تريند زمان l رشدى أباظة.. نجم ضل الطريق إلى العالمية

رشدي‭ ‬أباظة‭
رشدي‭ ‬أباظة‭

الفن‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬ضمن‭ ‬خطط‭ ‬الفنان‭ ‬رشدي‭ ‬أباظة‭ ‬المهنية،‭ ‬لكن‭ ‬الموضوع‭ ‬جاء‭ ‬بالصدفة‭ ‬عندما‭ ‬قابله‭ ‬المخرج‭ ‬بركات‭ ‬في‭ ‬نادي‭ ‬“البريدج”‭ ‬يلعب‭ ‬البلياردو،‭ ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬بدأت‭ ‬رحلته‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬السينما‭ ‬حين‭ ‬أسند‭ ‬إليه‭ ‬بركات‭ ‬دورًا‭ ‬مهمًا‭ ‬في‭ ‬فيلم‭ ‬“المليونيرة‭ ‬الصغيرة”‭ ‬عام‭ ‬1948،‭ ‬وبعدها‭ ‬بعامين‭ ‬سافر‭ ‬إلى‭ ‬إيطاليا‭ ‬لستة‭ ‬أشهر‭ ‬على‭ ‬أمل‭ ‬الظهور‭ ‬في‭ ‬أفلام‭ ‬إيطالية،‭ ‬لكن‭ ‬لم‭ ‬يكتب‭ ‬له‭ ‬النجاح‭ ‬هناك،‭ ‬ثم‭ ‬انصرف‭ ‬عن‭ ‬التمثيل‭ ‬إلى‭ ‬أمور‭ ‬أخرى،‭ ‬لكن‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬جينات‭ ‬الفن‭ ‬كان‭ ‬تأثيرها‭ ‬قوى‭ ‬عليه‭ ‬فعاد‭ ‬ومثل‭ ‬أدوارا‭ ‬صغيرة‭ ‬في‭ ‬أفلام‭ ‬“دليلة‭ - ‬رد‭ ‬قلبي‭ - ‬موعد‭ ‬غرام‭ - ‬جعلوني‭ ‬مجرما”‭ ‬وغيرها‭.‬

