معارك على موارد بحر الصين| طبول الحرب النووية تدق في آسيا

بايدن وجين بينج
بايدن وجين بينج

بحر الصين الجنوبي أصبح نموذجًا مصغرًا للتوترات الجيوسياسية بين الشرق والغرب، حيث ستؤدى الصراعات الإقليمية على الموارد الطبيعية الوفيرة ذات يوم إلى الانهيار البيئي. التهديد بنشوب صراع عسكرى مدمر بين الصين والولايات المتحدة فى المنطقة لا يزال يلوح فى الأفق، فقد يشهد بحر الصين الجنوبى أضرارًا لا يمكن إصلاحها. وتقدر الحكومة الأمريكية احتياطيات النفط فى بحر الصين الجنوبى بنحو 11 مليار برميل و190 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعى جاهزة للاستخراجها. ويعتقد البعض أن احتياطيات الوقود الأحفورى هذه، تساعد فى تغذية الاضطرابات التى تجتاح المنطقة على نحو متزايد.

◄ التصرفات الأمريكية تفاقم الخطر 

◄ واشنطن تؤجج نيران الحرب مع الصين

■ حروب الموارد في بحر الصين الجنوبي

وذكرت مبادرة آسيا للشفافية البحرية بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن أن العديد من الدول تسعى إلى تنفيذ مشاريع جديدة لتطوير النفط والغاز فى تلك المياه المتنازع عليها، والتي، كما تشير المنظمة، يمكن أن تصبح «نقطة اشتعال نزاعات». وبين عامى 2018 و2021، كانت هناك مواجهات عديدة بين الصين وفيتنام ودول أخرى فى جنوب شرق آسيا بشأن عمليات الحفر هناك، وتتزايد المخاوف من حدوث مواجهات أكثر حدة فى المستقبل. 

وتلقى الولايات المتحدة اللوم عن كل هذا على الصين، زاعمة أن مشاريعها العدوانية لاستصلاح الجزر تنتهك القانون الدولى وتعمل على «عسكرة منطقة متوترة ومتنازع عليها بالفعل». ومع ذلك، تلعب الولايات المتحدة أيضًا دورًا مهمًا فى إثارة التوترات فى المنطقة من خلال الموافقة على تزويد أستراليا بغواصات تعمل بالطاقة النووية كجزء من الاتفاقية الأمنية بين أستراليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة «أوكوس» (AUKUS) حسب ما ذكرته صحيفة «الجارديان» البريطانية.

ولا شك أن الهدف هو كبح النشاط الصيني فى ظل التهديد بالقوة العسكرية الغربية. «الخطوات التالية يمكن أن تشمل إقامة منصات أمريكية ذات قدرات نووية - مثل القاذفات الاستراتيجية - فى أستراليا، بالإضافة إلى التعاون فى مجال الصواريخ التى تفوق سرعتها سرعة الصوت، والعمليات السيبرانية، والحوسبة الكمومية»، وفقًا للمحلل المتخصص فى شئون منطقة المحيطين «الهندى - الهادئ» فى مؤسسة راند «ديريك جروسمان».

وفي أغسطس الماضي، بالشراكة مع أستراليا والفلبين، تدربت قوات مشاة البحرية الأمريكية على استعادة «جزيرة» يفترض أنها استولت عليها قوات معادية. وفى هذا التدريب، أجرى 1760 جنديًا أستراليًا وفلبينيًا و120 من مشاة البحرية الأمريكية عمليات إنزال وهمية على الشاطئ ومناورات هجومية جوية فى «ريزال»، وهى بلدة صغيرة فى الفلبين فى كالابارزون، والتى تواجه بالفعل بحر الصين الجنوبي. كان المقصود من تلك المناورات الحربية إرسال تحذير للصين، وإن موارد بحر الصين الجنوبى ليست صالحة للاستيلاء عليها.

وفي مارس الماضي، فشلت معاهدة أعالي البحار التابعة للأمم المتحدة، والتى تم التصديق عليها، فى تضمين القواعد البيئية التى تنظم مثل هذه الممارسات بعد أن منعت الصين أى نقاش حول وقف محتمل لحصاد قاع البحر. واعتبارًا من عام 2022، وقعت الصين خمسة عقود استكشاف صادرة عن الهيئة الدولية لقاع البحار التابعة للأمم المتحدة، مما يسمح للصينيين بإجراء اختبارات وأخذ عينات من قاع المحيط. وفى حين أن هيئة الأمم المتحدة يمكنها تقسيم مثل هذه العقود، إلا أنها لا تملك السلطة لتنظيم الصناعة نفسها. 

◄ اقرأ أيضًا | بايدن: هناك حاجة ملحة للاستثمار بالبنية التحتية في أفريقيا

ومن غير المستغرب أن تظل الولايات المتحدة، التى تتخلف عن الصين فى الحصول على المعادن اللازمة للتكنولوجيات الخضراء، تراقب المنافسة عن كثب. وفى عام 2017، أجرت طائرة تجسس تابعة للبحرية من طراز P3-Orion عمليات تتبع متكررة لسفينة أبحاث صينية بالقرب من جزيرة «غوام». ويُزعم أن العلماء على متن السفينة كانوا يرسمون خرائط للمنطقة ويزرعون أجهزة مراقبة لاستكشاف أعماق البحار فى المستقبل، وفقًا لصحيفة «جنوب الصين الصباحية».

وكما أجرت الولايات المتحدة العديد من عمليات المراقبة لمتابعة الأنشطة الصينية هناك. وفى شهر مايو الماضى، اعترضت مقاتلة صينية من طراز J-16 طائرة استطلاع تابعة للقوات الجوية من طراز RC-135، مما أثار ضجة دولية. وخصص قانون الحد من التضخم، الذى وقع عليه الرئيس الأمريكي «جو بايدن» فى أوائل عام 2022، 430 مليار دولار من الاستثمارات الحكومية والإعفاءات الضريبية لتطوير الطاقة الخضراء.

أصبحت الموارد الطبيعية التى تزود هذه الطفرة العالمية فى مصادر الطاقة المتجددة، مثل النحاس والليثيوم، هى النسخة الجديدة الشائعة من الوقود الأحفوري. تفضل الأسواق التخلص التدريجى من مصادر الطاقة المسببة للاحتباس الحراري، ولهذا السبب تمضي الصين والولايات المتحدة قدما فى استخراج المعادن الحيوية من أجل مصادر الطاقة المتجددة - ليس لأنهما يهتمان بمستقبل الكوكب ولكن لأن الطاقة الخضراء أصبحت مربحة.