كيفك انت

علمونا فى حصص الرسم نحبها .. فى السينما والأغنية.. تعيشى يا ضحكة مصر ولكنهم يكرهون الفن

محمد عدوى
محمد عدوى

لا‭ ‬أظن‭ ‬أنهم‭ ‬حضروا‭ ‬حصص‭ ‬الرسم‭ ‬التي‭ ‬كنا‭ ‬نحضرها‭ ‬في‭ ‬المدارس،‭ ‬وإن‭ ‬حضروا‭ ‬لا‭ ‬أظن‭ ‬أنهم‭ ‬خطوا‭ ‬علم‭ ‬مصر‭ ‬مرفوعا‭ ‬على‭ ‬جبل‭ ‬رسمناه‭ ‬بألوان‭ ‬خشبية‭ ‬في‭ ‬أيادينا‭ ‬وعلى‭ ‬الشفاه‭ ‬بسمة‭ ‬وفي‭ ‬القلوب‭ ‬فرحة،‭ ‬لا‭ ‬أظن‭ ‬أن‭ ‬جماعة‭ ‬الإخوان‭ ‬الإرهابية‭ ‬كانت‭ ‬تولي‭ ‬حصص‭ ‬الرسم‭ ‬اهتماما،‭ ‬لا‭ ‬أظنهم‭ ‬يعيرون‭ ‬الفن‭ ‬عموما‭ ‬اهتماما،‭ ‬ونحن‭ ‬مازلنا‭ ‬نحتفل‭ ‬وسوف‭ ‬نظل‭ ‬نحتفل‭ ‬بالانتصار‭ ‬الذهبي،‭ ‬انتصار‭ ‬العزة‭ ‬والكرامة،‭ ‬انتصار‭ ‬أكتوبر‭ ‬المجيد،‭ ‬نجد‭ ‬من‭ ‬يشكك‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الحدث‭ ‬الذي‭ ‬هز‭ ‬أركان‭ ‬الدنيا‭ ‬وما‭ ‬زال‭ ‬صداه‭ ‬ممتدا‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬كله،‭ ‬نجد‭ ‬من‭ ‬يحاول‭ ‬أن‭ ‬يقنع‭ ‬الأجيال‭ ‬الجديدة‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬أريق‭ ‬على‭ ‬تراب‭ ‬سيناء‭ ‬ليس‭ ‬دما‭ ‬طاهرا،‭ ‬ما‭ ‬دفعه‭ ‬الرجال‭ ‬لإسترداد‭ ‬الأرض،‭ ‬وما‭ ‬قدمته‭ ‬النساء‭ ‬من‭ ‬تضحيات‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬إلا‭ ‬وهما،‭ ‬نعم‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يحاول‭ ‬نسج‭ ‬روايات‭ ‬شيطانية،‭ ‬من‭ ‬وحي‭ ‬خيال‭ ‬واهن‭ ‬وعفن،‭ ‬يكرس‭ ‬لنظريات‭ ‬خائبة‭ ‬وضحلة،‭ ‬يبذل‭ ‬مجهودا‭ ‬ويتفنن‭ ‬في‭ ‬إثبات‭ ‬مسلمات‭ ‬اعترف‭ ‬بها‭ ‬الجميع،‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬هؤلاء‭ ‬ينتمون‭ ‬إلى‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني،‭ ‬فالعذر‭ ‬ربما‭ ‬يكون‭ ‬موجودا،‭ ‬أن‭ ‬كانوا‭ ‬من‭ ‬قادة‭ ‬إسرائيل‭ ‬فالسبب‭ ‬معلوما،‭ ‬الدرس‭ ‬كان‭ ‬قاسيا،‭ ‬المشاهد‭ ‬لا‭ ‬تنسى‭ ‬والتاريخ‭ ‬لا‭ ‬يمحي‭ ‬وغطرستهم‭ ‬التي‭ ‬غرقت‭ ‬مع‭ ‬خط‭ ‬حمايتهم‭ ‬لم‭ ‬تجف‭ ‬بعد‭.. ‬لكن‭ ‬المدهش‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬يروج‭ ‬لهذه‭ ‬الخزعبلات‭ ‬ليس‭ ‬صهيوني‭ ‬النشأة،‭ ‬ليس‭ ‬إسرائيلي‭ ‬الجنسية،‭ ‬هو‭ ‬للأسف‭ ‬مصري‭.‬

