أوراق شخصية

بلد بتاعة شهادات صحيح!

أمال عثمان
أمال عثمان

فى دور من أجمل أدوار الفنان القدير«عادل إمام»، له جملة شهيرة يرددها، مازالت محفورة فى الذاكرة، حين جسد شخصية «دسوقى أفندى» فى مسرحية «أنا وهو وهى» يقول فيها: «بلد بتاعة شهادات صحيح». تلك الجملة الشهيرة أجدها أكثر ما يمكن أن يعبر عن السباق المحموم بين الجامعات المصرية على إنشاء كليات إعلام، وتخريج مئات الأعداد كل عام فى تلك الجامعات، دون وجود وظائف لهم فى سوق العمل بالداخل أو الخارج!!

وما يزيد الطين بلة أن الطالب يلتحق بكليات الإعلام الخاصة بمجموع هزيل، أقرب للسقوط منه للنجاح، والغريب أن أولئك الطلاب الذين يتهافتون على كليات الإعلام الخاصة، لا يملكون القدرة على الكتابة، ولا يطيقون القراءة إلا من رحم ربي، بل إنهم أبعد ما يكونون عن الثقافة العامة والمعلومات والمعرفة الواسعة، وكلها مهارات أساسية يجب أن تتوافر لدى الإعلامى، فبالله عليكم ماذا ننتظر من طوابير الخريجين الطويل الذى يحمل «شهادات» من كليات الإعلام المنتشرة فى طول البلاد وعرضها؟!

يحدث ذلك فى ظل ظهور تقنيات الذكاء الاصطناعي، ودخولها فى صلب العمل الإعلامى العربي، وتوقعات دراسات غربية عديدة، بأن يُسهم الذكاء الاصطناعى فى إلغاء حوالى 300 وظيفة ومهنة، من بينها الإعلام وصناعة المحتوى الإعلامي!!

وهنا أود الإشارة إلى منتدى الإعلام العربى فى دبى بدورته الحادية والعشرين، والذى استقبلت ضيوفه وألقت كلمة الافتتاح، بل وقدمت المتحدثين فيه، الشخصية الافتراضية الإعلامية «MAI» لتعكس موضوع تلك الدورة، وهو مستقبل الإعلام العربي، وتقنيات الذكاء الاصطناعى التى خلقت عهداً جديداً فى صناعة الإعلام، ومدى حضور الذكاء الاصطناعى داخل غرف الأخبار عام 2052، وفى المؤسسات الإعلامية عموماً.

وأتوقف هنا أمام كلمة أحد المتحدثين فى المنتدى، حين أشار إلى أن الذكاء الاصطناعى استطاع أن يكتب خمسة مقالات فى خمسة اتجاهات مختلفة، كانت جميعها أفضل من المقالات المنشورة لكتاب صحفيين فى الصحيفة التى يعمل بها!! لذا أقول يا سادة..

دعونا ننشئ كليات تُقدم خريجين مؤهلين حقاً لسوق العمل، وقادرين على التعامل مع العلم الحديث وتطورات المستقبل، ونتوقف عن تخريج شباب يحمل أسفاراً، لا ينتفعون بها، ولا يعقلون ما فيها!!