ليالى السهر والسـمر

انطلاق موسم إنتاج العجوة في قرى ومدن شمال سيناء.. وبرامج تدريبية للسيدات

المشرات مكان مخصص لتجميع  ونشر وتجهيز العجوة
المشرات مكان مخصص لتجميع ونشر وتجهيز العجوة

«العجوة» أهم منتج محلى فى أسواق شمال سيناء حيث تتجمع العائلات فى شهرى سبتمبر وأكتوبر من كل عام لجمع البلح من أشجار النخيل ونشره فى حرارة الشمس حتى يصبح «رطبا» لتجهيزه لصناعة العجوة بالطريقة اليدوية. 

تشتهر مدينتا العريش وبئر العبد، بتجهيز  العجوة، ويعتبر أبناء سيناء موسم حصاد البلح بمثابة فترة استجمام وقضاء وقت ممتع وسط مفردات الطبيعة بعيدًا عن ضغوطات الحياة العصرية وتجديد النشاط، حيث يمضون لياليهم فى السهر والسمر والتواصل فيما بينهم ويتعلم النشء والشباب من الأهالى فنون هذه الهواية والمهنة المتوارثة عبر الأجيال.

وقال شعبان الفضالى، أحد المهتمين بالتراث من أهل سيناء، إن كل أسرة تقوم ببناء «مكان خاص بها من جريد النخيل وتسمى «العريشة الكبيرة» لتكون بمثابة منزل صغير للأسرة، مقسم إلى عدة أقسام، لوضع الاحتياجات التى تستخدم فى الحياة اليومية طوال فترة جمع البلح.

واشارت ام سلامة، من أهالى سيناء، إلى أنه يتم استخراج النواة من داخل البلح الأسود، ويترك فى الشمس لمدة تزيد على 10 ايام حتى  تجف  لتصبح لينة، قبل أعداد  أقراص العجوة حيث تباع قبل فصل الشتاء، نظرًا لوجود إقبال  شديد عليها لاستخدامها كغذاء رئيسى لطلبة المدارس والرجال حيت تزود الجسم بالطاقة. 

ولم يستسلم أبو محمد، من بئر العبد؛  لواقع  زراعة النخيل التى أصبحت تشكل عبئًا على مزارعيها لتدنى عائدها، فقرر استثمار خبرته وخبرة أجداده فى استغلال كل جزء من النخلة  حيث كل شيء فيها مبارك، وبالفعل استطاع انتاج العديد من الأصناف من النخيل كالعجوة والعلف الى جانب محصول البلح.

 وقال إن زراعة النخيل تعد الحرفة الرئيسية للسكان على امتداد المناطق من شرق العريش حتى رمانة فى نطاق يصل لنحو 80 كيلو مترا، حيث يتوارث الأجيال بساتين النخيل من الاباء والاجداد، فهى تركة الماضى عندما كانت تؤمن الغذاء فى فصل الشتاء إذ يتم تصنيع العجوة وحفظها وتناولها، والاستفادة من مخلفات تصنيعها كأعلاف للحيوانات وجريدها لبناء المساكن وأجزاء منها كحطب لإشعال النيران. 

وأوضح المهندس ناصر حمدى من العريش  ان البداية تكون  بجمع الرطب وهو البلح الذى يتم نضجه حتى يصبح شكله أسمر أو بما يسمى الرُطب  عن طريق الصعود للنخلة وهز القنوان واستقبال البلح الناضج على «المشنة» التى يحملها صاعد النخلة والباقى المتساقط  على الأرض  نتيجة عملية  الهز يتم جمعه على قطعة من القماش ويجمع كل ذلك وينقل إلى المشرات.

واضاف، ان العجوة لابد أن تكون مرنة ويتم عجنها لتشكل على هيئة أقراص كبيرة يصل وزن القرص فيها إلى 3 كيلوجرامات «الرطل»، حيث تبقى أيضًا فى الشمس لمدة عشرة أيام ويتم تقليبها كل ثلاثة أيام ثم يتم تغليفها وبيعها للأهالى الذين ينتظرون موسم العجوة، وقال: المهم فى الموضوع الحفاظ عليها من الرمال لانها معروضة فى الشمس وكذلك من العصافير حيث تواكب عملية تجهيزها موسم هجرة الطيور الى سيناء.

وأوضح أن المشرات هو مكان مخصص لتجميع  ونشر وتجهيز العجوة، وهى أماكن  مؤقتة تبنى من جريد النخل حيث تتجمع سيدات العائلة للمشاركة فى  تجهيز العجوة يدويا قبل ان تعرض فى الاسواق للبيع او الحفاظ على جزء منها للاستهلاك المنزلي.   

وقالت السيدة فاطمة ، أنه يتم  فصل القشرة عن الرطب بضغطة خفيفة، لنزع النواة منها وفتحها وفرشها على أجولة الدقيق ثم يتم نقل الرطب إلى المشرة على فرش من الجريد ..ثم يوضع على  أجولة الدقيق لمدة اسبوع تقريبا ، بحيث يتعرض خلالها للشمس لكى ينضج تمهيدا لجمعة كاولى خطوات تجهيز العجوة يدويًا.  

من جانبه، أكد الدكتور خالد زايد، مدير المشروعات بجمعية الجورة بالشيخ زويد، إن محصول النخيل يعد ثروة قومية فى المحافظة وتنتشر زراعته فى المناطق المحازية لساحل البحر المتوسط من رفح شرقًا مرورًا بمناطق الشيخ زويد والعريش وبئر العبد،  وأوضح أن الصناعات القائمة على إنتاج النخيل، العجوة والتمور وأعلاف الحيوانات من البلح المجفف .

وأضاف أنه تم تنفيذ 3 برامج تدريبية للسيدات للتأهيل  والتدريب على إقامة مشروعات متناهية الصغر لأبناء المحافظة ، لرفع القيمة المضافة للمنتجات البيئية، وحضرها 45 مشاركًا لتأهيلهم على هذه الصناعة وتعبئتها.