقع ومتلقيها فى الأكذوبة.

إننا ونحن نوقّع هذا البيان، نتوجّه به إلى أهلنا فى غزة خاصةً، وفى فلسطين بشكل عام محيين صمودهم الأسطوريّ وكفاحَهم دفاعاً عن حقّهم التاريخيّ فى أرضهم ووقفتَهم الحضاريّة الشجاعة ضدّ طلائع الاستعمار والفاشيّة والعنصريّة. ونحن فى موقفنا هذا لا نعلن جديداً حين نحفظ لهم حقهم الطبيعيّ فى مقاومة مُحتلِّهم، فهو الحق الذى كفلته لهم كلّ شريعة وأقرّه كل قانون واطمأنَّ به كل عُرف... كما نتوجّه إلى الأمة العربيّة جمعاء، حكوماتٍ، ومنظماتٍ، وشعوباً، وأفراداً، لنناشدهم القيام بدورهم التاريخى فى دعم أشقائِهم الفلسطينيّين ضدّ هذا العدوان السّافر، ومساعدتهم بكلّ الطرق المعنويّة والماديّة الممكنة. مذكرين بضرورة ألّا ينصرف الهَمُّ وأَلّا تَبردَ الهِمّة حتى تنكشف غمامة الموت الثقيلة عن أهلنا فى غزة.

رأينا أعداداً من سياسيى الغرب ومثقفيه وإعلامييه وهم يتدافعون إلى عارهم الأبديّ ورأينا كيف أن خريف الطبيعة يبدو مجرّدَ ظلٍّ باهت للخريف الحقيقيّ، خريف دعاوى الديمقراطيّة والحريّة وحقوق الإنسان التى داستها أقدام هؤلاء المهرولين فى اتجاه دفع الكيان الصهيونى لاقتراف مجازره القادمة على أكمل وجه.

إنّنا فى هذه البقعة من العالم، أكثر من يتوق إلى السلام. ولكننا بقدر ما نتوق إليه نعرف حقّ المعرفة أن لا سلام بلا حريّة ولا سلام بلا عدالة ولا سلام بلا حقيقة. ولقد أثبتت الأيام أنَّ هذا الكيان الصهيونى لا يعادى شيئاً معاداته الحرية والعدالة والحقيقة.

ومن الموقعين: سعاد الصباح، إبراهيم نصرالله، قاسم حداد، إبراهيم الكونى، إبراهيم عبدالمجيد، بثينة العيسى، محمد بنيسى، سيف الرحبى، واسين الأعرج، أحمد عبدالمعطى حجازى، مارسيل خليفة، محمد برادة، عبدالمنعم رمضان، وإيمان مرسال.