كان‭ ‬فيلم‭ ‬“إمرأة‭ ‬في‭ ‬الطريق”‭ ‬عام‭ ‬1958‭ ‬مع‭ ‬شكري‭ ‬سرحان‭ ‬وزكي‭ ‬رستم‭ ‬وهدى‭ ‬سلطان‭ ‬والذي‭ ‬أخرجه‭ ‬عز‭ ‬الدين‭ ‬ذو‭ ‬الفقار‭ ‬نقطة‭ ‬التحول‭ ‬فى‭ ‬حياة‭ ‬أباظة،‭ ‬والتي‭ ‬عن‭ ‬طريقها‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬استرد‭ ‬نجوميته،‭ ‬ثم‭ ‬قدم‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬أفلاما‭ ‬ذاتَ‭ ‬قيمة‭ ‬عالية‭ ‬منها‭ ‬“جميلة‭ ‬“‭ ‬عن‭ ‬البطلة‭ ‬الجزائرية‭ ‬جميلة‭ ‬بوحيرد،‭ ‬والذي‭ ‬أنتجته‭ ‬وقامت‭ ‬ببطولته‭ ‬ماجدة‭ ‬مع‭ ‬صلاح‭ ‬ذو‭ ‬الفقار‭ ‬وأحمد‭ ‬مظهر‭ ‬وأخرجه‭ ‬يوسف‭ ‬شاهين،‭ ‬و”ملاك‭ ‬وشيطان”‭ ‬وأنتجه‭ ‬صلاح‭ ‬وعز‭ ‬الدين‭ ‬ذو‭ ‬الفقار‭ ‬وأخرجه‭ ‬كمال‭ ‬الشيخ،‭ ‬و”وإسلاماه”‭ ‬و”في‭ ‬بيتنا‭ ‬رجل”‭ ‬مع‭ ‬عمر‭ ‬الشريف‭ ‬وأنتجه‭ ‬وأخرجه‭ ‬هنري‭ ‬بركات،‭ ‬و”الطريق”‭ ‬عن‭ ‬قصة‭ ‬الأديب‭ ‬نجيب‭ ‬محفوظ،‭ ‬و”لا‭ ‬وقت‭ ‬للحب”‭ ‬مع‭ ‬فاتن‭ ‬حمامة‭ ‬وأخرجه‭ ‬صلاح‭ ‬أبو‭ ‬سيف،‭ ‬و”الشياطين‭ ‬الثلاثة”‭ ‬و”الزوجة‭ ‬13”‭ ‬مع‭ ‬شادية‭ ‬وأخرجه‭ ‬فطين‭ ‬عبد‭ ‬الوهاب،‭ ‬و”الرجل‭ ‬الثاني”‭ ‬مع‭ ‬صلاح‭ ‬ذو‭ ‬الفقار‭ ‬وصباح‭ ‬وسامية‭ ‬جمال‭ ‬وأنتجه‭ ‬صلاح‭ ‬ذو‭ ‬الفقار‭ ‬وعز‭ ‬الدين‭ ‬ذو‭ ‬الفقار‭ ‬وأخرجه‭ ‬أيضًا‭ ‬عز‭ ‬الدين‭ ‬ذو‭ ‬الفقار،‭ ‬و”الساحرة‭ ‬الصغيرة”‭ ‬و”صغيرة‭ ‬على‭ ‬الحب”‭ ‬مع‭ ‬سعاد‭ ‬حسني‭ ‬وأنتجته‭ ‬مديحة‭ ‬يسري‭ ‬وأخرجه‭ ‬نيازي‭ ‬مصطفي،‭ ‬و”صراع‭ ‬في‭ ‬النيل”‭ ‬و”عروس‭ ‬النيل”‭ ‬وأنتجه‭ ‬رمسيس‭ ‬نجيب‭ ‬وأخرجه‭ ‬فطين‭ ‬عبد‭ ‬الوهاب،‭ ‬و”زوجة‭ ‬من‭ ‬باريس”‭ ‬مع‭ ‬صلاح‭ ‬ذو‭ ‬الفقار‭ ‬وفؤاد‭ ‬المهندس،‭ ‬و”شيء‭ ‬في‭ ‬صدري”‭ ‬وأنتجه‭ ‬رمسيس‭ ‬نجيب‭ ‬وأخرجه‭ ‬كمال‭ ‬الشيخ،‭ ‬و”وراء‭ ‬الشمس”‭ ‬و”أريد‭ ‬حلا”‭ ‬مع‭ ‬فاتن‭ ‬حمامة‭ ‬وأنتجه‭ ‬صلاح‭ ‬ذو‭ ‬الفقار‭ ‬وأخرجه‭ ‬سعيد‭ ‬مرزوق،‭ ‬و”غروب‭ ‬وشروق”‭ ‬إخراج‭ ‬كمال‭ ‬الشيخ،‭ ‬و”حكايتي‭ ‬مع‭ ‬الزمان”‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬روائع‭ ‬الأفلام‭.‬

هوليوود

إلمام‭ ‬أباظة‭ ‬باللغات‭ ‬المختلفة‭ ‬جعله‭ ‬مرشحا‭ ‬للعالمية،‭ ‬وكان‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬يسبق‭ ‬عمر‭ ‬الشريف‭ ‬إلى‭ ‬هوليوود‭ ‬ويغزو‭ ‬السينما‭ ‬العالمية‭ ‬لولا‭ ‬أنه‭ ‬أضاع‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الفرص،‭ ‬وعمل‭ ‬كدوبلير‭ ‬للنجم‭ ‬العالمي‭ ‬روبرت‭ ‬تايلور‭ ‬في‭ ‬فيلم‭ ‬“وادي‭ ‬الملوك”،‭ ‬واشترك‭ ‬في‭ ‬فيلم‭ ‬“الوصايا‭ ‬العشر”‭ ‬للمخرج‭ ‬العالمي‭ ‬سيسيل‭ ‬ديميل،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الأعمال،‭ ‬حتى‭ ‬أن‭ ‬فيلم‭ ‬“لورانس‭ ‬العرب”‭ ‬عرض‭ ‬عليه‭ ‬قبل‭ ‬عمر‭ ‬الشريف،‭ ‬لكنه‭ ‬رفض‭ ‬السفر‭ ‬عندما‭ ‬طلبوا‭ ‬منه‭ ‬إجراء‭ ‬إختبار‭ ‬تمثيل،‭ ‬وذلك‭ ‬بسبب‭ ‬إعتزازه‭ ‬بنفسه،‭ ‬وأعتبر‭ ‬أنه‭ ‬طلب‭ ‬يسيء‭ ‬لتاريخه‭ ‬الفني‭.‬

