إنها مصر

الرئيس.. القوة.. الحكمة.. الصبر

كرم جبر
كرم جبر

كان الرئيس عبد الفتاح السيسى فى منتهى القوة والحكمة والصبر، وهو يخطر المستشار الألمانى شولتز قرار 105 ملايين مصرى بأنهم يرفضون التهجير وتصفية القضية الفلسطينية، ولو تطلب الأمر لنزلوا إلى الشوارع تأييداً للرئيس.

كنت أتأمل تأثير عبارات الرئيس القوية على ملامح شولتز، وشعرت أنه جاء يتحدث بلسان نتنياهو عن المؤامرة الشيطانية التى ينفذها بالدماء فى غزة، ليجبر الفلسطينيين على النزوح إلى الحدود، ولا يكون أمامهم سوى اقتحام الحدود المصرية.

هكذا يخطط الشيطان ويلقى دعماً من الغرب، وخلال المؤتمر الصحفى الذى عقد بالاتحادية أمس، لم يتقدم شولتز بواجب العزاء فى مذبحة مستشفى المعمدانى، وإنما تحدث بنفس اللغة الرديئة الكاذبة، التى تزعم أن صاروخاً للجهاد الإسلامى هو سبب المجزرة، ونفس الكلام ردده الرئيس الأمريكى بايدن خلال زيارته لإسرائيل.

واهتم شولتز بإدانة ما أسماه جريمة حماس واقتحامها إسرائيل، وكان وجهه يتقلب حزناً، غير أن الرئيس السيسى كشف بحدة وصرامة المؤامرة الشيطانية التى يروج لها الغرب.

وأساسها تجويع الشعب الفلسطينى فى غزة وهدم منازلهم ومستشفياتهم، وقتل أكبر عدد من الرجال والشباب، وإجبارهم النزوح إلى وادى غزة على الحدود المصرية، ثم يسمح للمساعدات الإنسانية بدخول هذه المنطقة فقط، فتكون منطقة جذب لمئات الآلاف من الجوعى والمرضى والنساء والأطفال.. والخطوة التالية دفعهم للحدود المصرية واقتحامها.

هكذا يخطط «الشيطان» وليلة الحادث شاهدت سياسيا صهيونيا يتحدث من واشنطن على إحدى الفضائيات ويزعم أن خمس مناطق فى سيناء، يخطط الغرب لتجهيزها لتكون للفلسطينيين النازحين، على غرار المناطق التى خصصتها تركيا للمهاجرين السوريين (!!).

وهذه « الخرافات « ليست جديدة.

فقد سبق أن وافق على مثلها الإخوان فى عام حكمهم الأسود، تحت شعار إنشاء منطقة حرة تخضع للقوانين الدولية، تشمل غزة وتمتد 100 كيلو متر جنوباً لتضم المطار والميناء، بتكلفة 22 مليار دولار، وتتولى تنفيذها إحدى الدول فى المنطقة، ويقتصر دور مصر على مقاول الباطن، وتصدى الرئيس للمؤامرة حين كان وزيراً للدفاع، وكانت مسماراً فى نعش مرسى وأهله وعشيرته.

والرسالة كانت شديدة الحسم والحزم فى مؤتمر الاتحادية أمس، والرئيس يكشف أبعاد المؤامرة وأهدافها، ويحذر بشدة من أنها تقود المنطقة إلى مخاطر رهيبة فى حال إقدام حماس الاعتداء على إسرائيل من الأراضى المصرية وتحويل سيناء إلى قاعدة للهجوم على إسرائيل.. فماذا تفعل مصر؟

كان الرئيس حكيماً فى الإجابة عن السؤال السابق بتأكيده أن مصر تحافظ على تعهداتها بشأن السلام منذ إبرام المعاهدة، ولكنها تمتلك كل عوامل القوة للدفاع عن أمنها القومى.

أعتقد أن شولتز فهم تحذير الرئيس، وسينقله بدوره للإسرائيليين وحلفائه الغربيين: ما تفكرون فيه مستحيل.