لماذا ترسل واشنطن إلى أوكرانيا قذائف اليورانيوم المنضب؟

دبابة من طراز إبرامز تطلق قذيفة يورانيوم
دبابة من طراز إبرامز تطلق قذيفة يورانيوم

بعد ستة أشهر تقريبا من اعلان بريطانيا تزويد أوكرانيا بقذائف اليورانيوم المنضب المصممة لاختراق مدرعات الدبابات، أعلنت الولايات المتحدة يوم الأربعاء أنها ستحذو حذو بريطانيا وستسلم كييف مساعدات عسكرية بقيمة 175 مليون دولار تتضمن ذخائر اليورانيوم المنضب من عيار 120 ملليمترا لدبابات أبرامز الأمريكية. فيما نددت روسيا بالخطوة واتهمت واشنطن بالعمل على تصعيد الصراع فى أوكرانيا من خلال إرسال إمدادات لكييف من هذا النوع من الذخائر، لافتة إلى مخاطر اليورانيوم المنضّب الإشعاعية التى قد تسبب السرطان وأمراضا أخرى.

يمثل القرار الأمريكى تحولا جذريا عن الموقف الذى أعلنته الولايات المتحدة فى مارس الماضى عندما قال البنتاجون إنه لن يرسل أى ذخائر يورانيوم منضب إلى أوكرانيا. لا يخفى المسؤولون الأمريكيون فى إدارة بايدن أن هدف الولايات المتحدة هو تمكين أوكرانيا من إحراز أكبر قدر ممكن من التقدم فى ساحة المعركة، لوضع كييف فى موقف تفاوضى قوى إذا عقدت محادثات السلام فى نهاية المطاف. إعلان البنتاجون أثار أسئلة عديدة حول هذه الذخائر والمخاطر المترتبة على استخدامها، وتأثيرها فى مآلات الصراع الروسى الأوكراني.

اليورانيوم المنضب هو أحد مشتقات اليورانيوم الطبيعي، ناتج عن عمليات تخصيب اليورانيوم ويستخدم فى المفاعلات النووية والذخائر، ويعبأ به نوع من القنابل تطلق من المدافع أو تلقى من الطائرات المقاتلة، وله قدرة عالية على إذابة المواد الصلبة الخرسانية والمدرعة. وهو مادة مشعة لكن نشاطه الإشعاعى أقل من مستويات الإشعاع الموجودة فى خام اليورانيوم الطبيعي. وتقول الوكالة الدولية للطاقة الذرية إنه يستخدم فى الأسلحة لأنه عالى الكثافة ويشتعل ذاتيا عند درجات حرارة وضغط عالية، ولأنه يصبح أكثر حدة عندما يخترق الصفائح المدرعة. كما إن ذخائر اليورانيوم المنضب عندما تضرب هدفا ما تؤدى لارتفاع كبير لحرارة سطحه.

وعندما تخترق قذيفة اليورانيوم المنضب مركبة مستهدفة، تتجه الشظايا الكبرى لالتهام كل ما بداخلها، مما يرفع احتمال انفجار وقود المركبة المستهدفة أو الذخيرة الموجودة داخلها بسبب ارتفاع حرارتها نتيجة لليورانيوم المشتعل.

تنتج الولايات المتحدة وبريطانيا وروسيا والصين وفرنسا وباكستان أسلحة اليورانيوم المنضب التى يقول التحالف الدولى لحظر أسلحة اليورانيوم إنها لا تصنف أسلحة نووية. كما تمتلك 14 دولة أخرى هذا النوع من الأسلحة.

وكانت الولايات المتحدة استخدمت أسلحة اليورانيوم المنضب فى حرب الخليج فى عام 1990 و1991، كما استخدمها حلف شمال الأطلسى (ناتو) فى قصفه ليوغوسلافيا فى عام 1999.

وتناول أو استنشاق كميات من اليورانيوم، حتى وإن كان منضبا، أمر خطير، إذ يمكن أن يُضعف وظائف الكلى ويزيد من خطر الإصابة بمجموعة من الأمراض السرطانية وأن الذخائر التى لا تصيب أهدافها يمكن أن تسمم المياه الجوفية والتربة التى تسقط فيها.

يأتى تحرك الولايات المتحدة لتزويد أوكرانيا بقذائف اليورانيوم المنضب بعد قرار مثير للجدل بتوفير الذخائر العنقودية التى تحذر جماعات حقوق الإنسان، فضلا عن أسلحة محظورة أخرى مثل ذخائر الفسفور الأبيض، وهى مادة حارقة يمكن أن تسبب أضرارا جسيمة للمدنيين.

قال الرئيس الروسى فلاديمير بوتين إن استخدام ذخائر اليورانيوم المنضب، التى قدمتها بريطانيا والآن الولايات المتحدة لأوكرانيا ، قد يؤدى إلى تصعيد نووي. ووصفت وزارة الخارجية الروسية الخطوة الأمريكية بأنها «عمل إجرامي». وانعكاس لتجاهل واشنطن الفاحش للعواقب البيئية لاستخدام هذا النوع من الذخائر فى منطقة حرب». 

حينما تلقت أوكرانيا الدفعة الأولى من ذخائر اليورانيوم المنضب من المملكة المتحدة، فى مارس الماضي، لاستخدامها فى دبابات «تشالنجر-2» بريطانية الصنع، ردت موسكو على هذه الخطوة التى اعتبرت أنها تغير قواعد اللعبة، من خلال تعهد الكرملين نشر أسلحة نووية تكتيكية فى بيلاروسيا، إذ ترى روسيا أن المساعدات العسكرية المستمرة التى قدمتها الولايات المتحدة لأوكرانيا بقيمة تجاوزت 43 مليار دولار، تعنى أن واشنطن لا تريد فقط إطالة أمد الصراع، بل تريد أيضاً تصعيده.

لكن فى المقابل، يواصل الأوكرانيون أيضاً الضغط من أجل الحصول على صواريخ طويلة المدى أمريكية الصنع تعرف باسم «أى تى أى سى أم أس» قال عنها الرئيس بايدن، فى مايو الماضي، إن هذا الخيار لا يزال قائماً، فى حين يقول المسؤولون الأمريكيون إن مثل هذه الخطوة ليست وشيكة، ويخشى مراقبون من تصرف روسى مماثل قد يأخذ الطرفين إلى منعطف حاسم نحو الأسوأ.