أحد أنواع «الخرف» ويسبب هلاوس وتخيلات

«سارق الذكريات».. يطرق أبواب الشباب

صورة موضوعية
صورة موضوعية

أمراض الخرف هى مجموعة متعددة من الأمراض التى تؤثر فى الدماغ، و«ألزهايمر» هو أكثر أنواع هذه الأمراض شيوعًا، الذى يكون أحد أسباب الإعاقات التى تواجه كبار السن وتجعلهم فى حالة اعتماد كلى على الآخرين، ما يسبب معاناة للمريض وذويه بسبب الأعراض المصاحبه له، وعلى غير المتعارف عليه فإن الألزهايمر لم يقتصر على مداهمة المصابين بالشيخوخة من كبار السن فقط، ولكنه قد يكون مرضًا يعترض طريق الشباب وهنا يُطلق عليه «الألزهايمر المبكر».

«الخرف» لا يعنى النسيان فقط، بل هو متلازمة تتسم بتدهور تدريجي للذاكرة والتفكير والقدرة على الفهم والحديث وتقدير الأمور، وتتعدد الأنواع والمسببات لأمراض الخرف لكن أشهرها يرتبط بالنسيان وهو «الألزهايمر» الذى يكون بمثابة كارثة عندما يتم تشخيص المريض به، فهو السالب للذاكرة والحياة الطبيعية.

«سقطت منها ذكرياتها ولم تعد تتذكر أحباءها، حتى أسماؤهم لم يكن من السهل عليها أن تناديهم بها»، هكذا وصف أحمد حال جدته التى أصيبت فى العقد السابع من عمرها بالألزهايمر، وقال: «كانت والدتى تراعى جدتى التى تسكن معنا بنفس المنزل وكانت فى البداية لا تتذكر بعض الأشياء البسيطة، ولم يشك أحد منا فى أنها قد تصاب بالألزهايمر، ولكن تدريجيًا بدأت حالتها تزداد سوءًا فأصبحت تنسى المواقف بعد حدوثها، وأحيانًا تعاملنا كأننا غرباء».

وأضاف: «لم تقف الأعراض عند هذا الحد، فقد أصبحت جدتى عصبية جدًا، رغم اتسامها بالهدوء طوال حياتها، وأصبحنا نراقبها بدقة خشية أن تغادر المنزل وتضل طريق العودة، لذا نتابع حالتها بانتظام لدى الطبيب المختص، وتأخذ أدويتها، لكنها مجرد أدوية لإبطاء تسارع المرض لكن الطبيب أخبرنا أنه لا أمل فى الشفاء التام».

◄ اقرأ أيضًا | إلهام شاهين: مرعوبة من مرض ألزهايمر لأن الإنسان بيموت وهو حي

◄ خارج السيطرة
أما علاء فيحكى كيف وجد والده المريض بالألزهايمر تائهًا فى الشارع بعد أن ترك المنزل وكان يخبر كل من يقابله أن أولاده طردوه! هذه كانت المرة الأولى التى ينجح فيها والده فى الخروج للشارع. وقال علاء: «أصيب والدى بهذا المرض قبل ثلاث سنوات وكان عمره وقتها 67  سنة، وفى البداية لاحظنا نسيانه بعض التفاصيل اليومية أو عدم تذكره أماكن وضع أغراضه الشخصية، وتطوّر الأمر سريعًا وأصبح لا يتذكر سوى الأحداث القديمة».

وأضاف: «تصرفات مريض الألزهايمر غير محسوبة، لذا نحاول تقديم الرعاية اللازمة له بالتناوب بيننا، فهو أحيانًا يريد الخروج من المنزل، وأحيانًا يسيطر عليه شعور بالخوف منا، ويتصوّر أننا سنؤذيه، وأصبح يحب العُزلة، وأحيانًا يكون غاضبًا وعصبيًا مع كل من حوله، ويتصرف بطريقة غريبة ويقول كلامًا أشد غرابة، لكننا حسب تعليمات الطبيب نحاول احتواءه، وأن نشغل يومه بالأحداث المفيدة ونمنحه وقتًا للتواصل مع أصدقائه وجيرانه داخل المنزل لاسترجاع الذكريات معه، تجنباً لوصوله لمرحلة أكثر سوءًا».

أما لمياء فلم تكن لديها القوة للوقوف أمام مرض الألزهايمر الذى أصاب والدتها فى مرحلة متقدمة من عمرها، فقد كانت تقيم مع والدتها وابنها الوحيد فى محافظة بعيدة عن أقاربها، نظراً لظروف العمل الذى اضطرت له بعد طلاقها، وكانت والدتها تراعى ابنها أثناء غيابها وانشغالها بالعمل، ولأنها كانت غير متواجدة معظم الوقت بالمنزل فلم يكن لديها الفرصة لملاحظة أعراض المرض على والدتها فى البداية، فتدهورت الحالة سريعًا.

وقالت: «هذا المرض يحتاج لدعم كبير من الأهل والأصدقاء من أجل مقاومته والتعامل مع المريض بطريقة صحيحة، ولكن ظروفى الاجتماعية وظروف عملى وتواجدى مع والدتى وابنى بعيدا عن مسقط رأسنا حالت دون ذلك، حتى أننى لم أتوّقع أن أعيش هذا الألم مع أغلى الناس على قلبى، ودائمًا كنت أسمع عن مرض الألزهايمر لكننى لم أتوقع أنه قريب منا إلى هذا الحد».

وأوضحت: «أقضى وقتًا طويلًا فى العمل ولم ألاحظ التغيرات التى طرأت على سلوكيات أمى، لا سيما بعض الإهمال مع ابنى الذى لم أعتده منها، فأجده عند رجوعى للمنزل ملابسه متسخة، ولم يتناول أى طعام، رغم أن أمى كانت تتولى مهمة إطعامه، ولذلك جاء إدراكى متأخرًا بمرضها، وهو ما أكده لى الطبيب بعد تشخيص حالتها، وحالياً نسيانها حتى لاسمى يسبب لى ألمًا شديدًا، لكننى لا بد أن أتعامل معها بصدر واسع فالمرض أصبح أمرًا واقعًا».

وعن احتمالية إصابة الشباب بالألزهايمر، يقول الدكتور جمال فرويز٫ أستاذ الطب النفسى: إن المرض يمكن أن يصاب به الشباب وهو أمر ليس بجديد، فقد شخصت حالة لشاب مصاب بالألزهايمر منذ 25 عامًا وكان عمره لم يتجاوز 19 عامًا، فهذا المرض يمكن أن يُصاب به الإنسان فى أى عمر، والعامل الرئيس فى هذه الحالات هو أن المريض يحمل جينًا وراثيًا.

واحتمالات الإصابة بالألزهايمر تزيد مع الشيخوخة  والتقدم فى العمر، حيث تبدأ نسبة الإصابة مع سن الـ60، وتصل لـ5% من عمر 65 إلى 70، لتصل لـ50% لمن هم فى عمر أكثر من 85 عامًا.