آخر صفحة

حامد عزالدين يكتب: آدم «عليه السلام».. ماذا يعني الاسم؟

حامد عزالدين
حامد عزالدين

ما هو أول اسم أُطلق على مخلوق فى الكون؟ بلا تفكير وببساطة أول اسم لمخلوق فى الكون هو اسم آدم، أليس هو أول الخلق؟.. وقبل الدخول إلى الفكرة أقول إن أى اسم فى مختلف اللغات، وأولها بالطبع اللغة العربية، له تعريف. مثلا اسم محمد من المصدر «الحمد» وفعله حمد واسم الفاعل حامد واسم المفعول محمود وكثير الصفات المحمودة، هو محمد صلى الله عليه وسلم. وفى اللغة اللاتينية يحدث نفس الشيء عندما تريد تعريفا لاسم باستثناء آدم الذى ينطق بنفس النطق فى كل لغات الأرض. لكننا فى الإنجليزية مثلا نبحث عن أصل الاسم لنجده هكذا «أول مخلوق فى الكون.. أو أول كائن بشرى فى الكون». وبالطبع هذا لا يعدُّ تعريفا للاسم، بل هو توصيف له.

كنت أسأل عن اسم محمد فيقال الجار الذى يسكن فى بيتنا مثلا. الموقف نفسه فى كل لغات الأرض التى لا يمكن لأىٍ منها تحديد تعريف لمعنى اسم آدم ، فيما تعريف الاسم لا يوجد سوى فى اللغة العربية . 

اسم آدم هو الاسم الوحيد المشتق من مصدرين صحيحين، فيما مصدر كل الأسماء الأخرى مصدر واحد صحيح. فهو اشتقاق عن لفظتى «أديم» و«أدمة». والأديم هو القشرة الظاهرة للكرة الأرضية، فيما الأدمة هى الطين شديد الاسمرار الذى ينتج عن خلط التراب بالماء. والفعل فى آدم هو أدم ومعناه خُلق من تراب فطين شديد الاسمرار.

وأفعل التفضيل منه هى أأدم . مثل حمد وأحمد . وفى اللغة العربية لا يصح أن تتكرر الهمزة فى الاسم الصحيح إلا إذا لم تكن جزءا منه، كأن أقول: أأنت كنت هناك؟.. وهنا الهمزة استفهامية بمعنى هل. أما فى حالة تكرار الهمزة فينبغى أن يتم دمج الألفين فى ألف المد.. وعلى سبيل المثال فإن لفظة «آخر» فيها دمج للألفين فى الصفة «أأخر» وعلى نفس الأسلوب فإن الفعل أدم أفعل التفضيل فيه هو أأدم، وبعد الدمج يصبح «آدم». ومعناه أول مخلوق من تراب فطين شديد الاسمرار، وهكذا كانت خلقة سيدنا آدم عليه السلام. فإن الله خلقه «من تراب من طين من صلصال كالفخار من حمأٍ مسنون»، وكلها مراحل للتراب ثم الطين. 

وإذا اتفقنا أن الاسم «آدم» كان لآدم عليه السلام باعتباره هو أول مخلوق أُطلق عليه اسم، فمن يا ترى يكون أطلق الاسم سوى الخالق سبحانه وتعالى طبقا لما ورد فى كل الكتب السماوية التى أنزلها الله. وهكذا يكون اليقين بأن اللغة العربية هى اللغة التى اشتُقت منها كل اللغات فى الكون بعد ذلك. وليس أدل على ذلك من أن أحدا لا يمكن أن يخطئ فى فهم اسم آدم على وجه الإطلاق، لأنه هكذا فى كل اللغات المكتوبة والمنطوقة، فيما تعريفه لا يوجد قط سوى فى لغتنا العربية. فقد روى الطبرانى فى الأوسط والحاكم والبيهقى فى شعب الإيمان وغيرهم عن ابن عباس رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أحبوا العرب لثلاث، لأنى عربى، والقرآن عربى، وكلام أهل الجنة عربى). وعلى رغم أن بعض الفقهاء رأوا أنه من الأفضل السكوت عن هذه المسألة وعدم الخوض فيها وتفويض علمها إلى الله سبحانه وتعالى، إلا أننى أميل إلى تصديقها باعتبار أن اللغة العربية هى أصل كل اللغات.   

لذلك كنت أشعر بحالة اندهاش عميقة لدى الكثيرين من أصدقائى من الصحفيين الأجانب كلما فسرت لهم تعريف الاسم آدم من خلال اللغة العربية، وهم الذين يعرفون الاسم ويطلقونه على الذكور فى الدول الأجنبية وينطقونه هكذا ولا يعرفون من أين جاء، أو ما هو التعريف الخاص بالاسم. أتمنى أن أكون قد نجحت فى إيصال الفكرة. وإلى الأسبوع المقبل بمشيئة الله نواصل، إن كان فى العمر بقية.