قدم‭ ‬رشدي‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬100‭ ‬فيلم‭ ‬منذ‭ ‬بداياته‭ ‬عام‭ ‬1948،‭ ‬في‭ ‬الكثير‭ ‬منها‭ ‬أخذ‭ ‬البطولة‭ ‬أو‭ ‬البطولة‭ ‬المشتركة‭ ‬مع‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الممثلين‭ ‬والممثلات،‭ ‬وفي‭ ‬عام‭ ‬1980‭ ‬أنتهى‭ ‬أباظة‭ ‬من‭ ‬تصوير‭ ‬فيلم‭ ‬“سأعود‭ ‬بلا‭ ‬دموع”‭ ‬وهو‭ ‬آخر‭ ‬فيلم‭ ‬كامل‭ ‬يصوره،‭ ‬بينما‭ ‬كان‭ ‬آخر‭ ‬أفلامه‭ ‬فيلم‭ ‬“الأقوياء”‭ ‬الذى‭ ‬توفي‭ ‬أثناء‭ ‬تصويره،‭ ‬وقام‭ ‬الفنان‭ ‬صلاح‭ ‬نظمي‭ ‬باستكمال‭ ‬الفيلم‭ ‬كدوبلير‭ ‬له،‭ ‬وآخر‭ ‬مسلسل‭ ‬تليفزيوني‭ ‬لم‭ ‬يكتمل‭ ‬بعد‭ ‬رحيله‭ ‬كان‭ ‬بالصدفة‭ ‬يحمل‭ ‬اسم‭ ‬“صفقة‭ ‬الموت”‭.‬

تم‭ ‬اختيار‭ ‬12‭ ‬فيلما‭ ‬شارك‭ ‬فيها‭ ‬أباظة‭ ‬في‭ ‬قائمة‭ ‬أفضل‭ ‬100‭ ‬فيلم‭ ‬في‭ ‬ذاكرة‭ ‬السينما،‭ ‬هي‭: ‬“جعلوني‭ ‬مجرما‭ - ‬حياة‭ ‬أو‭ ‬موت‭ - ‬رد‭ ‬قلبي‭ ‬–‭ ‬جميلة‭ ‬بوحريد‭ - ‬إمرأة‭ ‬في‭ ‬الطريق‭ - ‬صراع‭ ‬في‭ ‬النيل‭ ‬–‭ ‬المراهقات‭ - ‬في‭ ‬بيتنا‭ ‬رجل‭ ‬–‭ ‬وا‭ ‬إسلاماه‭ - ‬الزوجة‭ ‬13‭ - ‬غروب‭ ‬وشروق‭ - ‬وأريد‭ ‬حلا”‭.‬

سهام‭ ‬“كيوبيد”

عندما‭ ‬نتناول‭ ‬قصة‭ ‬حياة‭ ‬أباظة‭ ‬الملقب‭ ‬بـ”الدنجوان”،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نبحث‭ ‬عن‭ ‬قصص‭ ‬العشق‭ ‬والهوى،‭ ‬والتي‭ ‬بدأت‭ ‬مبكرا‭ ‬وهو‭ ‬في‭ ‬سن‭ ‬الـ19‭ ‬عامًا،‭ ‬بعدما‭ ‬أحب‭ ‬فتاة‭ ‬إنجليزية‭ ‬تدعى‭ ‬دوريس‭ ‬راسل،‭ ‬كانت‭ ‬تسكن‭ ‬في‭ ‬العمارة‭ ‬المواجه‭ ‬له‭ ‬بشارع‭ ‬مسرة‭ ‬بشبرا،‭ ‬لكن‭ ‬لم‭ ‬تدم‭ ‬قصة‭ ‬الحب‭ ‬بينهما‭ ‬طويلًا،‭ ‬واضطرت‭ ‬دوريس‭ ‬ابنة‭ ‬مساعد‭ ‬حكمدار‭ ‬أمن‭ ‬القاهرة‭ ‬البريطاني‭ ‬للسفر‭ ‬مع‭ ‬أسرتها‭ ‬إلى‭ ‬إنجلترا،‭ ‬ليصاب‭ ‬رشدي‭ ‬باكتئاب‭ ‬حاد‭ ‬استمر‭ ‬عدة‭ ‬أشهر‭.‬

