يوميات الأخبار

الإنسان قادر على تخطى الصعاب

رفعت رشاد
رفعت رشاد

إذا صادفتك متاعب مالية أو فى العمل أو مع الجيران أو المعارف فتأكد أنها ستنتهى بصورة أو بأخرى، عاجلا أو آجلا وأن ما تراه عوائق الآن سوف يتغير

مصر وروسيا

أكثر العلاقات التى أتحمس لها فى العلاقات الخارجية علاقتنا مع روسيا ومن قبل مع الاتحاد السوفييتى . هذه العلاقة هى الوحيدة التى لم تصبنا بالضرر، بل على العكس كانت علاقة داعمة فى أشد فترات الحاجة إلى الدعم. مرت علاقته مصر والروس بمراحل بدأت فى عام ١٩٤٣ إبان الحرب العالمية الثانية وكانت العلاقات بين الاتحاد السوفييتى والحلفاء وعلى رأسها بريطانيا إيجابية ، لذلك لم تجد مصر مشكلة فى إقامة علاقات دبلوماسية مع السوفييت ولم تمانع بريطانيا التى كانت تحتل مصر.

وحدثت الطفرة الكبرى فى العلاقات بعد حدوث مشاكل مع أمريكا بسبب تعنتها فى مسألة تمويل السد العالى ثم توقيع عقد صفقة السلاح مع تشيكوسلوفاكيا التى كانت مع الاتحاد السوفييتى من وراء ستار.

كانت صفقة الأسلحة الخطوة الأولى فى علاقات قوية بين مصر والسوفييت الذين صاروا المصدر الرئيسى والأساسى للسلاح المصرى على مدى يقرب من ١٧ عاما . ساند السوفييت مصر فى كل المواقف محليا ودوليا. قام بتدريب ضباطنا فى أكاديمية فرونز العسكرية ووفر كل أنواع الأسلحة ولم تتأثر العلاقة سلبا إلا فى عهد الرئيس السادات الذى طرد الخبراء الروس واتجه نحو الغرب.

وفى وقتنا الحالى تشهد العلاقات بين مصر وروسيا ازهارا ونموا نأمل أن يتزايد وأن يعود بالخير على البلدين.

لا شئ يدوم

لاشئ يدوم. إذا صادفتك مشكلة أو حلت بك مصيبة فلا تعتقد أنها ستدوم، لأن الكون بطبيعته دائم التغير، كما قال الفيلسوف اليونانى القديم هيراقليطس : « الإنسان لا ينزل النهر مرتين « أى أن نفس الشخص ونفس النهر ونفس المكان لا يمكن أن تسكن حركتهم ولو للحظة واحدة، فهذه طبيعة الكون . كذلك كل ما نقابله من مواقف عسيرة أو يسيرة، لا هذا يدوم ولا ذاك، فالعسير يتحول إلى يسير والعكس صحيح .

فإذا صادفتك متاعب مالية أو فى العمل أو مع الجيران أو المعارف فتأكد أنها ستنتهى بصورة أو بأخرى، عاجلا أو آجلا وأن ما تراه عوائق الآن سوف يتغير، كما أن الإنسان نفسه قادر على الصبر والجلد وتجاوز الخطوب الجسام، فداخل كل منا جوهر لا يظهر معدنه أو قوته إلا إذا واجهنا امتحانا قاسيا بسبب ظروف خارجية أو بسبب أشخاص لديهم جينات أذى الغير بلا سبب. والمؤكد أن الروح البشرية لديها من الإيمان والعزيمة ما يجعلها خليقة بأن تأتى بالمعجزات فى مقاومتها الصعاب وسرور بنى جنسها وقهر الشدة والانتصار على كل خطب، بل إن الروح البشرية الأصيلة قادرة على أن تجعل مما تمر به من كوارث أو نكبات أو كبوات نصرا باهرا بجرأتها وساعتها .

اللياقة الاجتماعية

لا يمكن فى زمننا هذا أن نعيش بدون لياقة اجتماعية أو ما يطلق عليه البروتوكول أو الإتيكيت . لا يهم المسمى، المهم المعنى والاتفاق عليه . تنظم قواعد البروتوكول والإتيكيت تفاصيل الحياة فتضفى لطفا ودعة على العلاقات وتزيد من تقدير الناس لبعضهم البعض . فى بعض الأحيان يفتقد الناس هذه اللياقة فيصرفون بما نطلق عليه باللغة الدارجة « جليطة « فتجد أحدهم صاحب منصب كبير وعندما تتصل به لا يرد على اتصالك، قد ينظر إلى الهاتف لكنه لا يرد باعتبار ذلك نوعا من «القلاطة» فهو لا يهتم بأى اتصال ولا يعنيه المتصل وهو لا يعاود الاتصال فى وقت لاحق يناسبه، وهو يعتقد فى داخله أنه بذلك يزيد من قيمته عند الناس الذين يجدون صعوبة فى التواصل معه، وكما فى الاقتصاد : إذا قل الطلب زاد العرض وهو ما يرغب فيه نفتقد اللياقة الاجتماعية . ومثل هذه الظاهرة الاجتماعية وغيرها ترجع إلى شعور بالنقص لدى هذا الشخص وكذلك إلى تغير منظومة القيم المجتمعية التى تفتح الباب لمثل هذه التصرفات التى لا تضيف إلى صاحبها وإنما تنقص منه ومن منصبه .

علاج هذه الظاهرة السلبية يتطلب تدريبا لهؤلاء قبل أن يتصدروا المشهد وكذلك البدء بالتربية والتعليم منذ الصغر حتى ترسخ قيم مجتمعية تليق بالتعامل بين الناس بما يسمى البروتوكول والإتيكيت .

