من مصر سلامًا إلى ليبيا

أيمن فاروق
أيمن فاروق

‭  ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬حروب‭ ‬مدمرة،‭ ‬أزمات‭ ‬اقتصادية،‭ ‬زلازل،‭ ‬أعاصير،‭ ‬كوارث‭ ‬مدمرة،‭ ‬السؤال،‭ ‬هنا،‭ ‬هل‭ ‬كما‭ ‬يردد‭ ‬البعض‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬الأعاصير‭ ‬والزلازل‭ ‬أمور‭ ‬من‭ ‬صنع‭ ‬الإنسان‭ ‬لأجل‭ ‬تحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬وأطماع‭ ‬دول‭ ‬كبرى،‭ ‬أم‭ ‬الطبيعة‭ ‬تنذر‭ ‬البشر؟،‭ ‬بإيقاف‭ ‬ما‭ ‬يفعلونه‭ ‬من‭ ‬خراب‭ ‬وتدمير‭ ‬وقتل،‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬الخيارين‭ ‬ماعلينا‭ ‬سوى‭ ‬الرصد‭ ‬والعظة،‭ ‬حيث‭ ‬تدور‭ ‬بنا‭ ‬دوامة‭ ‬الحياة،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬نعلم‭ ‬إلى‭ ‬أين‭ ‬تأخذنا؟

المتابع‭ ‬للأحداث‭ ‬الدولية،‭ ‬من‭ ‬قلق‭ ‬أمريكي‭ ‬من‭ ‬احتمالية‭ ‬دعم‭ ‬الصين‭ ‬لروسيا‭ ‬عسكريا‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬وموجات‭ ‬الحر‭ ‬التي‭ ‬تلهب‭ ‬أستراليا،‭ ‬وذاك‭ ‬الربوت‭ ‬الذي‭ ‬يقوم‭ ‬بأعمال‭ ‬طهي‭ ‬وقلي‭ ‬تفوق‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬السرعة‭ ‬والحرفة،‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬نضرب‭ ‬كفًا‭ ‬بكف،‭ ‬ونتساءل‭ ‬إلى‭ ‬أين‭ ‬نحن‭ ‬ذاهبون؟،‭ ‬فالعالم‭ ‬على‭ ‬صفيح‭ ‬ساخن،‭ ‬تطور‭ ‬تكنولوجي‭ ‬متسارع،‭ ‬وحروب‭ ‬تستخدم‭ ‬فيها‭ ‬أحدث‭ ‬الأسلحة‭ ‬لفرض‭ ‬الهيمنة‭ ‬وإثبات‭ ‬من‭ ‬الأقوى؟‭!‬،‭ ‬لكن‭ ‬الشيء‭ ‬المؤلم‭ ‬والمسيطر‭ ‬على‭ ‬الذاكرة‭ ‬والذي‭ ‬يعد‭ ‬الدرس‭ ‬الأعظم‭ ‬والأقوى‭ ‬للجميع،‭ ‬هو‭ ‬إعصار‭ ‬ليبيا‭ ‬وزلزال‭ ‬المغرب،‭ ‬فالمشاهد‭ ‬المأساوية‭ ‬التي‭ ‬رصدتها‭ ‬الكاميرات،‭ ‬وتحديدًا‭ ‬مدينة‭ ‬درنة‭ ‬التي‭ ‬سكنها‭ ‬الحزن،‭ ‬نتيجة‭ ‬الإعصار‭ ‬والفيضانات‭ ‬التي‭ ‬حولتها‭ ‬مدينة‭ ‬منكوبة‭ ‬تحولت‭ ‬شوارعها‭ ‬إلى‭ ‬أحياء‭ ‬مهجورة،‭ ‬وكأنها‭ ‬مدينة‭ ‬أشباح،‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬عدد‭ ‬المفقودين‭ ‬تجاوز‭ ‬الـ‭ ‬11‭ ‬ألف‭ ‬قتيل،‭ ‬وفقدان‭ ‬الكثير‭ ‬وتشريد‭ ‬أغلب‭ ‬سكانها،‭ ‬هؤلاء‭ ‬الذين‭ ‬تحول‭ ‬جزء‭ ‬كبير‭ ‬منهم‭ ‬لفرق‭ ‬إنقاذ‭ ‬تبحث‭ ‬عن‭ ‬أقاربهم‭ ‬وأحبائهم،‭ ‬بينما‭ ‬نزح‭ ‬الجزء‭ ‬الآخر‭ ‬والذي‭ ‬قارب‭ ‬على‭ ‬40‭ ‬ألفا‭ ‬من‭ ‬سكانها‭ ‬لمناطق‭ ‬أخرى،‭ ‬بعد‭ ‬ان‭ ‬جرفت‭ ‬السيول‭ ‬ربع‭ ‬المدينة‭ ‬وحولتها‭ ‬إلى‭ ‬مقبرة‭ ‬كبيرة‭ ‬تسكنها‭ ‬رائحة‭ ‬الموت،‭ ‬فالمباني‭ ‬سويت‭ ‬بالأرض‭ ‬والحياة‭ ‬شبه‭ ‬متوقفة،‭ ‬بعد‭ ‬انهيار‭ ‬سدين‭ ‬نتج‭ ‬عنه‭ ‬فيضانات‭ ‬وسيول،‭ ‬جرفت‭ ‬أطنانًا‭ ‬من‭ ‬الصخور‭ ‬وكتل‭ ‬سكانية‭ ‬كاملة،‭ ‬ودُمرت‭ ‬البنية‭ ‬التحتية،‭ ‬مما‭ ‬صعب‭ ‬الأمر‭ ‬على‭ ‬فرق‭ ‬الإنقاذ‭ ‬والإغاثة‭.‬

