إنها مصر

ولم يتردد السادات !

كرم جبر
كرم جبر

حافظت مصر على أمنها واستقرارها وسلامة أراضيها، رغم العواصف الشديدة التى هبت على المنطقة، فأطاحت بدول وحكومات وشردت شعوبًا، وظلت واقفة على قدميها، يدعمها جيش مخلص وشعب وفى، اتحدا فى أحلك الظروف، فصنعا ملحمة الصمود والبقاء فى 30 يونيو، ولم تستطع قوى الشر أن تنال منهم.


30 يونيو و6 أكتوبر.. الأول بداية تحرير سيناء من براثن الإرهاب، والثانى تحريرها من إسرائيل، وكلاهما حاول أن يكون له السيادة على أرض الفيروز، ولكن هيهات.
وكلما ضاقت السبل نستدعى روح حرب أكتوبر، الانتصار الأعظم فى تاريخ العرب والمصريين، وخلاصته أن الشعوب لا تحيا فقط بأمجاد الماضي، وإنما باستمرار العطاء والتضحيات.


جيشهم هو البطل الذى عاهد الله أن يفتدى بلاده بالأرواح، ولم يتورط فى نزاعات إقليمية، ولم تتلوث يداه بدماء أشقاء عصفت بهم الحروب الأهلية فى بلادهم، فأصبحوا أكثر قسوة على أوطانهم من أشد الأعداء.
حرب أكتوبر المجيدة كانت مفتاح تحرير سيناء، وفى ست سنوات فقط بعد الهزيمة استطاع المصريون أن يعيدوا بناء قواتهم المسلحة، ولم يكن فى استطاعة دول وشعوب أخرى أن تفعل مثل ذلك، فى أقل من عشرات السنين، فسيناء قطعة من جسد الوطن، لا يمكن التفريط فى شبر من أراضيها، ويفتديها شبابنا بأرواحهم ودمائهم، حتى تخلصت من براثن الاحتلال الإسرائيلي.
50 عامًا على الانتصار العظيم، ومازالت دروسه المستفادة تزود البلاد بالعزيمة والهمة لمواجهة الأزمات والتحديات، فما كان مستحيلا صار ممكنًا على أيدى الجنود والضباط بأرواحهم وتضحياتهم.
وتجلت عظمة المصريين فى الاصطفاف خلف قواتهم المسلحة قبل حرب أكتوبر المجيدة، فاختفت الجرائم تمامًا أثناء الحرب، ولم تحدث حالات استغلال أو ارتفاع للأسعار، وبعد الحرب تستلهم البلاد الروح التى فجرتها معركة العبور والتحرير.
تحية من القلب للأبطال فى ذكرى تحرير سيناء، أجيال وراء أجيال يرفعون علم البلاد عاليًا فى السماء، تحية للأبطال الذين قدموا أرواحهم، فأعادوا إلينا الحياة والكرامة والكبرياء.. والعار للخونة والأشرار.


تحية لروح الرئيس السادات، لم يترك قضية بلاده للمراهنات والمزايدات والصخب والضجيج الآتى من بعض الأصوات المعارضة، وقرر أن يكون شجاعًا فى السلام، كما كان شجاعًا فى الحرب.


"لو" تردد السادات لكانت سيناء الآن فى علم الغيب، و"لو" سمع العرب والفلسطينيون كلامه، لكان العلم الفلسطينى يرفرف الآن فوق دولة مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
كان السادات على حق عندما حرر أرضه، وحث العرب أن يشاركوه، فلو انتظر مزادات النضال الكلامي، لاستمرت حالة اللا سلم واللا حرب، واستنزفت قوى الوطن، وكان ذلك مستحيلا عند الشعب والجيش.