إنها مصر

الدولة ونظرة عادلة

كرم جبر
كرم جبر

مصر لا تمتلك أنهارًا من البترول ولا جبالاً من الذهب، وثروتها الحقيقية فى عزيمة شعبها وإرادته وقدرته على الصبر وتحدى الصعاب، وصناع الإحباط هم أول من يعلم أن الأوضاع ليست سيئة كما يزعمون، ويعلمون أيضاً أن الأزمات فى طريقها إلى الانفراج، وبشيء من الصبر والأمل والتفاؤل، يمكن أن تواصل البلاد طريقها إلى المستقبل، الذى يحفظ فرص الحياة الكريمة.

الطريق ليس سهلاً والدولة تبذل قصارى جهدها، بينما يكتفى اليائسون والمحرضون بإثارة الشكوك والأكاذيب والافتراءات، والتبشير بتفاقم الأزمات، والدولة القوية لا تعرقلها المعوقات وتحترم مؤسساتها وتدعم وجودها، وتطلق يدها لتحقيق العدالة والمساواة والاستقرار.

من الخطورة أن يتفرج البعض على ما يحدث، من محاولات ضرب الثقة، لأن الثمن سيكون فادحاً على الجميع، فالثقة هى التى تشع روح الطمأنينة والشعور بالعدالة والاستقرار، ليقبل الناس على الحياة بمنتهى العزم والإصرار، وليس فى نفوسهم حقد يجعلهم يعيشون فى بلد يضمرون له الشر، ولم يكن المصريون فى أى يوم من الأيام من ذلك الصنف.

مثال حي: هل تستطيع الدولة إذا لم تكن قادرة وقوية أن تقتحم مشكلة العشوائيات المتراكمة منذ مئات السنين، وأن توفر آلاف الشقق لمصريين كانوا يعيشون فى أماكن غير آدمية، وهو ما عجزت عنه أغنى دولة فى العالم، ولكن الدولة قررت أن تغلق هذا الملف الأسود فى غضون عامين، وهو إنجاز غير مسبوق فى تاريخ مصر.

جرعة تفاؤل لأن الشعوب المحبطة لا تجيد صناعة الحاضر ولا المستقبل، وإنما تحشر نفسها فى كهوف الماضي، والشعوب لا تذهب إلى المستقبل بالعودة إلى الوراء، والانشغال فى معارك وصراعات تضر أكثر مما تنفع.

المشكلة الكبرى هى محاولة البعض تصفية الحسابات لحساب الماضي، بينما تفتح الدولة ذراعيها للجميع وتحتوى كل المصريين تحت مظلة المواطنة.
القلوب الجريئة لا تعرف الخوف، والدول لا تبنيها الأيدى المرتعشة ولا العقول المترددة، وإنما العزائم القوية، وهذا ما نشاهده بأعيننا فى مشروعات وإنجازات غيرت شكل البلاد وفتحت آفاقاً جديدة للحياة.

من حق المصريين أن ينعموا بخيرات بلادهم، وأن يسكنوا فى مناطق تدخلها الشمس والهواء، وتنعم شوارعها بالأرصفة والأشجار، وتطل منها نوافذ على البحر المتوسط، بعد أن كان حكراً على فئة قليلة.

الدولة القوية هى التى ردت ثروات المصريين لكل المصريين ومنعت تكدس الأراضى فى أيدى فئة قليلة حققت من ورائها المليارات، فالعدالة هى عدم الانحياز والمساواة بين جميع الأفراد وأن يحظى الجميع بنفس المعاملة.