تستهدف الهيمنة على العالم| مخطط واشنطن لتدمير موسكو وإضعاف أوروبا

الحرب الأوكرانية
الحرب الأوكرانية

■ كتب: دينا توفيق

تظل روسيا خصمًا قويًا للولايات المتحدة فى بعض القطاعات الأساسية، وللتعامل مع هذه المعارضة، سيتعين على الولايات المتحدة وحلفائها اتباع استراتيجية مشتركة طويلة المدى تستغل نقاط الضعف فى روسيا من أجل اختلال توازنها ومن ثم تدميرها. تهدف واشنطن وحلفاؤها إلى زعزعة استقرار الاقتصاد الروسي، بالإضافة إلى تقويض صورتها فى الخارج.

لم يؤثر الموت والدمار على ضمير الولايات المتحدة اللاإنساني، تسعى دائمًا إدارة الرئيس الأمريكي «جو بايدن» ليس فقط عرقلتها بل ونسفها؛ لا يعبأون بأعداد القتلى والجرحى. لقد أرادوا، على حد تعبير مبعوث الحرب الأمريكي «لويد أوستن» أن تستمر الحرب فى «إضعاف روسيا».

■ مايكل هدسون

ويقدر محللو مؤسسة البحث والتطوير الأمريكية «راند» أن نقطة الضعف الأكبر التى تواجهها روسيا تكمن فى اقتصادها، بسبب اعتمادها الكبير على صادرات النفط والغاز. ويمكن تخفيض الدخل من هذه الصادرات من خلال تشديد العقوبات وزيادة صادرات الطاقة للولايات المتحدة؛ والهدف هو إجبار أوروبا على تقليص وارداتها من الغاز الطبيعى الروسي، واستبداله بالغاز الطبيعى المسال المنقول بحراً من دول أخرى. ويرى أستاذ الاقتصاد الأمريكى «مايكل هدسون» أن الحرب فى أوكرانيا هى تجارة جيوسياسية وصراع على الطاقة.

يتعلق الأمر إلى حد كبير بانخراط الولايات المتحدة فى حرب بالوكالة ضد روسيا وأوروبا من خلال خلق تباعد بينهما ومن ثم فصل أوروبا عن روسيا مع فرض عقوبات على الأخيرة لإلحاق الضرر بالقارة العجوز وجعلها أكثر اعتمادًا على واشنطن. 

■ شولتز وبايدن

ورغم ذلك، فشلت العقوبات الغربية فشلًا ذريعًا فى تدمير الاقتصاد الروسي، الذى شهد نموا منذ عام 2022، وهو يواصل أداءه الجيد، وهو أمر متوقع أيضًا فى المستقبل، وفقا للمحلل الجيوسياسى والخبير الاقتصادى السابق فى البنك الدولى ومنظمة الصحة العالمية «بيتر كونيج».

وتعد السيادة الاقتصادية أحد الأسباب الرئيسية للنمو الاقتصادى لروسيا خلال فترة محاصرتها بحزمة عقوبات هى الأسوأ التى تعرضت لها أى دولة من قبل الغرب، بقيادة الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين، الذين يسيرون وراء واشنطن، على الرغم من أنهم يدمرون أنفسهم. ويضيف الخبير الاقتصادى قائلًا إنه ليس من قبيل الصدفة، أن الشخصيتين الرئيسيتين فى هذا السيناريو هما ألمانيان، الرئيسة غير المنتخبة للمفوضية الأوروبية، «أورسولا فون دير لاين»، والمستشار الألمانى «أولاف شولتز».

■ بيتر كونيج

ويرى كوينج أن الشعب الأوروبى هو الذى تعرض للخيانة من قبل قادته، مؤكداً أن الهدف من العقوبات هو إيذاء أوروبا أكثر من تدمير روسيا. ويتلخص الهدف الرئيسى فى حرمان أوروبا وألمانيا فى المقام الأول  من تدفق الطاقة الرخيصة والغاز من روسيا، وبالتالى تدمير ألمانيا، وربما تدمير أوروبا وتقليص صناعتها.

وتحدث الرئيس الروسي «فلاديمير بوتين» بالتفصيل عن النجاح الهائل الذى حققته روسيا فى مواجهة العقوبات الغربية، بالتخلص شبه الكامل من الدولار الذى تمكن البنك المركزى الروسى من تنفيذه تحت إشراف كبير الاقتصاديين الروس والمستشار الاقتصادى للرئيس بوتين، «سيرجى جلازييف»، والذى أدى بالتوازى إلى تقليص اليورو بشكل كبير، ما جعل الاقتصاد الروسى أقوى وأكثر استقلالاً، وأصبح الآن أكثر ارتباطاً بالاقتصادات الشرقية، وخاصة الصين. 

◄ اقرأ أيضًا | بوتين يتعهد ببذل الجهود لتطوير العلاقات بين روسيا وتايلاند بشكل أكثر فعالية

ووفقا لتصريحات رئيسة مركز «زينوفييف» الدولي للبحث والتدريب بجامعة موسكو، «أولجا زينوفييف»، فإن الغرب كله فى حالة حرب ضد روسيا ومحاولاته تدميرها. لا تستطيع الدول الغربية، وفى المقام الأول إنجلترا والولايات المتحدة والدول التابعة لها، أن تتحمل أن يكون لدى روسيا مصالحها الخاصة؛ لقد تم تدمير الاتحاد السوفيتى فى أوائل التسعينيات، وظنوا أن بإمكانهم اعتماد الوصفة نفسها لتدمير الحياة فى بلدان أخرى، مثل سوريا ولبنان وغيرهما. والآن تسير أوروبا خلف واشنطن وبدأت تفقد استقلالها تدريجيًا، مع ممارسة الولايات المتحدة هيمنتها عليها.

وتضيف زينوفييف قائلة إن العالم متعدد الأقطاب يمثل رؤية روسيا للعالم؛ لدينا الكثير من السكان، ولدينا العديد من اللغات، لماذا نحن مجبرون على التفكير باللغة الإنجليزية، لماذا مجبرون على الطاعة كما لو كنا مجندين فى جيشهم، ماذا تريد واشنطن منا؟ 

والآن الأزمة الأوكرانية اندلعت لتحقيق الأهداف نفسها؛ وهى إضعاف موسكو وإنهاكها، ما يصب فى مصلحة الولايات المتحدة، حيث إن مواردها، بما فى ذلك «صناعة الفحم المتطورة للغاية، وصناعة المعادن الحديدية، والكيماوية، والبناء، موارد الطاقة الهائلة، والزراعة المتنوعة، وشبكة النقل الكثيفة التى يشتهيها رأس المال والتمويل العابر للحدود الوطنية». خارج أوكرانيا، تقع الأراضى الشاسعة لروسيا وثروة لا حصر لها من الطاقة والمعادن الاستراتيجية والموارد الأخرى التى تستدعى نظاما رأسماليًا توسيعًا عالميًا وعسكريًا مثل الولايات المتحدة. 

وستظل محاولات الولايات المتحدة مستمرة لتقويض الدب الروسى واستنزاف قواه ومحاصرته والقضاء عليه. هذا هو المستقبل الذى تم التخطيط له من قبل مؤسسة راند منذ 3 سنوات، مؤسسة الفكر السرية للسلطة الحقيقية التى تسيطر عليها الأوليجاركية الاقتصادية والمالية والعسكرية والتى تحدد الخيارات الاستراتيجية ليس فقط فى الولايات المتحدة، ولكن فى كل العالم الغربي.