في‭ ‬خضم‭ ‬احتفالاتنا‭ ‬بمرور‭ ‬نصف‭ ‬قرن‭ ‬على‭ ‬الحرب،‭ ‬الأهم‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬العسكرية،‭ ‬الحرب‭ ‬التي‭ ‬وصفها‭ ‬الرئيس‭ ‬عبد‭ ‬الفتاح‭ ‬السيسي‭ - ‬ومعه‭ ‬كل‭ ‬الحق‭ - ‬بأنها‭ ‬قفزة‭ ‬عسكرية‭ ‬ومعجزة‭ ‬تحققت‭ ‬بفضل‭ ‬الله‭ ‬ثم‭ ‬الرجال،‭ ‬نجد‭ ‬هؤلاء،‭ ‬يشككون،‭ ‬يسخرون،‭ ‬يحاولون‭ ‬تغيير‭ ‬مجرى‭ ‬النهر،‭ ‬مسار‭ ‬الشمس،‭ ‬ولا‭ ‬عجب،‭ ‬أنهم‭ ‬أبناء‭ ‬الجماعة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تحب‭ ‬مصر‭ ‬ولا‭ ‬تعترف‭ ‬بمصر‭ ‬ولا‭ ‬ترى‭ ‬مصر،‭ ‬أبناء‭ ‬الجماعة‭ ‬التي‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬أزمة‭ ‬وطنية‭ ‬تجدهم‭ ‬فرحين،‭ ‬شامتين،‭ ‬يعلون‭ ‬من‭ ‬قيمة‭ ‬الجماعة‭ ‬ولا‭ ‬يهمهم‭ ‬الوطن،‭ ‬هذه‭ ‬عقيدتهم،‭ ‬هذه‭ ‬مبتغاتهم‭.‬

علمونا‭ ‬في‭ ‬المدارس‭ ‬أن‭ ‬مصر‭ ‬أولًا،‭ ‬علمونا‭ ‬في‭ ‬السينما‭ ‬أن‭ ‬مصر‭ ‬تفضل‭ ‬غالية‭ ‬عليا،‭ ‬سمعناها‭ ‬في‭ ‬الأغان‭ ‬ورددناها،‭ ‬ابكي،‭ ‬اضحك،‭ ‬اموت،‭ ‬وتعيشى‭ ‬يا‭ ‬ضحكة‭ ‬مصر،‭ ‬لكنهم‭ ‬ذهبوا‭ ‬للمدارس‭ ‬وفاتهم‭ ‬دروس‭ ‬التربية‭ ‬الوطنية،‭ ‬قالوا‭ ‬الرسم‭ ‬رجس‭ ‬من‭ ‬عمل‭ ‬الشيطان‭ ‬فلم‭ ‬يرسم‭ ‬أي‭ ‬منهم‭ ‬علم‭ ‬بلاده،‭ ‬اكتفوا‭ ‬بسيوف‭ ‬وضعوها‭ ‬كرمز،‭ ‬لم‭ ‬يشاهدوا‭ ‬يوسف‭ ‬شاهين‭ ‬ولم‭ ‬يتحرك‭ ‬لهم‭ ‬جفن‭ ‬ولم‭ ‬يهتز‭ ‬لهم‭ ‬مشاعر‭ ‬وبطله‭ ‬يصد‭ ‬عدوان‭ ‬فرنسي‭ ‬في‭ ‬“الوداع‭ ‬بونابرت”‭ ‬وهو‭ ‬ينادي‭ ‬ونحن‭ ‬معه‭: ‬“مصر‭ ‬تفضل‭ ‬غالية‭ ‬عليا”،‭ ‬لم‭ ‬يقفوا‭ ‬في‭ ‬خندق‭ ‬على‭ ‬الممر‭ ‬ولم‭ ‬يغنوا‭ ‬مع‭ ‬الكبار‭ ‬محمود‭ ‬مرسي‭ ‬ومحمود‭ ‬ياسين‭ ‬وصلاح‭ ‬السعدني‭ ‬وأحمد‭ ‬مرعي‭: ‬“ابكي،‭ ‬احزن،‭ ‬اموت‭ ‬وتعيشى‭ ‬يا‭ ‬ضحكة‭ ‬مصر”،‭ ‬هم‭ ‬لا‭ ‬يحبون‭ ‬شاهين‭ ‬ويكرهون‭ ‬الغناء‭ ‬ويرفضون‭ ‬الوطن‭ ‬ويسبونه‭.‬

