فى الصميم

نازيون.. برعاية أمريكا وأوروبا!

جلال عارف
جلال عارف

لم تدخل إسرائيل أبداً أى حرب إلا فى حماية قوة عالمية أو أكثر.. وفى حرب 56 حرصت على أن تحصل على ضمانات مكتوبة من فرنسا وبريطانيا بحمايتها قبل أن تبدأ العدوان على مصر.. ثم كانت الهزيمة، ومع الهزيمة كانت فضيحة التآمر تنكشف للعالم كله(!!) وفى 67 كانت أمريكا جونسون هى المدبر والمخطط للحرب، وفى 73 كانت أمريكا هى المنقذ من الانهيار بعد أن اجتاحت جيوش مصر وسوريا كل الدفاعات الإسرائيلية.

الآن.. وفى حرب الإبادة التى تشنها إسرائيل على شعب فلسطين لا تكتفى الولايات المتحدة بالدعم والتأييد وانما ترسل الأساطيل لتحرس سواحل إسرائيل وتفتح خزائن أسلحتها الفتاكة لتساعد «دولة نووية» وهى تغتال شعباً أعزل، ثم تقود حملة تجنيد لكل الحلفاء الغربيين ليكون الجميع صفاً واحداً يدعم إسرائيل بلاد حدود.

وكانت هذه هى المرة الأولى التى يأتى فيها رئيس أمريكى «ورؤساء الدول الاوروبية» الى الكيان الصهيونى فى أثناء الحرب.. وتبنى الرواية الإسرائيلية الكاذبة عن قطع رؤوس الأطفال وحرق الضحايا واغتصاب النساء ثم اضطر البيت الأبيض للاعتذار وها هو بعد دقائق من وصوله لإسرائيل يتبنى مرة أخرى الرواية الإسرائيلية عن مذبحة مستشفى الكنيسة المعمدانية التى قتل فيها الإسرائيليون حوالى 500 شهيد من المرض والأطباء والنازحين.. وأظن أن علينا وعلى العالم أن ننتظر تكذيباً ثانياً من البيت الأبيض.

ورغم ذلك لن يصدق العالم أكاذيب إسرائيل التى تتبناها أمريكا، والرأى العام بدأ يدرك الحقائق ويعرف حجم ما ترتكبه إسرائيل فى «حرب الإبادة والتهجير» التى تشنها على شعب فلسطين بحجة الانتقام من حماس، بينما قنابل إسرائيل تحصد أرواح الأطفال والنساء الذين يمثلون ـ حتى الآن ـ أكثر من 60٪ من الشهداء.. وبينما مؤامرة التهجير تتضح من اللحظة الأولى حيث طلب نتنياهو من أهل غزة الرحيل عن مساكنهم ثم توالت الإنذارات بأن يتجهوا جنوباً، لتلاحقهم قنابل إسرائيل حتى حدود مصر!!

المؤامرة واضحة.. ولن تمر مهما كانت الظروف، فحدود مصر خط أحمر، ولا تفريط فى حبة رمل واحدة من سيناء، ولامجال لفتح هذا الباب المحرم الذى يسعى لتصفية القضية الفلسطينية، وشعب مصر وجيشها بالمرصاد لأى خطوة تقترب من الخطوط الحمراءـ على الناحية الأخرى  تعلم شعب فلسطين الدرس، ولن يترك أرضه أبداً، ولن يرضى بغير فلسطين وطناً ودولة وعاصمة هى القدس التى لن تكون إلا عربية..

ويبقى أيضاً أن كل الشعوب العربية تدرك معنا أن الخطر الأكبر قد يكون على الأردن الشقيق الذى تخطط إسرائيل منذ سنوات على تهجير سكان الضفة الغربية إليه، وهو ما ترفضه كل الشعوب العربية وتستعد لمواجهته ومواجهة الداعمين له!

الغريب أنه بعد كل هذه الجرائم النازية التى ترتكبها اسرائيل، تقف أمريكا وحدها فى مجلس الأمن لتمنع تمرير المشروع البرازيلى الذى أدان «حماس» وركز على هدنة انسانية وعلى دخول المساعدات الانسانية بحجة هزيلة هى أنه لم يؤكد «حق إسرائيل فى الدفاع عن نفسها»!! الأغرب أن يعود بايدن من المنطقة ليطلب مائة مليار دولار ـ دعما لإسرائيل وأوكرانيا (!!) وهو على كل حال علامة طيبة لأنه يعنى أن مصير الدولتين (إسرائيل وأوكرانيا) واحد.
ويبقى الأهم.. أننا بعد قرابة أسبوعين من بدء هذه الحرب، لا نجد صوتاً من الحكومات الغربية يدعو معنا لوقف القتال بل إن الاعلام الأمريكى كشف عن تعليمات للخارجية الأمريكية بألا يتحدث أحد منها عن وقف الحرب..

أو التهدئة، لحين إشعار آخر، أو مذابح أخرى وهو ما يعني أن الحرب مستمرة، ويد إسرائيل طليقة فى ارتكاب جرائمها النازية حتى تغير دول الغرب موقفها وتدرك أن مخطط تغيير خريطة الشرق الأوسط لا يمكن أن يتم بحرب إبادة إسرائيلية، أو تطبيع مجانى سقط قبل أن يبدأ، أو بمشروع مستحيل لتهجير الفلسطينيين عن وطنهم.

تغيير الأوضاع فى الشرق الأوسط له طريق واحد.. إنهاء الاحتلال الإسرائيلى العنصرى، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على كامل حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية، والاعتراف بفشل كل مشروعات تصفية القضية الفلسطينية، بما فيها التطبيع المجانى (أو الابراهيمي) والمشروعات النازية التى تريد إسرائيل منها جعل تهجير الفلسطينيين سياسة رسمية، والتوسع فى الاستيطان هدفاً أساسياً لحكومة إسرائيلية تتباهى بعنصريتها وتقدم ـ بامتياز ـ الطبقة الجديدة والمنقحة للنازية.. فى حراسة حكومات  الغرب هذه المرة.. أما الشعوب فلها رأى آخر.