وقفة

توثيق معركة العبور

أسامة شلش
أسامة شلش

الندوة الرائعة التى عقدتها القوات المسلحة أول أمس بمناسبة الاحتفال باليوبيل الذهبى لانتصارات حرب أكتوبر رمضان المجيدة أعادت للذكرى حضورها وكأننا نعيش وقائعها كما عشناها وعاشها من عاصروها وشاهدوها بتفاصيلها كاملة، وما أصدق الفيلم التسجيلى الذى عرض متضمنا الأحداث منذ الهزيمة فى يونيو ٦٧، ثم بدء عمليات تجميع القوات بيومين آخرين.

ثم ليفاجأ العالم بعد ذلك بشهر واحد بمعركة رأس العش والتى تمكنت فيها كتيبة من أفراد الصاعقة المصرية بأسلحتهم الخفيفة من تدمير قول دبابات العدو التى تقدمت لمحاولة الاستيلاء على منطقة بور فؤاد فدمرتها بالكامل، ثم انتصار البحرية المصرية المدوى بلنشات الصواريخ الصغيرة عندما دمرت بأول صاروخ سطح سطح فى التاريخ المدمرة الإسرائيلية إيلات وأغرقتها يوم ٢١ أكتوبر ٦٧، لتبدأ مصر بعد ذلك بشهور مرحلة الصمود ثم معارك الاستنزاف وما تحقق فيها من انتصارات واستعدادات أهلت مصر لمعركة العبور المجيدة فى أكتوبر ١٩٧٣.

أجمل ما تضمنته الندوة كلمات بعض من حضروا الحرب من القادة، وأكدته من أن محاولات إسرائيل التى لاتزال مستمرة حتى الآن التقليل من النصر المصرى العربى وادعاء أنه لم يحدث بل حدث العكس وأن إسرائيل كما تمكن الجيش المصرى من العبور عبرت للضفة الغربية وأقامت ما أسمته بالثغرة، ما تدعيه إسرائيل وإخفاء هزيمتها هو ما تحاول أن تقدمه لأجيالها التى لم تعش الحرب، والحقيقة لا يمكن إخفاؤها باعترافات قادة إسرائيل أنفسهم بأنها منيت بهزيمة قاسية شبهها ديان وزير حربهم بالزلزال، وشبهتها جولدا مائير بالكابوس وكذلك ما أكدته لجنة إجرانات التى شكلتها إسرائيل للتحقيق فى أسباب الهزيمة وما تعرضت له إسرائيل.

وكان ذلك بعد الحرب بـ٣شهور فقط وتم خلال تحقيقات سؤال ٧٣ من قادة الحرب والمسئولين فى دولة الكيان الصهيونى، وكان تقريرها الذى أطلقت عليه التقصير وكان أكبر دليل على هزيمة إسرائيل فقد كانت من نتيجة التحقيقات إقالة مدير المخابرات ورئيس الأركان وبعض القادة والإبقاء على رئيسة الوزراء جولدا مائير ووزير الدفاع موشيه ديان لأسباب سياسية.

ما أحوجنا كما طالبت الندوة بضرورة توثيق كل تفاصيل الحرب وأحداثها وأدق أدق تفاصيلها لتكون متاحة للأجيال الجديدة التى لم تعش الحرب بطبيعتها وهو ما يجب أن ندرس باستفاضة كيفية القيام به.