الشيخ أبو الفضل الجيزاوي.. رائد تطوير التعليم الأزهري

 الشيخ أبو الفضل الجيزاوي
الشيخ أبو الفضل الجيزاوي

يعد الشيخ محمد أبو الفضل الجيزاوي، هو الشيخ الثامن والعشرون للجامع الأزهر، وكان واسع الاطلاع في العلوم العقلية والنقلية والفلسفية والتمدن الإسلامي وتاريخ الإسلام وتولى مشيخة الأزهر الشريف فى عام 1917، بعد تاريخ حافل من العمل تحت لواء الأزهر الشريف.

ولد الشيخ محمد أبو الفضل الجيزاوي فى 1263هـ/1847م، بقرية وراق الحضر- إحدى مدن محافظة الجيزة حاليًا - ونشأ على التربية الدينية، حيث دخل الكُتَّاب المعد لتحفيظ القرآن الكريم ببلده، فحفظه بتمامه، ثم التحق بالأزهر في أواخر السنة التالية.

عين الجيزاوي عُضْوًا في مجلس إدارة الأزهر في مُدَّةِ مشيخة الشيخ سليم البشري، ثم استقال منها وعُيِّن بها ثانيًا في أواخر مشيخة الشيخ الشربيني، وعين وكيلا للأزهر، وشيخًا لعلماء الإسكندرية، واستمر بها لمدة ثمان سنوات، ثم عين شيخًا للأزهر الشريف، ورئيسًا للمعاهد الدينية، وعين شيخًا للمالكية، ثم حصل على كسوة التشريف العلمية من الدرجة الأولى، وعلى الوشاح الأكبر من نيشان النيل في يونيو 1921م.

درس الشيخ الجيزاوي العلوم المقررة آنذاك في الجامع الأزهر مثل: التفسير، والحديث، والتوحيد، والتصوف، والفقه، وأصول الفقه، وعلم الكلام، والنحو، والصرف، والعروض، والمعاني والبيان، والبديع والأدب، والتاريخ والسيرة النبويَّة، على يد كبار مشايخ عصره، فأخذ الفقه والحديث على يد الشيخ محمد عليش، والشيخ علي مرزوق العدوي، وتعلم البلاغة وعلم أصول الفقه والمنطق على يد الشيخ إبراهيم السقا، والشيخ محمد الأنبابي، وتلقى التفسير وعلوم القرآن على يد الشيخ شرف الدين المرصفي، والشيخ محمد العشماوي، والشيخ محمد الفضالي الجرواني، ودرس على شيخ الشيوخ العلَّامة الشيخ أحمد محجوب الرفاعي الفيومي، وعلى الشيخ مصطفى العروسي شيخ الأزهر الشريف، وغيرهم من كبار علماء عصره.

وظلَّ الشيخ الجيزاوي مواصلًا تحصيله للعلوم وحضور دروس العلم بكلِّ جدية حتى عام 1287هـ/ 1870م، وفي هذا العام أمره الإمام الأنبابي بالتدريس فوافق بعد تردد، وبدأ بالتدريس بالجامع الأزهر، وجمع رسالة في البسملة وحديثها المشهور، وابتدأ بقراءة كتاب الأزهريَّة في النحو للشيخ خالد الأزهري، وكان ذلك في أواخر أيام شيخ الأزهر مصطفى العروسي، وقد تابع الشيخ الجيزاوي التدريس بالجامع الأزهر، وكان على دراية بجميع كتب الفقه واللغة وأصول الدين والمنطق الْمُتَداولة قراءتها في ذلك الوقت بالجامع الأزهر، حيث قام بتدريسها لكثير من طلاب الأزهر، وأقبل طلاب العلم على حلقات ودروس العلم للشيخ الجيزاوي؛ فتخرَّج على يديَّه عدد كبير من طلاب الأزهر.

ويعود للشيخ الجيزاوي الفضل في إحياء تدريس كتاب الخبيصي في المنطق؛ إذ قام بتدريسه مِرارًا، ودَرَّس كتاب القطب على الشمسية، وقرأ المطول للسعد التفتازاني، وكتب على شرحه وحاشيته أكثر من خمس وأربعين كراسة، وقرأ كتاب البيضاوي ولم يتمه، وكتب شرحًا على أوائله نحوًا من سبع عشرة كراسة.

كان للشيخ محمد أبو الفضل الجيزاوي دور كبير في إصلاح الأزهر قبل توليه المشيخة وبعده، ومن أهم إسهاماته:

- أسهم بدور كبير في ترقية العلوم والتدريس في الجامع الأزهر وملحقاته، استطاع الشيخ أبو الفضل الجيزاوي أن يخطو في سبيل إصلاح التعليم في الأزهر خطوة أصدر بها قانون سنة 1342هـ /1923م.

- عاصر أحداث الثورة المصرية عام 1919، وما تلاها من صراع بين الشعب و مستعمريه وحكامه.

- قاد مسيرة الأزهر في العديد من تلك الأحداث التى تحركت فيها جموع الشعب المتخلفة.

- ألَّف " لجنة إصلاح الأزهر" سنة 1344هـ /1925م؛ فرأت اللجنة أنه يجب أن ينظر إلى المرحلتين الابتدائية والثانوية على أنهما مرحلتا ثقافة عامة، ويجب أن تدرس بهما العلوم الرياضية التي تدرس بالمدارس الابتدائية والثانوية المدنية، وأنه يكفي الاهتمام بالعلوم الدينية والعربية في الأقسام العالية والتخصصات، ورأت اللجنة لذلك وجوب فتح أبواب مدارس وزارة المعارف أمام المتخرجين في الأزهر للتدريس فيها، وقد أتمت هذه اللجنة أعمالها بعد وفاة الشيخ الجيزاوي، وانتفع بأعمالها من تلاه في مشيخة الأزهر.

- خفض كل مرحلة من مراحل التعليم بالأزهر إلى 4 سنوات، وإنشاء أقسام التخصص في التفسير والحديث والفقه والأصول والنحو والصرف والبلاغة والأدب والتوحيد والمنطق والتاريخ والأخلاق، ويلتحق بها من يحصل على العالية.

- ظل رئيسا لمشيخة الأزهر والمعاهد الدينية بالقاهرة، وشيخًا للمالكية. وظل في هذا المنصب إلى وفاته بالقاهرة عام 1346هـ/ 1927م.

بعد رحلة كانت حافلة بالعطاء لقى الشيخ ربه في 15محرم 1346هـ الموافق 14 يوليو 1927م، في القاهرة، ودفن بها، وبقي منصبه شاغرًا مدة سنة تقريبًا إلى أن تولى مشيخة الأزهر الشيخ المراغي.

المصدر: مركز معلومات أخبار اليوم