حكاية الشيخ «حنيدق» ولي مصري بالإسماعيلية قدسه الفرنسيون وادعى اليونانيون أنه منهم

صورة موضوعية
صورة موضوعية

■ كتب: فتحي البيومي 

يظل تاريخ الإسماعيلية عامرا بالحكايات التى شغلت الكثير من مواطنى دول مختلفة أولها مواطنى فرنسا والذي ارتبط تاريخهم كثيرا بمحافظة الإسماعيلية ولعل السبب في ذلك إنشاء الشركة الفرنسية لقناة السويس وجلبها لعدد من العلماء والمهندسين والعاملين للعيش في مدينة الإسماعيلية إبان فترة إنشاء هذا المشروع العظيم .

وقد سلبت الإسماعيلية عقول كل من مكث بها ولو لفترة قصيرة عائدا لبلاده ليحكي عن تراث وجمال هذه المدينة الساحرة ومن أهم معالم الإسماعيلية مقام الشيخ "حنيدق" والذي اختلف في أصله الناس فمنهم من ذهب إلى كونه فرنسي ومنهم من قال إنه يوناني بل وقد انتشرت الأساطير قديما حول انتماء الشيخ "حنيدق" فبعض الناس انتشر بينهم أسطورة النعش الطائر للشيخ حنيدق بل أن هناك من ادعى قائلا إن أجداده شاهدوا نعشا طائرا في السماء وحط في مدينة الإسماعيلية فبنى له مقاما وأطلق عليه ضريح الشيخ "حنيدق" ولكنهم الفرنسيون لم يعجبهم ذلك التبرير فخرجوا بروايتهم بأن الشيخ حنيدق ماهو إلا ضابط فرنسي في حملة نابليون بونابرت ورفض الذهاب إلى الشام بعد خروج الحملة من مصر، ليخرج اليونانيون بروايتهم أيضا حيث ادعوا أن الشيخ حنيدق ماهو إلا قديس يوناني وهم أولى بنسب الشيخ حنيدق، ولك ينته الجدل على ذلك بل كان للمغرب أيضا رأيا آخر ذهبوا في تأييده لأسطورة النعش الطائر وأن هذا النعش لولي مغربي طار من المغرب ليحط بأرض الإسماعيلية .


◄ مكان ضريح الشيخ حنيدق
وعن موقع ومكان ضريح الشيخ حنيدق يقول المؤرخ والباحث " أحمد فيصل" لقد بنى ضريح الشيخ حنيدق وسط الصحراء داخل نطاق محافظة الإسماعيلية إلى أن شقت قناة السويس وعمرت هذه المنطقة وشيد فوق القبر ضريح الشيخ حنيدق، وتعلوه قبة شامخة حولها سور، ويوجد هذا الضريح إلى الآن على الضفة الغربية لقناة السويس وبالقرب من محطة طوسوم التى دارت عندها المعركة الحربية بين الجيش العثمانى والجيش المصري  في اواخر سنة 1914م  ويقع الضريح فوق ربوة عالية تحوطها كثبان من الرمال ويخيم على منطقة الضريح سكون الصحراء، 

وتحتفل مدينة الإسماعيلية فى النصف الأول من شهر يوليو من كل سنة بعيد مولده فتشترك فى هذا الاحتفال الجاليات الأجنبية حيث  تعتقد كل جالية منهم بأن  الشيخ حنيدق ينتمي لبلادهم.

 


◄ علاقة الشيخ حنيدق بفرنسا
وعن الادعاء الفرنسي بنسب الشيخ حنيدق يقول "فيصل" لقد ادعى أحد العمال الفرنسيون بأن الشيخ حنيدق فرنسي الأصل وكان اسمه "هنيديك" وقد كان ضابطا في الجيش الفرنسي وقد دخل مصر مع نابليون بونابرت في الحملة الفرنسية على مصر، وقد اشتهر بتقواه وقوة إيمانه وعندما زحف بونابرت على سوريا وأقام في الصحراء نقطا عسكرية لتحفظ خطوط المواصلات فكان "هنيديك"  مقيما في المكان الموجود فيه ضريحة الآن وكان كثير الخير والإحسان يعالج مرضى البدو ويواسى الحزانى فيهم ويبث فيهم روح الإيمان حتى إذا عاد نابليون من سوريا مهزوما وغادر الديار المصرية لبث "هنيديك" فى وسط الصحراء وأقام لنفسة صومعة يتعبد فيها وزادت كراماته من القدسية درجة فائقة ولما مات شيد له العرب هذا الضريح .