لا أحد

فى وقت متأخر فى ليالى عديدة تخترق أذناى أبواق السيارات والدراجات البخارية وفرقعات الصواريخ النارية تعبيرا عن وجود زفة عروسين . هى ظاهرة لا تفسير لها . لماذا يكون الاحتفال بإثارة الضوضاء ! ولماذا نزعج المرضى والطلاب والسكان بشكل عام ؟ . عندما تساءلت عمن يمكن أن يكون مسئولا عن هذه الظاهرة السلبية وتفاقمها .. لم أجد أحدا بعينه. 

مشاكل عديدة وظواهر سلبية فى المجتمع لا يمكن أن نصل للمسئول عنها ولا يمكن أن نعرف من القادر على حلها.. لو تحدثنا عن مشكلة المطبات فى الشوارع وإهمال المحليات، لن نعرف من المهمل ومن القادر على الحل، ربما تسبب المطبات أو الحفر كوارث للسيارات فى الظلام، لكن لا يمكن محاسبة أحد على وجود حفرة أو مطب، لو تساءلنا عن مشاكل الميكروباص والتوكتوك ومن الذى فتح الباب لوجودها ومن الذى تسبب فى زيادة مشاكلها، لن نعرف أبدا. أؤكد لكم أن لا أحد بعينه وراء المشاكل.. لأننا كلنا مسئولون. 

أستاذتى عفاف ( هانم ) يحيى

منذ اليوم الأول لالتحاقى بالعمل فى جريدة الأخبار عرفت الأستاذة عفاف يحيى رئيس قسم التحقيقات الصحفية. قابلت نائب رئيس التحرير فى أوائل ثمانينات القرن الماضى وطلبت منه أن أعمل فى القسم السياسى، ولطبيعة شخصيته رفض تلبية رغبتى وقال : ستعمل فى قسم التحقيقات، ستذهب غدا إلى عفاف يحيى وتسلم نفسك لها . تقدرون والله يقدر الأفضل، فرغم إحباطى لعدم إلحاقى بالقسم السياسى إلا أننى سعدت بوجودى فى قسم التحقيقات وتعلمت من عملى فى قسم التحقيقات ما أفادنى كثيرا فى مسيرتى الصحفية . عندما ذهبت لمقابلة عفاف (هانم) يحيى وجدت سيدة راقية فى منتهى الشياكة زيا وأخلاقا فارتحت كثيرا، ولما سألتها : كيف تجرى الأمور ؟ قالت ببساطة لم تفارقها أبدا : ستأتى صباحا وتعمل مع الزملاء فى القسم ! فقط؟ قالت : فقط . ياللبساطة والثقة بالنفس . وعلى مدى عامين وربما أكثر عملت فى قسم التحقيقات مع عمالقة التحقيقات، جمال الشرقاوى، سيد الجبرتى، محمود عبد العزيز حنفى، جمعة عبد الصبور، محمد عرفة، بدر الدين أدهم، أنور محمود، كرم سنارة وراجى الوردانى وتزاملت مع زملاء وزميلات أفاضل: مديحة عزب، سمية سعد الدين، جيهان شعيب وميرفت شعيب. كل هؤلاء الزملاء كانوا يختلفون مهنيا وسياسيا وشخصيا، لكنهم كانوا يجمعون على أمر واحد وهو حبهم واحترامهم وتقديرهم الكبير للأستاذة عفاف يحيى التى كانت تترفع عن الصغائر ولا تخوض فى التفاهات . 

كانت الأستاذة عفاف صحفية من جيل الصحفيات الهوانم، ثقافة، أناقة، لباقة، كانت تقرأ كثيرا وترتدى ما يليق بشخصها وبمهنتها وكانت تتعامل كما لو أنها سفيرة فى السلك الدبلوماسى من حيث الإتيكيت والبروتوكول . ورغم انتقالى إلى القسم السياسى بعد ذلك !! إلا أننى كنت حريصا على تواصل الود مع أستاذتى المحترمة عفاف يحيى . غفر الله لك أستاذتى ورحمك رحمة واسعة . 

أخى حسن الرشيدى

كان الأستاذ حسن الرشيدى رئيس مجلس إدارة دار التعاون ورئيس تحرير جريدة المسائية رحمه الله أخا لى وكان ابن بلد له مواقف (جدعنة) وكان صحفيا ونقابيا بارزا . عرفته منذ سنوات طويلة وكان دائما ما يظهر مساندته فى أى موقف أمر به خاصة بعد أن ضُمت المسائية لمؤسسة أخبار اليوم، فكانت لقاءاتنا تتكرر بحكم قرب المكان وبحكم الاجتماعات وزاد الفهم والتفاهم بيننا . كان الرشيدى ممن يبدو عليهم اللطافة والبشاشة، لكنه كان قويا وخشنا وقت اللزوم، شهدته فى أكثر من موقف بهذا الشكل. تحول الرشيدى فى اجتماع بين رئيس الوزراء فى عام 2011 ورؤساء التحرير إلى شخص آخر، علا صوته ونفرت عروقه مدافعا عن كرامته ضد آخر تلفظ بما وجده الرشيدى لا يليق به وكان موقفا مقدرا له، وكان الرشيدى واسطة خير بين القيادات والزملاء فى المؤسسة والنقابة يصلح ما بينهم فكان محل حب وتقدير زملائه . كما أدى دوره نقابيا بما يليق بشخص جاد وملتزم بخدمة زملائه والنقابة . رحمه الله وغفر له.