لا‭ ‬يزال‭ ‬صوت‭ ‬شاهد‭ ‬عيان‭ ‬يتردد‭ ‬في‭ ‬أذني‭ ‬عندما‭ ‬قال‭ ‬إنه‭ ‬سمع‭ ‬جيرانه‭ ‬وأصدقاءه‭ ‬يصرخون‭ ‬وهم‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬رعب‭ ‬مع‭ ‬اجتياح‭ ‬المياه‭ ‬الجارفة‭ ‬لمنازلهم‭ ‬وبعدها‭ ‬حل‭ ‬الصمت‭ ‬مما‭ ‬يعني‭ ‬أنهم‭ ‬ماتوا،‭ ‬كلمات‭ ‬موجعة‭ ‬وعبارات‭ ‬مؤلمة،‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬يتمنى‭ ‬أن‭ ‬تحدث،‭ ‬أو‭ ‬تتكرر،‭ ‬مأساة‭ ‬يعيشها‭ ‬الشعب‭ ‬الليبي‭ ‬نتمنى‭ ‬من‭ ‬الله‭ ‬لهم‭ ‬السلامة،‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬مكتب‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لتنسيق‭ ‬الشؤون‭ ‬الإنسانية،‭ ‬أعلن‭ ‬عن‭ ‬المخاوف‭ ‬بشأن‭ ‬سدين‭ ‬آخرين‭ ‬في‭ ‬ليبيا،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬ورد‭ ‬أنهما‭ ‬يتحملان‭ ‬كميات‭ ‬هائلة‭ ‬من‭ ‬الضغط،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬أعقاب‭ ‬الفيضانات‭ ‬المدمرة،‭ ‬وذكر‭ ‬المكتب‭ ‬أن‭ ‬السدين‭ ‬المعنيين‭ ‬هما‭ ‬سد‭ ‬وادي‭ ‬جازة‭ ‬بين‭ ‬مدينتي‭ ‬درنة‭ ‬وبنغازي‭ ‬المدمرتين‭ ‬جزئيًا،‭ ‬وسد‭ ‬وادي‭ ‬القطارة‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬بنغازي،‭ ‬كما‭ ‬ذكر‭ ‬المكتب‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬تقارير‭ ‬وصفها‭ ‬بالمتناقضة‭ ‬بشان‭ ‬استقرار‭ ‬السدين‭ ‬إذ‭ ‬قالت‭ ‬السلطات‭ ‬إن‭ ‬كلا‭ ‬السدين‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬جيدة،‭ ‬ويعملان‭ ‬بشكل‭ ‬جيد،‭ ‬ونتمنى‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬بالفعل‭ ‬جيدين‭.‬

وسط‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬الإشادة‭ ‬بدور‭ ‬مصر‭ ‬ودعمها‭ ‬للأشقاء‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭ ‬والمغرب‭ ‬بعد‭ ‬تعرضهما‭ ‬لكوارث‭ ‬طبيعية،‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬بمثابة‭ ‬شعاع‭ ‬أمل‭ ‬وطاقة‭ ‬نور‭ ‬للشعب‭ ‬الليبي،‭ ‬إذ‭ ‬أنها‭ ‬ستظل‭ ‬السند‭ ‬والداعم‭ ‬الحقيقي‭ ‬لكل‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬الشقيقة‮»‬،‭ ‬وأن‭ ‬موقفها‭ ‬يؤكد‭ ‬صلابة‭ ‬الدور‭ ‬الذي‭ ‬تقوم‭ ‬به‭ ‬مصر‭ ‬إقليميا‭.‬

وفي‭ ‬النهاية‭ ‬نرجو‭ ‬من‭ ‬الله‭ ‬السلامة‭ ‬لليبيا‭ ‬وشعبها‭.‬


 

 

 

;