إنها مصر

روح أكتوبر ومواجهة التحديات

كرم جبر
كرم جبر

روح انتصارات السادس من أكتوبر هى نفسها، التى عبأت عزيمة الأمة بالعناد والإصرار، لمواجهة مؤامرات سافرة، استهدفت إدخال مصر فى حزام ثورات الربيع العربى التى خلفت وراءها خراباً وقتلى وأنقاضاً.

لم يفهم الأشرار أن مصر هى وطن التسامح والتآخى والتعايش السلمى، وأن المسلم والمسيحى اللذين انتصرا معاً فى أكتوبر، لا يمكن أبداً أن يكونا وقودا للفوضى المسماة بالخلاقة وهى المدمرة فاتحدا والتحما ودافعا عن وجودهما وبقائهما معاً.

ولم يفهموا أن العلم المصرى العظيم، الذى رفعه المقاتل «محمد» فوق أرض سيناء، لا يمكن أن تخفضه جماعة إرهابية، وتستبدله برايات سوداء، إنكاراً للهوية والعلم والصمود.

لم يفهموا أن أغنية «عبرنا الهزيمة يا مصر يا عظيمة»، لا يمكن أن يحل محلها نشيد «صليل الصوارى»، واستحالة أن يجدوا بديلاً لألحان عشق الوطن ومشاعر الدفء والحنين والطمأنينة.

إنه اليوم الأعظم فى تاريخ مصر، وتهب نسائمه على الوطن العظيم، فى ظروف صعبة، تتكالب فيها قوى الشر، للنيل من عزيمة البلاد، وإرادتها فى التقدم، ومحاولة سحبها للوراء ومواجع الفوضى.

وكلما جاءت ذكرى الانتصار العظيم، نتأكد أن «روح أكتوبر» هى سلاح الردع الذى يحمى البلاد، فى الصعاب والمحن والأزمات، والروح هى التفاف المصريين حول وطنهم إذا أحسوا بالخطر.

التفوا حول وطنهم لاسترداده من الجماعة الإرهابية، التى أرادت استنزاف المخزون الاستراتيجى للهوية المصرية، واستبداله بخليط غريب من ثقافة إنكار الهوية، وإشاعة مفهوم «اللاوطن».

روح أكتوبر كانت بالمرصاد، فالقلوب التى كانت تهتف «الله أكبر» فى العبور العظيم، هى نفسها التى أحست بالخطر الداهم الذى يفوق الاحتلال، من جماعة أرادت أن تبنى خلافتها على أنقاض وطن.

كانت إسرائيل متأكدة أنها ستترك الأرض مهما طال الاحتلال، أما الجماعة الإرهابية، فقد توهمت أنها جاءت لتبقى، وتنشر فى كل مكان صبيانها وميليشياتها وترفع فوق الصوارى أعلامها، وليس علم مصر.

كان من الطبيعى أن تتآلف القلوب لحماية الهوية المصرية، الضاربة الجذور منذ آلاف السنين، وتتجسد ملامحها فى التسامح والتعايش السلمى الآمن بين كل المصريين، بغض النظر عن جنسهم وديانتهم.

وكما كان تلاحم الأمة كلها عنواناً بارزاً فى حرب أكتوبر المجيدة.. التحمت مصر كلها للدفاع عن وطنها ضد عدو أكثر إجراما من إسرائيل.
الآباء حرروا سيناء من نير الاحتلال، والأبناء يطهرون أرضها من دنس الإرهاب، ويواصلون معركة البناء والتنمية، ومواكب الخالدين تمضى إلى السماء تسطر للشهداء الخلود والبقاء، كلنا زائلون ومصر باقية.

روح أكتوبر كانت الزاد والزواد لقهر المستحيل، وياحبذا لو تسلحنا بها لعبور التحديات الراهنة التى تواجه البلاد.