ومع‭ ‬إنشغاله‭ ‬بالأعمال‭ ‬الفنية‭ ‬بدأ‭ ‬يتناسى‭ ‬الأمر،‭ ‬حتى‭ ‬تعرف‭ ‬على‭ ‬الفنانة‭ ‬كاميليا،‭ ‬ولسوء‭ ‬حظه‭ ‬تلقى‭ ‬تهديدا‭ ‬بالقتل‭ ‬من‭ ‬الملك‭ ‬فاروق‭ ‬بسبب‭ ‬منافسته‭ ‬على‭ ‬حبها،‭ ‬حتى‭ ‬أن‭ ‬أباظة‭ ‬أضطر‭ ‬للسفر‭ ‬إلى‭ ‬إيطاليا‭ ‬بعدما‭ ‬امتنع‭ ‬المنتجون‭ ‬عن‭ ‬التعامل‭ ‬معه‭ ‬مجاملة‭ ‬لحبيبة‭ ‬الملك‭ ‬فاروق،‭ ‬حتى‭ ‬توفيت‭ ‬محترقة‭ ‬في‭ ‬حادث‭ ‬سقوط‭ ‬طائرة،‭ ‬بينما‭ ‬كان‭ ‬هو‭ ‬وقتها‭ ‬موجودًا‭ ‬في‭ ‬إيطاليا،‭ ‬وفور‭ ‬علمه‭ ‬بالحادثة‭ ‬أصيب‭ ‬بإنهيار‭ ‬عصبي‭ ‬وأخذ‭ ‬يشرب‭ ‬الخمر‭ ‬بلا‭ ‬وعي‭ ‬حتى‭ ‬أشرف‭ ‬على‭ ‬الموت،‭ ‬ونُقل‭ ‬إلى‭ ‬المستشفى،‭ ‬وسيطرت‭ ‬عليه‭ ‬حالة‭ ‬الاكتئاب‭ ‬لمدة‭ ‬سنة‭ ‬كاملة‭.‬

الأصدق‭ ‬أم‭ ‬الأسرع

أباظة‭ ‬تزوج‭ ‬5‭ ‬مرات،‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬الفنانة‭ ‬تحية‭ ‬كاريوكا،‭ ‬حيث‭ ‬عقد‭ ‬قرانهما‭ ‬عام‭ ‬1952‭ ‬واستمر‭ ‬3‭ ‬سنوات،‭ ‬ثم‭ ‬دخل‭ ‬بعدها‭ ‬في‭ ‬علاقة‭ ‬سريعة‭ ‬مع‭ ‬زوجة‭ ‬صديقه‭ ‬المغني‭ ‬بوب‭ ‬عزام‭ ‬شقيق‭ ‬المطربة‭ ‬داليدا‭ ‬وتدعى‭ ‬بربارا،‭ ‬حتى‭ ‬طلبت‭ ‬الطلاق‭ ‬من‭ ‬زوجها‭ ‬وتزوجته،‭ ‬وأنجبت‭ ‬ابنته‭ ‬الوحيدة‭ ‬قسمت،‭ ‬التي‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬عشقها‭ ‬لحياته‭ ‬الفنية‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬دفئ‭ ‬واهتمام‭ ‬الفنانة‭ ‬الاستعراضية‭ ‬سامية‭ ‬جمال‭ ‬أثناء‭ ‬تصويرهما‭ ‬فيلم‭ ‬“الزوج‭ ‬الثاني”‭ ‬كان‭ ‬كفيلًا‭ ‬بإنهاء‭ ‬علاقتها‭ ‬بعد‭ ‬زواج‭ ‬دام‭ ‬4‭ ‬سنوات،‭ ‬بعدما‭ ‬إنتشرت‭ ‬أخبار‭ ‬علاقة‭ ‬أباظة‭ ‬بالفنانة‭ ‬الحسناء،‭ ‬ووصل‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬باربرا،‭ ‬وهنا‭ ‬إشتعلت‭ ‬الخلافات‭ ‬بينهما،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬حاول‭ ‬أباظة‭ ‬إنقاذ‭ ‬زواجه‭ ‬من‭ ‬أم‭ ‬إبنته‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬تعلّقه‭ ‬بسامية،‭ ‬حتى‭ ‬أنه‭ ‬عندما‭ ‬عرض‭ ‬عليه‭ ‬بطولة‭ ‬فيلم‭ ‬“صراع‭ ‬فى‭ ‬النيل”،‭ ‬وجدها‭ ‬فرصة‭ ‬جيدة‭ ‬لإصطحاب‭ ‬زوجته‭ ‬معه‭ ‬لمحاولة‭ ‬تحسين‭ ‬الوضع،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الأمور‭ ‬لم‭ ‬تسر‭ ‬مثلما‭ ‬أراد،‭ ‬وحدث‭ ‬الانفصال‭ ‬في‭ ‬النهاية‭.‬