◄ علاقة الشيخ حنيدق باليونان
وعن إدعاء اليونانيين عن انتماء نسب الشيخ حنيدق إلى اليونان يقول "فيصل" يبدو أن نشر الفرنسيين حكايتهم عن انتماء الشيخ حنيدق إلى الجيش الفرنسي لم تعجب اليونانيين، لذا فقد نشروا روايات وأساطير يونانية الهدف منها إثبات نسب الشيخ حنيدق إلى اليونان حيث قالوا: إن أحاديث الفرنسيين ما هى إلا خرافات 

وأن الشيخ "حنيدق"  لم يكن إلا قديسا يونانيا يدعى "هنيدية" وقد جاء الى مصر منذ ١٨٠٠ سنة، ومات فيها ولبث أمرة مجهولا إلى أن قام "ديلسبس"  بشق قنال السويس فكان رئيس العمال فى تلك المنطقة مهندسا يونانيا كبيرا تحت إمرته عدد كبير من العمال المصريين وقد حدث أنه  كلما حفر العمال جزءا من القنال أصبحوا في اليوم التالي وإذا بذلك الجزء مردوما بصخور وحجارة لا يدرى أحد من أين جاءت وتكرر هذا العمل مرارا حتى دهش رئيس العمال اليوناني وخيل له  أن ذلك المكان معمورا بالجان.

ولم يكتف اليونانين بتلك الأحاديث بل نشروا أسطورة أخرى تقول إن المهندس اليونانى يروي ما حدث له  فى إحدى الليالي حيث رأى  فى نومة قديس يوناني تشرق منة الأنوار وقال له : "أنا سان هنيدية وأنا مدفون في هذا المكان ولا أريد ان أن يمر القنال على جثتي فتجرف مياهه رفاتي ولذلك لا أسمح لك بشق قبرى" ولما اصبح الصباح قام المهندس فزعا مذعورا فأمر العمال بألا يحفروا في ذلك المكان بل يقيموا ضريحا حيث يرقد فيه قديس عظيم ولما لم يفهم العمال معنى كلمة قديس قال لهم: "إنه  ولى من أولياء الله " فأقاموا علية ضريحا وقبة ومازالت حتى اليوم.

◄ اقرأ أيضًا | إنشاء جامعة الإسماعيلية الجديدة الأهلية بتكلفة تقديرية 4 مليارات جنيه


◄ الاحتفال بمولد الشيخ حنيدق وتنشيط السياحة
ويقول "فيصل" إن هذا التنازع على أصل  الشيخ حنيدق جعل الاحتفال السنوي بمولده  من أعجب الموالد فى مصر إذ تحتشد في مكانة مختلف الطوائف وتنصب المضارب والخيام وتعمر تلك الصحراء الجرداء حتى تصبح كأنها مدينة كبيرة محتشدة فيها الخلائق، وفى أيام المولد تمتلىء بحيرة التمساح التي تقوم عليها الإسماعيلية باللنشات والزوارق البخارية تنقل الزائرين ليلا ونهارا فتشق بها البحيرة ثم تسير فى القنال ساعة طويلة إلى مكان المولد ويذهب البعض فى السيارات فيخترقون طريقا من أجمل الطرق التي أنشأته شركة القنال على ضفة قنال السويس وبين التلال فترى ذلك الطريق متعرجا بين التلال البيضاء يعلو ويهبط ويخترق الغابات والصحارى ويسير محاذيا للقنال حتى يصل إلى مكان المولد.

ويضيف "فيصل"  وحول مكان الضريح  تنصب خيام الزائرين حيث يخرج أهالي الا الإسماعيلية، فتنصب كل عائلة خيمتها وتقضى فيها أسبوع المولد وتقام الملاهي والمغنيين والمغنيات والمعارض واكواخ البائعين ومضارب قبائل العرب التي تفد من الصحراء وتقضى نهارها فى ألعاب الخيل والفروسية وليلها في الرقص والغناء في ضوء القمر وبين هذه الجماهير من عامة العرب والمصريين تجد أفراد الجاليات الأجنبية ورؤساء شركة القنال وأعيان الفرنسيين واليونانيين حيث يشاركون القوم فى لهوهم وطربهم ويزورون مقام الشيخ حنيدق ويملؤون المقاهي الصغيرة والملاهى، ويخيل إليك أن هذه  الصحراء معسكر دولى ولكن قد توقفت الاحتفالات بعد حرب ١٩٦٧ إلى وقتنا هذا .