«صفائين» قصة قصيرة للكاتبة أميرة عبد العظيم

أميرة عبد العظيم
أميرة عبد العظيم

 كنت أعمل طيارا مدنيا، كنت أصطحب معي في كل رحلاتي كل حروفك المنشورة سواء في كتب أو مقالات، كانت تؤنسني في غربتي، في آخر رحلة لي كنت في واشنطن، وأجهز للعودة للقاهرة، قررت حينها أن أكتب إليك ما أشعر به من مشاعر تجاهك، اشتريت هدايا لك لأقدمها بعد التعرف إليك، وصلت الطائرة للقاهرة، ذهبت مسرعا لسيارتي أسابق الزمن، باحثا عنك، لكن كان للقدر كلمته، انقلبت السيارة، ونجوت من الحادث لكن بلا قدمين، تحطمت آمالي على عتبات القدر، لكن بعد فترة من الزمن عدت لمتابعتك، لم ألحظ تغييرا في حياتك، قررت أن أعترف لكِ عما يجيش بداخلي

فأنا لا أعرف سوى اسمك ولا أعرف سوى حروف كلماتك الرقيقة التي هي درب لي لكي أُكَون صورة أكثر من رائعة لإنسانة فوق الوصف.

وكل ما أربو إليه أن تحددي موعد للقاء....

استقبلت ميساء رسالتى وحددت الخميس السابعة مساء موعداً للقاء الذي طالما انتظرته لسنوات، إنه حال قَدر يأتى  وراء قَدر، تمر الساعات وكأنها سنوات، وها قد أتى اليوم الموعود يوم اللقاء المنتظر، أشعر وكأن السماء مُلِئت بكل ألوان السعادة، وأن الأرض فُرشت بكل زهور الربيع الذي أتى مبكراً بروائح الندى والأمل....

 بحضورها، نطق الصمت بعد طول انتظار: شرفت بمعرفتك

قلت لها: حاولت أن أجمع كل باقات الشكر لأعبر لك بها عن سعادتي، لتواصلك معي، لم أكن أعلم أنكِ تجمعين كل هذا القدر من الجمال الشكلى والروحى والذكاء العقلي، إنه الكمال المطلق كما يقولون

و بحمرة الخجل قالت: لا أدري ماذا أقول، ولا أستطيع أن أخفي سعادتي بمثل هذه الكلمات التي تسعد بها أي أنثي، حينما ترى كل هذا الحب من إنسان مثقف مثلك.

أخبرتها : أنا فقط أعبر لك عما أراه حقيقة بعيني ،

تنظر في عيني نظرة خاطفة ثم تنظر لفنجان القهوة، وتتلعثم قائلة:

عايزه أقول لك أن الإنسان هو من يصنع السعادة لنفسه مهما كانت ظروفه  كما لو كان يصنع فنجان من القهوة يختار ما يناسبه منها لتحقيق سعادته التى يرضاها لنفسه فتلك النفس الغالية هبة الله لنا واجبنا أن نحافظ عليها.

: كلماتك رائعه كلها دافع وحماس انا معك ...

قالت: بإصرار الصدق والتشبث بالأمل لازم تبدأ من جديد تحاول تقدم لنفسك عمل يستهويك ويجدد نشاطك....

صمتت الألسنة وتحدثت العيون، استجمعت كل قوتي وقلت لها: أَنتِ أملى ومبتغاي جَددتِ حياتي كلها بهذا اللقاء وفتحتي لى كل أبواب السعادة.

أمسكت بيدها و أوقدت  شعلة الحب في قلبها، فاليوم أعطيتنى قبلة الحياة من جديد !! بعد أن كادت السرعة  تودي بي وتدمر حياتي لولا فضل الله علىّ

: ممكن تقبلى هديتى المتواضعة تعبيراً صادقاً عن مقدار حبى واحترامي لكِ

نظرت لى نظرة تملؤها المودة والمحبة واستقبلت هديتي، سررت كثيرا وهذا ما زاد من سعادتي وكسر حدة خوفى والصراع الذي بداخلي

ونطقت كلماتها الجميلة: خلينا نحلم الحلم الجميل مهما كانت فى ممرات ضيقة بتمر بينا، خلينا نحلم ببكرة أحلى.

ودنت مني وهمست فى أذني: أنت قدري وأنا قدرك

: حبيبتى وليس لى حبيبة غيرك،  لا تحرميني من قلبك فأنا بكِ إنسان وُلِد من جديد.

دعيني أشفى جراحي بنور وجهك، حبيبتى قررت معكى أن أكون، فما أروع الإنسان عندما يكون صادق المُحيّا... نقي السريرة، هادئ البال، يجمعهم صفائين، صفاء القلب ... وصفاء الذهن.