وبعد‭ ‬عدة‭ ‬شهور‭ ‬بدأت‭ ‬سامية‭ ‬تقوي‭ ‬علاقتها‭ ‬مع‭ ‬ابنته،‭ ‬حتى‭ ‬أن‭ ‬والدته‭ ‬أحبتها‭ ‬كثيراً،‭ ‬لأنها‭ ‬لاحظت‭ ‬تغييرا‭ ‬جذريا‭ ‬في‭ ‬سلوك‭ ‬ابنها،‭ ‬حيث‭ ‬جعلت‭ ‬منه‭ ‬رجلاً‭ ‬مسئولاً‭.‬

تزوج‭ ‬أباظة‭ ‬من‭ ‬سامية‭ ‬جمال‭ ‬في‭ ‬سبتمبر‭ ‬عام‭ ‬1962،‭ ‬مما‭ ‬إستفز‭ ‬طليقته‭ ‬باربرا،‭ ‬فطالبت‭ ‬بحضانة‭ ‬ابنتها،‭ ‬لكن‭ ‬أباظة‭ ‬رفض‭ ‬التخلي‭ ‬عن‭ ‬حضانة‭ ‬قسمت،‭ ‬وانتقل‭ ‬إلى‭ ‬عمارة‭ ‬ليبون،‭ ‬حيث‭ ‬تقيم‭ ‬سامية‭ ‬التي‭ ‬تخلت‭ ‬بهذا‭ ‬الزواج‭ ‬عن‭ ‬حلمها،‭ ‬وأصبحت‭ ‬“ست‭ ‬البيت”‭ ‬تماماً‭ ‬كما‭ ‬يريد،‭ ‬فكانت‭ ‬تحضر‭ ‬له‭ ‬حقيبة‭ ‬ملابسه‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬دور‭ ‬بطولة‭ ‬يحصل‭ ‬عليه‭.‬

