الخروج عن الصمت

ثمار الخير

محمد عبدالواحد
محمد عبدالواحد

محمد عبدالواحد

فى لحظة سكون ترى الكون بعيون البصيرة، فلا أحد منا يولد وفيه كل الشرور و لا كل الخير.. وإنما هى بذور تبذر فى تربة صلاحها يثمر الخير وفسادها يثمر الشر.. وإذا أردت مقياسًا آخر فانظر إلى البحر فى سكونه وعنفوانه، فتراه فى سكونه وكأنه طفل صغير يفرح بلهو الجميع ويحتضنهم ويحملهم على ظهره كلما تركوا أثقال أجسادهم وتخلصوا من تشنجات عضلاتهم، يفصح لهم عما بداخله فترى أعينك صغار سمكة وهى تلهو حولك وكأنها تداعبك.


هكذا ترى بذور الخير براءة تبتسم فى وجه الجميع تفرح عندما يحنو عليها أحد تسعد وهى تتعلم وتزداد سعادتها عندما تتدرب على الصيام وتفتخر كلما أكملت يومها، تتشابك أياديها مع من يصطحبها للصلاة تتقاسم كسرات الخبز والحلوى وهى فى غاية السرور، تحنو على الضعفاء رغم أنها لا تمتلك إلا القليل لذلك تغلف أفعالهم بالبراءة لكنهم نسوا أن يفصحوا عن التربة الجيدة التى احتضنت تلك البراءة ببراعمها حتى تقوى جذورها فإن كانت خصبة وصالحة كان هذا نتاج فعلها.. وعندما تنظر للبحر فى عنفوانه تراه متلاطم الأمواج وكأنه يحمل بركانا من الغضب. تخشى نفسك أن تكسر غضبه ويزداد الخوف داخلك كلما انقلبت موازينك ولا تستطيع السيطرة على نفسك حتى وإن كنت سباحا ماهرا فهو لا يفرق فى غضبه بين أحبابه وأعدائه أصبح الكل فى مرمى أمواجه. 

هكذا يكون نتاج نوع آخر أطلق عليه فى صغره براءة رغم أن بذور الشر بذرت فى تربة مسممة براعمها تحمل الحقد والكراهية تغلف أفعالها بالأنانية وحب النفس لا تستطيع أن تقاومها أو تصلح منها حتى وإن كنت تحمل لها الخير فهى تهدأ وهى تكتسب منك وسرعان ما تنقلب عليك لا تستطيع صد رياحها، فهى ربت فى تربة لا تعرف للخير طريقا، فلهوها كان عنفا وفى صحبتها كان غدرا وفى عطفها كان مكرا وسخرية وفى عبادتها تظاهرت بالتقوى والصلاح لذلك تراها دائما كأمواج البحر المتلاطمة تقتلع فى طريقها كل ما حولها لا تفرق بين عدو وحبيب. لذلك أرى صفاء النفوس وراحة العقول وتغليف القلوب بالإيمان، ثمار خير لايعرف حلاوتها إلا من غرس فيها فعائدها مثمر.. وشرها هين لين يردعه إيمان بعدل الرحمن، أما أصحاب القلوب المتلاطمة كالأمواج لا تأمن غدرها ولا يردعها رادع، فإيمانها تراه فى قوتها.. وشرها نار يحرق الأخضر واليابس، فهى لا تعرف للرأفة ولا للرحمة طريق.