فى الصميم

سميحة أيوب.. وأصل القضية!!

جلال عارف
جلال عارف

الضجة المثارة حول صفحة فى كتاب مدرسى للسادسة الابتدائية تحتوى معلومات عن الفنانة العظيمة سميحة أيوب ضمن شخصيات متميزة ومؤثرة تعنى الكثير.


تعنى ـ أولا ـ أننا قصرنا كثيراً فى حق أبنائنا حين حرمناهم لسنوات عديدة من أن تكون المدرسة هى بابهم إلى كل فروع الثقافة والفنون كما هى بابهم للعلم. حدث ذلك بسبب نقص الإمكانيات من ناحية، وبسبب تغلغل أفكار القلق التى تعادى الفن وتحرّم الموسيقى وتعتبر الابداع (فى الفن والثقافة كما فى العلوم) رجساً من عمل الشيطان!!


وتعنى هذه الضجة المفتعلة حول صفحة سميحة أيوب فى كتاب مدرسى - ثانيا - أن أمامنا عملاً كبيراً من أجل استعادة «البوصلة الصحيحة» لتربية أطفالنا وتعليمهم بالطريقة التى نطمئن بها على مستقبلهم ومستقبل الوطن، بعيداً عن ظواهر رأيناها فى سنوات ماضية حين وجدنا الكثير من مدارسنا يسيطر عليها من يدعون لزواج الأطفال ولبقاء المرأة فى منزلها لأن تعليمها - كما يروجون - لا يجلب إلا ما لا يسر أو يفيد!!


وتعنى هذه الضجة المفتعلة أن أمامنا مهمة أكبر من صفحة فى كتاب أو حديث عابر عن أهمية الفن فى حياتنا وحياة كل الشعوب. لابد من عمل شامل لاستعادة الفنون والثقافة لمكانتها فى حياتنا.. وتقديم كل أوجه الرعاية لهذه القوة الأساسية التى يصفها الكثيرون بأنها القوة الناعمة للدولة. ولابد أن ندرك أن البداية الطبيعية لابد أن تكون فى المدرسة. قد تكون الظروف الاستثنائية التى نمر بها لا تسمح بعودة سريعة للمدرسة التى تمتعنا فيها - مع أرقى سنوات التعليم - بكل الأنشطة الفنية والرياضية والثقافية. لكن علينا أن نبدأ الطريق بإبعاد كارهى الفنون وأعداء الثقافة المتجددة عن العملية التعليمية وبإدخال مقررات بسيطة تعرّف أبناءنا بالمبدعين الكبار الذين ملأوا حياتنا بالفن والجمال، وبفتح الأبواب أمام أبنائنا ليبحثوا عن الغناء الجميل والمسرح الراقى والسينما الحقيقية.. قبل أن يبدأوا رحلتهم الخاصة مع إبداع جديد متميز نحتاجه بشدة قبل أن تجتاح العملة الفنية الرديئة كل شىء جميل فى حياتنا.


شكراً لمن قدموا لأبنائنا فى كتاب مدرسى نجمتنا الكبيرة سميحة أيوب، فذكروا الجميع بأجمل عصور المسرح المصرى مع مبدعين بحجم توفيق الحكيم ونعمان عاشور وسعد وهبة وميخائيل رومان، ونجوم بحجم سناء جميل وحسين رياض والدقن والبارودى، وفرضوا السؤال الهام: كيف نستعيد هذا الوهج الفنى العظيم؟!