الزوبعة

لكن‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬“الدنجوان”‭ ‬لا‭ ‬تسير‭ ‬الأمور‭ ‬بشكل‭ ‬هادىء‭ ‬على‭ ‬طول‭ ‬الخط،‭ ‬فعندما‭ ‬سافر‭ ‬إلى‭ ‬لبنان‭ ‬لتصوير‭ ‬فيلم‭ ‬“إيدك‭ ‬عن‭ ‬مراتي”،‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬مشهد‭ ‬ترتدي‭ ‬فيه‭ ‬“الشحرورة”‭ ‬صباح‭ ‬فستان‭ ‬زفاف‭ ‬وتتزوج‭ ‬من‭ ‬أباظة‭ ‬أمام‭ ‬الكاميرات،‭ ‬إلا‭ ‬أنهما‭ ‬اتخذا‭ ‬الأمر‭ ‬بشكل‭ ‬جدي‭ ‬وبدأ‭ ‬بدعابة‭ ‬وأنتهى‭ ‬باتصال‭ ‬أباظة‭ ‬بشقيقته‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تعيش‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬صيدا‭ ‬يخبرها‭ ‬بقدومه‭ ‬إلى‭ ‬المدينة‭ ‬وعليها‭ ‬أن‭ ‬تستدعي‭ ‬مأذون‭ ‬لأنه‭ ‬سيتزوج‭ ‬من‭ ‬صباح،‭ ‬مما‭ ‬أصابها‭ ‬بالصدمة،‭ ‬لأنه‭ ‬وقتها‭ ‬كان‭ ‬متزوجا‭ ‬من‭ ‬سامية‭ ‬ويحبها‭ ‬بشدة،‭ ‬لكن‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬علمت‭ ‬“الشحرورة”‭ ‬بأن‭ ‬سامية‭ ‬على‭ ‬ذمته‭ ‬فطلبت‭ ‬الطلاق،‭ ‬وخافت‭ ‬أن‭ ‬يقال‭ ‬عليها‭ ‬“خطافة‭ ‬رجالة”،‭ ‬لكن‭ ‬أباظة‭ ‬كان‭ ‬عنيدا‭ ‬ورفض‭ ‬طلاقها‭ ‬بسهولة،‭ ‬حتى‭ ‬أنها‭ ‬طلبت‭ ‬من‭ ‬محاميها‭ ‬التدخل،‭ ‬وبالفعل‭ ‬وقع‭ ‬الطلاق‭ ‬بعد‭ ‬أسبوعين‭ ‬لتكون‭ ‬أسرع‭ ‬زيجة‭ ‬في‭ ‬حياته،‭ ‬وعاد‭ ‬إلى‭ ‬مصر‭ ‬ليجد‭ ‬سامية‭ ‬قد‭ ‬تركت‭ ‬منزل‭ ‬الزوجية‭ ‬وترفض‭ ‬كل‭ ‬محاولاته‭ ‬للصلح،‭ ‬حتى‭ ‬أنه‭ ‬بعد‭ ‬شهور‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬فقد‭ ‬الأمل‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تعود‭ ‬سامية‭ ‬إليه،‭ ‬حتى‭ ‬أنه‭ ‬حاول‭ ‬الانتحار‭ ‬عدة‭ ‬مرات،‭ ‬وكاد‭ ‬يطلق‭ ‬الرصاص‭ ‬على‭ ‬نفسه‭ ‬من‭ ‬مسدسه‭ ‬لولا‭ ‬تدخل‭ ‬ابن‭ ‬عمه‭ ‬الذي‭ ‬أصلح‭ ‬العلاقة‭ ‬بينه‭ ‬وبين‭ ‬سامية‭ ‬فيما‭ ‬بعد،‭ ‬والتي‭ ‬عادت‭ ‬إليه‭ ‬وكانت‭ ‬تساعده‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬والأعمال‭ ‬واختيار‭ ‬الأفلام‭.‬

بعدها‭ ‬رشحت‭ ‬المنتجة‭ ‬​آسيا‭ ‬داغر​‭ ‬سامية‭ ‬لبطولة‭ ‬فيلم‭ ‬“الشيطان‭ ‬والخريف”،‭ ‬فوافق‭ ‬رشدي‭ ‬على‭ ‬عودة‭ ‬سامية‭ ‬إلى‭ ‬التمثيل،‭ ‬خصوصًا‭ ‬أنه‭ ‬هو‭ ‬البطل‭ ‬أمامها،‭ ‬وأثناء‭ ‬تصويرها‭ ‬مشاهدها‭ ‬أُصيبت‭ ‬سامية‭ ‬بشلل‭ ‬مؤقت،‭ ‬واستمر‭ ‬زواجهما‭ ‬قرابة‭ ‬18‭ ‬عاماً،‭ ‬لكن‭ ‬بعدما‭ ‬توفي‭ ‬المخرج‭ ‬عز‭ ‬الدين‭ ‬ذوالفقار،‭ ‬تأثّر‭ ‬أباظة،‭ ‬خصوصاً‭ ‬أنه‭ ‬دعمه‭ ‬كثيراً،‭ ‬وأصبح‭ ‬الأخير‭ ‬يسرف‭ ‬في‭ ‬شرب‭ ‬الخمور،‭ ‬وزادت‭ ‬عصبيته،‭ ‬وكانت‭ ‬سامية‭ ‬إلى‭ ‬جانبه‭ ‬تسامحه‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬تصرفاته،‭ ‬وتكافح‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إثناءه‭ ‬عن‭ ‬الشرب،‭ ‬حتى‭ ‬أنهما‭ ‬تشاجرا‭ ‬مرة‭ ‬وقال‭ ‬لها‭: ‬“عشت‭ ‬طول‭ ‬حياتي‭ ‬حر‭ ‬وهاموت‭ ‬حر‭.. ‬ومش‭ ‬هسمح‭ ‬لحد‭ ‬أن‭ ‬يتحكم‭ ‬فيا”‭.‬

