حبر على ورق

قضية «الغارمات»

نوال مصطفى
نوال مصطفى

من خلال خبرتى الطويلة فى قضية الغارمات أراها تحتاج لحلول متكاملة، ومحاور متعددة منها القانوني، الاقتصادي، الثقافى، والإعلامي. الحل ليس فقط الإفراج عن آلاف الغارمات والغارمين، اكتشفنا ذلك فى جمعية رعاية أطفال السجينات، أن نسبة كبيرة من السيدات اللاتى نفك كربهن، يعدن مرة أخرى. لماذا؟ لأنهن يخرجن لنفس الظروف، وأضيفت إليها الوصمة الاجتماعية.

يصدر الرئيس عبد الفتاح السيسى توجيهاته بالإفراج عن أعداد كبيرة من الغارمين والغارمات فى كل الأعياد، وهى مبادرة بدأها بنفسه، بالتبرع من ماله الخاص لإيمانه بأن سجن الأم يهدد كيان الأسرة واستقرارها. وهذا صحيح فسجن أم يساوى تشريد أسرة، الأم هى السند والعمود الفقرى للبيت.

تبذل الكثير من الجهود سواء من الدولة أو المجتمع المدنى للإفراج عن سجينات وسجناء الفقر، لكن تبقى الظاهرة قائمة بكل أسف، لأن الحل ليس فى تسديد الديون فحسب. لذلك أسست جمعية أطفال السجينات «التحالف الوطنى لحماية المرأة بالقانون» عام 2017، والهدف الأول الذى وضعناه لهذا التحالف دراسة الحلول الواقعية العملية لقضية «سجينات الفقر» الغارمات..  قطعنا أشواطاً عديدة بالاستعانة بخبراء متخصصين فى القانون، الاقتصاد، الاجتماع، والثقافة والإعلام. إلى جانب نخبة من أعضاء البرلمان المتحمسين لتبنى تلك الحلول والمساهمة فى وضعها وصياغتها.

أقمنا عددا من الموائد المستديرة للحوار، تمكن المشاركون فيها من إنتاج دراسة معمقة، عملية، واقعية للحل، وتقدم النائب عبد المنعم إمام بتقديم مشروع القانون الذى توصلنا إلى بنوده إلى مجلس النواب، وفى انتظار مناقشته من خلال نواب الشعب.

من المؤكد أن الاهتمام بالجانب الإنسانى فى حياة المصريين يشغل الرئيس بنفس القدر الذى يركز فيه على الإنجاز العمرانى وتطوير البنية التحتية، وتأسيس المشروعات العملاقة التى تنطلق بمصر إلى آفاق المستقبل. إنه يؤمن تماما أن الارتقاء بحياة الإنسان هو هدف كل إنجاز يجرى على أرض مصر، وأن حل المشكلات الاجتماعية والإنسانية للفئات غير القادرة مسئولية الدولة الأولى.

لقد برهنت السنوات الماضية أن وجود قيادة واعية، قادرة على تبنى المبادرات والأفكار الجديدة المميزة، هى الأساس فى اقتحام القضايا المعقدة والمزمنة التى تبحث عن حل، فالرئيس السيسى يساند بقوة كل فكر جديد، مدروس يعود بالفائدة على البلد والمواطن، وقد كان شرفا لى أن أحصل على تكريم الرئيس فى عيد المرأة المصرية هذا العام عن مشوارى الطويل فى قضية عمرى «سجينات الفقر وأطفالهن» .

اهتمام الرئيس السيسى شخصيا بقضية «سجينات الفقر» يعطينى أملاً كبيرًا فى تبنى ومساندة الحلول التى ندرسها منذ زمن طويل. فقد وجه الرئيس بتشكيل لجنة وطنية للغارمين والغارمات، وليّ الشرف أننى أحد أعضائها للبحث عن حلول حازمة وقاطعة للقضية التى تهدد استقرار الأسرة والمجتمع. وهذا يعكس فهم الرئيس العميق لضرورة حل المشكلة من الجذور حتى لا ندور فى دائرة مفرغة، لا تنتهي، والمستفيد الأول من بقائها هم بعض التجار المستغلين الجشعين الذين يتربحون على حساب آلام البشر!