أشرف رمضان يكتب: إلى «محتكر الأرز»: تأكد أنك ستشرب من نفس الكأس

أشرف رمضان
أشرف رمضان

قبل يومين، قررت الذهاب إلى بلدتي المنصورة في زيارة سريعة، على مدخلها رأيت ذهبًا أصفرًا يمينًا ويسارًا يسرُ الناظرين، الآلات الزراعية تحصد الأرز وسط فرحة الفلاحين، استبشرت خيرًا، فمن المعروف أن موسم الحصاد تنخفض معه الأسعار، وبالتالي هذا سينعكس على المواطن الذي ينتظر الموسم بفارغ الصبر ليريح «جيبه» ولو قليلًا، خاصة أن الأرز في وجه بحري «وجبة أساسية» على جميع الموائد.
رائحة الأرز «الشعير» تداعب أنفي، ما أحلاها رائحة، وما أجملها وجوه تلك التي تحصد من أجل الآخرين، لكن فرحتي لم تدم طويلاً، عندما ألقى على مسامعي أحد أبناء عمومتي فاجعة كبرى، لا أتوقعها من أهل الخير والجمال، أخبرني أن «الأرز الشعير» اقترب في سعره من 15 ألف جنيه للطن، أما الأبيض تجاوز الـ 22 ألفًا، ما هذا العبث؟ بادرته متسائلاً.
أجاب: «جميع الفلاحين والتجار شغالين حاليًا في تخزين الأرز، محدش عايز يبيع حباية واحدة، على أمل إنه هيزيد تمنه تاني».
الصدمة أخذتني بالذاكرة إلى الوراء، وسألت نفسي: ماذا حدث؟، أين ذهب الطيبون؟، متى ترعرع كل هذا الاحتكار في وادينا؟، لماذا يقسو الناس بعضهم على بعض؟، أسئلة كثيرة لم أجد لها إجابة سوى قول سيدُنا رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: «مَنْ دَخَلَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَسْعَارِ المُسْلِمِينَ لِيُغْلِيَهُ عَلَيْهِمْ, كانَ حَقًّا عَلَى الله -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- أَنْ يُقْعِدَهُ بِعُظْمٍ مِن النَّارِ يَوْمَ القِيَامَةِ».
نشكو البلاء، ولا نلتفت لذنوبنا، فهل هناك أعظم من ذنب الاحتكار بقصد الغلاء، والتضييق على الناس؟، المحتكر بلا ضمير، بلا أخلاق، بلا رحمة، أقول له، كل كأس سقيتَ به غيرك بيديك، ستُسقَى به يومًا.
هنا أناشد رئاسة مجلس الوزراء بالتدخل الفوري لوقف هذا الاحتكار في سلعة استراتيجية مهمة بالنسبة للشعب، والضرب بيد من حديد على كل من يتلاعب في الأسعار ويحتكر السلع، مع ضرورة سن تشريع يغلظ عقوبة الاحتكار، وأعتقد أن 90% من الشعب المصري يؤيد هذا التشريع.
على الحكومة التحرك فورًا لنجدة الناس من أيدي «أغنياء الحرب»، هذا خير وصف لهم، لأن يستغلون الأزمات الراهنة في تكدير السلم المجتمعي، فهم لا يقلون خطورة عن الإرهابيين والخونة لأوطانهم، فالمحتكرون يقتلون الناس بدم بارد، لذا لا تأخذنا بهم رأفة ولا رحمة.