شمس‭ ‬أكتوبر‭ ‬التي‭ ‬أشرقت‭ ‬من‭ ‬50‭ ‬عاما‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬ساطعة،‭ ‬مازالت‭ ‬ملهمة،‭ ‬مازالت‭ ‬مرجعا‭ ‬ودليلا‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬قال‭ ‬إنه‭ ‬لا‭ ‬يقهر،‭ ‬قهر،‭ ‬شمس‭ ‬أكتوبر‭ ‬تملأ‭ ‬الأرض‭ ‬وظلالها‭ ‬ونتائجها‭ ‬نراها‭ ‬كما‭ ‬نرى‭ ‬الشمس‭ ‬نفسها،‭ ‬ننعم‭ ‬بدفئها‭ ‬ونجني‭ ‬ثمارها‭ ‬طالما‭ ‬هناك‭ ‬رجال‭ ‬عاهدوا‭ ‬الله‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تحيا‭ ‬مصر،‭ ‬طالما‭ ‬هناك‭ ‬شعب‭ ‬أمن‭ ‬بهم‭ ‬وبمصر،‭ ‬طالما‭ ‬كانت‭ ‬حصص‭ ‬الرسم‭ ‬وطالما‭ ‬دارت‭ ‬كاميرات‭ ‬السينما‭ ‬وطالما‭ ‬نظمت‭ ‬الأغان‭.‬

لا‭ ‬ينخدع‭ ‬شعب‭ ‬آمن‭ ‬بحقه‭ ‬في‭ ‬الحياة،‭ ‬لا‭ ‬عودة‭ ‬للوراء،‭ ‬جسد‭ ‬هذا‭ ‬الوطن‭ ‬لن‭ ‬يقبل‭ ‬عضوا‭ ‬فاسدا،‭ ‬ملوثا،‭ ‬يفتح‭ ‬الباب‭ ‬لعودة‭ ‬جماعة‭ ‬تكفر‭ ‬بالوطن،‭ ‬لا‭ ‬ترى‭ ‬إنجازاته،‭ ‬لا‭ ‬تفرح‭ ‬بانتصاراته،‭ ‬تتمنى‭ ‬سقوطه،‭ ‬تسعى‭ ‬لتوريطه‭ ‬بأي‭ ‬ثمن،‭ ‬تسعى‭ ‬لسقوطه،‭ ‬تحمل‭ ‬في‭ ‬قلبها‭ - ‬إن‭ ‬وجد‭- ‬سوادا‭.‬

هذا‭ ‬الوطن‭ ‬أكبر،‭ ‬هذا‭ ‬الوطن‭ ‬أعظم،‭ ‬هذا‭ ‬الوطن‭ ‬باق،‭ ‬لن‭ ‬يفلح‭ ‬مسعاكم،‭ ‬لن‭ ‬تنطلي‭ ‬علي‭ ‬أهله‭ ‬أكاذيبكم،‭ ‬لن‭ ‬ننخدع،‭ ‬لن‭ ‬نسمح‭ ‬بفوضى‭ ‬تسعون‭ ‬لها،‭ ‬لن‭ ‬يكسرنا‭ ‬ظروف،‭ ‬مستمرون‭ ‬في‭ ‬نهضتنا‭ ‬الحقيقية‭ ‬التي‭ ‬يراها‭ ‬العالم‭ ‬كله،‭ ‬مستمرون‭ ‬في‭ ‬احتفالاتنا‭ ‬بنصر‭ ‬حققه‭ ‬“الولاد‭ ‬السمر‭ ‬الشداد”،‭ ‬مستمرون‭ ‬في‭ ‬الاحتفال‭ ‬بما‭ ‬تحقق‭ ‬ويتحقق‭ ‬ولو‭ ‬كره‭ ‬الإخوان‭ ‬ومن‭ ‬معهم‭ ‬ومن‭ ‬يفتح‭ ‬الباب‭ ‬لعودتهم،‭ ‬الباب‭ ‬مغلق‭ ‬بأمر‭ ‬الشعب،‭ ‬نقطة‭ ‬ونهاية‭ ‬السطر‭.‬


 

;