استسلمت‭ ‬وقتها‭ ‬سامية‭ ‬وطلبت‭ ‬الطلاق،‭ ‬فجمع‭ ‬رشدي‭ ‬أغراضه‭ ‬وغادر‭ ‬منزله‭ ‬بعد‭ ‬17‭ ‬عاماً‭ ‬من‭ ‬الزواج،‭ ‬وانفصلا‭ ‬عام‭ ‬1977‭.‬

وبمرور‭ ‬الوقت‭ ‬ندم‭ ‬على‭ ‬طلاقه‭ ‬لها‭ ‬وحاول‭ ‬أن‭ ‬يصالحها‭ ‬كثيرا،‭ ‬لكنه‭ ‬فشل،‭ ‬حتى‭ ‬تدخل‭ ‬بعض‭ ‬الأصدقاء،‭ ‬فقبلت‭ ‬بشرط‭ ‬أن‭ ‬يترك‭ ‬الشرب،‭ ‬فوافق‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬صعوبة‭ ‬الأمر‭ ‬عليه،‭ ‬لكنه‭ ‬فوجىء‭ ‬برقصه‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬حفل‭ ‬​مهرجان‭ ‬القاهرة‭ ‬السينمائي،​‭ ‬فعاد‭ ‬لشرب‭ ‬الخمر‭ ‬مبرراً‭ ‬أنه‭ ‬غضب‭ ‬من‭ ‬تصرفها،‭ ‬فهو‭ ‬وافق‭ ‬أن‭ ‬ترقص‭ ‬في‭ ‬الأفلام‭ ‬وليس‭ ‬أمام‭ ‬الجمهور،‭ ‬وهكذا‭ ‬أسدلت‭ ‬الستارة‭ ‬نهائياً‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬على‭ ‬علاقته‭ ‬بسامية‭.‬

‭ ‬أما‭ ‬نبيلة‭ ‬أباظة‭ ‬فكانت‭ ‬ابنة‭ ‬عمه‭ ‬وزوجته‭ ‬الخامسة‭ ‬التي‭ ‬تزوجها‭ ‬عام‭ ‬1979‭ ‬قبل‭ ‬وفاته‭ ‬بعام‭ ‬واحد‭.‬

المحطة‭ ‬الأخيرة

عام‭ ‬1980‭ ‬سافر‭ ‬أباظة‭ ‬للعاصمة‭ ‬البريطانية‭ ‬لندن‭ ‬بعدما‭ ‬عانى‭ ‬من‭ ‬آلام‭ ‬مبرحة،‭ ‬وكشفت‭ ‬التقارير‭ ‬الطبية‭ ‬التي‭ ‬أصدرها‭ ‬الأطباء‭ ‬المعالجون‭ ‬له‭ ‬بأنه‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬سرطان‭ ‬بالمخ،‭ ‬وأكدوا‭ ‬أنه‭ ‬لن‭ ‬يعيش‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬3‭ ‬أشهر‭ ‬فقط،‭ ‬لأن‭ ‬مرض‭ ‬السرطان‭ ‬بدأ‭ ‬في‭ ‬إفتراس‭ ‬جسده‭.‬

