من الأعماق

غضبة الطبيعة ..وجسر الإنسانية

جمال حسين
جمال حسين

« كأنه مشهد من نهاية العالم «
هذا هو الوصف الدقيق لما حدث فى مدينة درنة الليبية من أهوال أدمت قلوب البشرية وقذفت فى قلوب الجميع الرعب .. غضبت الطبيعة وكشرت عن أنيابها وتحول الإعصار دانيال الذى ضرب جزيرة كريت اليونانية ضربة خفيفة إلى طوفان، عابرا البحر المتوسط ليضرب مدينة درنة الليبية بكل قسوة فى الثانية بعد منتصف الليل والناس نيام ..اقتلع الأخضر واليابس وجرف البيوت والشوارع والجسور وتسبب فى محو أحياء سكنية كاملة تمثل حوالى ثلث مساحة درنة من على الخريطة وقذف بها إلى البحر الذى ابتلع الآلاف ثم راح يقذف بجثثهم مرة أخرى إلى الشاطيء فى مشاهد لن تمحى من ذاكرة الإنسانية


إنها غضبة الطبيعة وثورة الأرض التى ضربت ٣ دول عربية هذا العام ..قبل ٦ شهور ضرب زلزال مدمر سوريا وتركيا بقوة ٧,٨ درجة بمقياس ريختر وأسقط نحو ٦ آلاف شهيد وآلاف المصابين.
ويوم الأحد الماضى باغت زلزال رهيب المملكة المغربية الشقيقة بقوة ٧,٢ درجة ليخلف أكثر من ٥ آلاف ضحية وبعدها بساعات جاءت كارثة الإعصار دانيال ليضرب مدينة درنة الليبية دون شفقة ولا رحمة لتختفى أحياء سكنية كاملة تحت الماء وخلف عشرات الآلاف من الضحايا والمفقودين
المصاب جلل وجاء التحرك المصرى سريعا وعلى مستوى الحدث حيث كانت مصر أول دولة تقدم يد العون والمساعدة للأشقاء ..رأينا وعد « مسافة السكة « الذى قطعه الرئيس عبدالفتاح السيسى على نفسه لمساندة الأشقاء يتحقق ويصبح واقعا مؤكدا تضامن مصر الكامل ووقوفها بجانب الأشقاء فى البلدين.. وجه القوات المسلحة ببذل أقصى جهد لإغاثة ونجدة الأشقاء مما خلفه الإعصار والزلزال ..أمر بفتح جسر جوى وبحرى وبرى خاصة أن القوات المسلحة لديها خبرة كبيرة فى الدعم اللوجيستى وعمليات الإنقاذ، ولديها تخصصات مؤهلة فى مجالات الهندسة العسكرية والضفادع البشرية وخلال ساعات قليلة بدأت فرق الإنقاذ عملها وسط ترحيب كبير من الأشقاء ..الرئيس أوفد فريقا عسكريا بقيادة الفريق أسامة عسكر رئيس أركان حرب القوات المسلحة لتقديم كافة أشكال الدعم والمساعدة ومشاركة الأشقاء الليبيين فى الإشراف على أعمال الإنقاذ .. وفتح جسر برى لنقل المعدات التى تفقدها الرئيس فى « اصطفاف الإنسانية « والتى تضم كل الأجهزة والمعدات المطلوبة ولأول مرة تعمل « الميسترال» خارج حدود الوطن حيث وجه الرئيس باستخدامها كمستشفى ميدانى لعدم تحميل الأشقاء أى أعباء .. القوات قامت بإنشاء معسكرات إيواء للمتضررين الذين فقدوا ديارهم


علماء الجيولوجيا وخبراء التغيّرات المناخية أكدوا أن ما حدث نادر الحدوث فالمغرب ليست منطقة نشطة للزلازل وليبيا لم تكن يوما مقصدا للعواصف العاتية وهو الأمر الذى يدعو للحيرة وسيخضع طويلا للدراسة والتمحيص من قبل العلماء للوصول لتفسير علمى ووضع حلول تجنب العالم تكرار ما حدث مستقبلا
لقد فاقت كارثة إعصار ليبيا كل التصورات وتجاوزت كل الحدود ومصر التى تقاسمت الأحزان مع الأشقاء الليبيين بإعصار حزن ضرب بنى سويف وبعض قرى الصعيد لاستشهاد العشرات من أبنائهم العاملين فى درنة نتيجة الإعصار كانت أول من بادرت بتقديم يد العون للأشقاء رافعة شعار « الإنسانية أولا وقبل كل شىء »