خارطة التصدي لمحاولات إسرائيل سرقة نصر أكتوبر

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

مع الاحتفال بالذكرى السنوية لانتصار أكتوبر المجيد، تحاول إسرائيل دائمًا سرقة النصر، وترويج رواية تظهرها بمظهر المنتصر وتحاول من خلالها قلب الحقائق وعكس الوقائع لسرقة النصر العظيم من المصريين، لذا تعد مهمة التصدى للمحاولات الإسرائيلية التى تسعى لإعادة صياغة الرأى العام العالمى ضرورية، إذ لا بد من أن تظهر الرواية المصرية أمام العالم كله، لذا يطرح السؤال نفسه حول معوقات تصدير الرواية المصرية للخارج وغيابها عن المشهد.

عادة ما تسعى إسرائيل إلى الزعم بتحقيق النصر فى حرب أكتوبر، أو أن الحرب انتهت لصالحها، دون أن تنتبه إلى ما حققه المجند المصرى من معجزة العبور والسيطرة على الضفة الشرقية لقناة السويس، لكن للأسف المزاعم الإسرائيلية تجد من يصدقها خصوصا أنها تعيش على حملات ترويج ودعاية مكثفة لتغيير وقائع الحرب وتحريف مشاهدها، وهو أمر يستدعى المواجهة والعمل على بناء رواية مصرية تاريخية تستند إلى الوقائع والوثائق.

◄ اقرأ أيضًا | الأردن: استهداف مستشفى المعمداني يتنافى مع كافة القيم الإنسانية 

بين الحين والآخر نجد أصواتًا إسرائيلية تحاول سرقة نصر أكتوبر، وهو ما تكرر على لسان أفيخاى أدرعي، المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، خلال السنوات الماضية، فضلا عن الكثير من المعلومات المغلوطة التى تروجها إسرائيل فى وسائل الإعلام ومناهج التعليم ووسائل الإعلام والدراما، فى خطة مكتملة الأركان من أجل التلاعب بالتاريخ وتزييف الوقائع ومحو الحقائق، لتضليل الرأى العام العالمى وحجب حقيقة انتصار الجيش المصرى العظيم فى حرب أكتوبر، والترويج للرواية الإسرائيلية الصهيونية القائمة على ترديد الأكاذيب لمحاولة اللعب فى الذاكرة العالمية ومحو حقيقة ما جرى من انتصار مصر فى أكتوبر 1973، عبر ضخ أفلام وثائقية ومواد إعلامية على المنصات المختلفة وفى مقدمتها يوتيوب، وهو ما يستوجب خطة عمل متعددة الأبعاد لمحاربة المخطط الإسرائيلى لسرقة النصر المصرى وتشويه بطولات رجال الجيش العظام سواء من القادة أو الجنود، وهو ما بدأت تنتبه له بعض القنوات المصرية مثل القناة الوثائقية التى عرضت خلال الفترة الأخيرة مجموعة من الوثائقيات المهمة، وبالتوازى مع الذكرى الخمسين لنصر أكتوبر المجيد، ما يفتح باب الأمل حول نفاذ الرواية المصرية حول الحرب إلى الرأى العام العالمي. 

◄ لطيفة سالم: بدأنا تقديم رواية مصرية متكاملة عن الحرب

قالت الدكتورة لطيفة سالم، أستاذة التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة بنها، لـ«آخر ساعة»: إن هناك محاولات إسرائيلية مستمرة لسرقة نصر أكتوبر من مصر، ويمكن القول إن هذا الأمر بدأت معالجته هذا العام، إذ شهدت الاحتفالات على القنوات والفضائيات المصرية نشر العديد من الأفلام والتحليلات والشهادات والوثائقيات التى أتاحت معلومات جديدة تدحض الكثير من الخزعبلات الإسرائيلية عن حرب أكتوبر، استمرارا لنجاح تجربة فيلم (الممر) الذى قدم أحد أوجه بطولات المصريين فى حرب النصر، «فنستطيع القول إننا بدأنا فى تقديم رواية مصرية متكاملة عن الحرب مدعومة بالوثائق والشهادات لصانعى الحدث».

وأشارت إلى أنه يجب أن يتم توضيح الرؤية المصرية لحرب أكتوبر ليس فقط فى الداخل ولكن فى الخارج أيضا، والتأكيد على أن المصريين ليسوا أهل عدوان بل هم أهل دفاع عن الحق والعرض والأرض، وأن الدرس الأهم فى انتصار حرب أكتوبر هو اطلاع الجيش المصرى على أحدث المستجدات العلمية والتخطيطية لتحقيق النصر الذى يعد درة التاج فى انتصارات المصريين وجيشهم، فحدثت ثورة تدريبية فى الجيش قادت للنصر، خصوصا أن ملحمة الانتصار تلخص روح المصريين التى رفضت الاستسلام للهزيمة وكيف خلقت الإرادة الانتصار.

ولفتت أستاذة التاريخ الحديث والمعاصر إلى أن مشكلة التعامل مع انتصار أكتوبر تقتصر على فترة زمنية وتأخذ شكل الموسم الاحتفالي، رغم إمكانية استغلال هذا الحدث طوال العام واستدعاء غيره من الانتصارات المصرية على مدار التاريخ سواء فى التاريخ المصرى القديم أو تاريخ مصر الإسلامية وصولا إلى العصر الحديث، وتابعت: «الشباب ممن لم يشاهدوا حرب أكتوبر ولم يعيشوا أجواءها لابد من شحن وتأكيد لمفهوم حقيقى وفريد فى مصر، وهو أن الجيش والشعب شيء واحد وسبيكة واحدة».

◄ عاصم الدسوقي: حديث الوثائق قادر على تثبيت الحقائق

أكد الدكتور عاصم الدسوقي، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة حلوان، أن محاولات إسرائيل لسرقة انتصار أكتوبر واحتكاره، تأتى بسبب قلة الوثائق التى تحكى أحداث حرب أكتوبر بشكل واضح وصريح، وأضاف: «وجدتُ الكثير من وثائق الحرب محجوبة فى بريطانيا وأمريكا فترات أطول من المعتاد، إذ يفترض أن يتم الإفراج عن هذه الوثائق بعد 30 عاما، لكن لم يخرج عنها بعد، وهو ما يسمح لإسرائيل بترديد ما تشاء من أكاذيب عن الحرب، فإذا كانت انتصرت فى الحرب فلماذا تفاوضت وتنازلت عن سيناء؟ والخلاصة أن الإفراج عن الوثائق قادر على تثبيت الحقائق وإتاحة كتابة تاريخية واقعية».

وشدد الدسوقي، على أن مصر حققت العبور العظيم فى حرب أكتوبر، وهى حقيقة لا يمكن إنكارها، خصوصا أن مصر حققت انتصارات عظيمة فى حرب الاستنزاف، التى كانت البروفة الأولى للعبور العظيم، وهو أمر اعترف بها قادة إسرائيل أكثر من مرة، خاصة أن الجيش المصرى استعد خلال هذه الحرب بشكل مبهر للمعركة النهائية، ونفذ كل المطلوب منه خططيا باستكمال العبور بقوات الجيش وتحطيم خط بارليف وتدمير الساتر الترابي، وفند أسطورة الجيش الإسرائيلى الذى لا يقهر، وأن المشاكل التى جرت بعد ذلك نتيجة الخلاف بين السادات والشاذلي، بسبب اختلاف الرؤى ولكن هذا لا يقلل من قيمة وعظمة الانتصار الذى يحسب للمجند المصرى العظيم فى المقام الأول.