قلب مفتوح

أكتوبر.. الحرب لم تنته بعد

هشام عطية
هشام عطية

مر نصف القرن على أمجد وأعظم انتصاراتنا حرب أكتوبر، والتى لم تكن هزيمة للغطرسة الإسرائيلية بقدر ما كانت هزيمة للهزيمة التى سكنت النفوس العربية وأفقدتها الثقة فى ذاتها وقدراتها بعد نكسة يونيو المريرة.

الآن هل انتهت الحرب بيننا وبين الصهاينة؟ بكل إيمان أقول: لم تنته ولن تنتهى هذه المواجهة الوجودية المفروضة علينا مع عدو لن يرضى أبداً إلا باستباحة أرضنا والسطو على مياه نيلنا.

الحرب الآن مع العدو لم تعد حرب دبابات وطائرات ولكن حرب مواقع وشبكات غرضها تدمير المعنويات والدليل غارة التلفيق والتزوير التى شنها العدو بالتزامن مع الذكرى الخمسين لنصر أكتوبر بالإفراج عن وثائق تطفح بالأكاذيب تستهدف اغتيال عظمة النصر فى عقول ووجدان أجيال جديدة لم تعاصر هذه الحرب المجيدة ولم تقرأ جيدا عن تضحيات وصمود المصريين.

الكارثة وصول هذا الزيف والباطل لعقول شبابنا الذين لم يعاصروا أكتوبر ولم يشعروا بأهمية هذا الانتصار العظيم.

سرقنا الوقت شغلتنا الأحداث ونسينا أن نحصن أبناءنا بمصل أمجاد أكتوبر التى صنعها المصريون.. تركنا الأجيال الجديدة لعمليات حصار وتطويق ممنهج لكل بواعث الانتماء والولاء داخلهم.. أدخلنا نصر أكتوبر فى متاهات السياسة ولم نربطه بعظمة المصريين وقدرتهم على تحدى الصعاب وفضح أسطورة الجيش الإسرائيلى الذى لايقُهَر، بل اختصرنا النصر فى أسماء الرؤساء، بين «عاش اللى قال للرجال عدوا القنال وبين «أول ضربة جوية فتحت باب الحرية» ضاعت سير وبطولات حقيقية لرجال بذلوا الغالى والنفيس لتحرير تراب الوطن المقدس غابت حكايات الجسارة والبسالة التى قدمها أبطال ورجال تحتاج بطولاتهم إلى كتبٍ ومجلداتٍ أمثال: إبراهيم الرفاعى ورجاله الأفذاذ عبدالعاطى صائد الدبابات وباقى زكى صاحب فكرة هدم الساتر الترابى بخراطيم المياه وغيرهم من الأبطال.

أنا من جيل تربى على مشاهدة العرض العسكرى والذى كان يقام سنويا بمناسبة النصر والذى كان يغرس فينا شعوراً بالفخر ببطولات رجالنا والزهو بقدرات وإمكانيات قواتنا المسلحة، أنا من الجيل الذى تربت أذنه على سماع أغانى أكتوبر.. التى كانت أبرز المكونات التثقيفية لشخصيتنا وأحد أهم المحفزات لشعورنا بالولاء والانتماء لهذا الوطن العظيم.

أعيدوا العرض العسكرى مرة أخرى وامنحوا الدراما والأعمال الفنية الراقية كل الدعم لتجسد وتوثق أمجاد وبطولات قواتنا المسلحة وحصنوا الشباب بمصل الفخر بانتصار أكتوبر المجيد واحموهم من محاولات اجتثاث الولاء والانتماء للوطن بحروب العالم الافتراضى المستعرة.