وإعترفت‭ ‬والدته‭ ‬فيما‭ ‬بعد‭ ‬إنها‭ ‬مررت‭ ‬هذه‭ ‬التقارير‭ ‬من‭ ‬أسفل‭ ‬باب‭ ‬غرفته‭ ‬عن‭ ‬عمد‭ ‬ليعرف‭ ‬حقيقة‭ ‬مرضه،‭ ‬وما‭ ‬يعاني‭ ‬منه،‭ ‬والذي‭ ‬كان‭ ‬له‭ ‬أثر‭ ‬سيء‭ ‬في‭ ‬نفسه‭ ‬وساهم‭ ‬بتدهور‭ ‬حالته‭ ‬الصحية،‭ ‬وعاد‭ ‬بعدها‭ ‬إلى‭ ‬مصر،‭ ‬وتم‭ ‬نقله‭ ‬لمستشفى‭ ‬العجوزة‭ ‬وهو‭ ‬يعاني‭ ‬آلامًا‭ ‬مبرحة‭ ‬في‭ ‬الأسبوع‭ ‬الأخير‭ ‬من‭ ‬حياته،‭ ‬كما‭ ‬أصيب‭ ‬بالضعف‭ ‬الشديد،‭ ‬وأصر‭ ‬أن‭ ‬يدفع‭ ‬مصاريف‭ ‬علاجه‭ ‬رافضًا‭ ‬العلاج‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬الدولة‭ ‬أو‭ ‬حساب‭ ‬أي‭ ‬هيئة‭ ‬فنية،‭ ‬وبالفعل‭ ‬أعطى‭ ‬شقيقه‭ ‬شيكًا‭ ‬مفتوحًا‭ ‬لكي‭ ‬يتمكن‭ ‬من‭ ‬سداد‭ ‬ما‭ ‬يترتب‭ ‬على‭ ‬إقامته‭ ‬وعلاجه‭ ‬في‭ ‬المستشفى،‭ ‬ولم‭ ‬يعلم‭ ‬بدخوله‭ ‬المستشفى‭ ‬سوى‭ ‬شقيقه‭ ‬فكري‭ ‬وزوجته‭ ‬الفنانة‭ ‬حياة‭ ‬قنديل‭ ‬والفنانة‭ ‬نادية‭ ‬لطفي‭ ‬أقرب‭ ‬صديقاته،‭ ‬التي‭ ‬أجّلت‭ ‬سفرها‭ ‬إلى‭ ‬لندن‭ ‬لتصوير‭ ‬مسلسل‭ ‬من‭ ‬بطولتها‭ ‬لكي‭ ‬تبقى‭ ‬إلى‭ ‬جانبه‭ ‬في‭ ‬مرضه‭.‬

وقتها‭ ‬استقبلت‭ ‬المستشفى‭ ‬عددًا‭ ‬من‭ ‬الشبان‭ ‬أبدوا‭ ‬إستعدادهم‭ ‬أن‭ ‬يهبوا‭ ‬أي‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬أجسادهم‭ ‬لإنقاذ‭ ‬أباظة‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬شفاءٌ‭ ‬له‭.‬

ورحل‭ ‬أباظة‭ ‬صباح‭ ‬يوم‭ ‬27‭ ‬يوليو‭ ‬1980‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬توقف‭ ‬قلبه‭ ‬عن‭ ‬الخفقان،‭ ‬وكانَ‭ ‬قبل‭ ‬48‭ ‬ساعة‭ ‬فقط‭ ‬فاقَ‭ ‬من‭ ‬غيبوبته‭ ‬لعدة‭ ‬دقائق‭ ‬حيثُ‭ ‬رأى‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬حفيده‭ ‬أدهم‭ ‬دياب‭ ‬الابن‭ ‬الأول‭ ‬لابنته‭ ‬قسمت‭ ‬وزوجها‭ ‬رجل‭ ‬الأعمال‭ ‬والفنان‭ ‬أحمد‭ ‬دياب،‭ ‬وعندما‭ ‬أعلن‭ ‬الأطباء‭ ‬وفاته‭ ‬أصيبت‭ ‬نادية‭ ‬لطفي‭ ‬بالإغماء،‭ ‬كما‭ ‬انهارت‭ ‬قسمت‭ ‬وأخذت‭ ‬تبكي‭ ‬وهي‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬صعبة‭ ‬من‭ ‬التشنُّج‭ ‬ولم‭ ‬تفلح‭ ‬الأدوية‭ ‬المهدئة‭ ‬في‭ ‬إعادتها‭ ‬إلى‭ ‬طبيعتها‭.‬

حضرت‭ ‬سامية‭ ‬جمال‭ ‬الجنازة‭ ‬متخفية‭ ‬لكي‭ ‬لا‭ ‬يعرفها‭ ‬أحد،‭ ‬وبعد‭ ‬3‭ ‬أيام‭ ‬زارت‭ ‬قبره‭ ‬وقرأت‭ ‬له‭ ‬القرآن،‭ ‬ثم‭ ‬قالت‭: ‬“كان‭ ‬نفسي‭ ‬تموت‭ ‬في‭ ‬حضني‭ ‬يا‭ ‬رشدي‭ ‬إنت‭ ‬اللي‭ ‬إخترت‭ ‬تموت‭ ‬بعيد‭ ‬عني”‭.‬

اقرأ أيضا : النجدة تبحث عن نور الشريف .. تعرف على السبب

;