يوميات الاخبار

حرية الرأى والتعبير.. وحدودها

صالح الصالحى
صالح الصالحى

الحرية مكفولة للجميع وليست مقصورة على الصحفيين والإعلاميين فقط.. ولكنها تقف عند حدود احترام حقوق الآخرين وسمعتهم وحماية البلاد والنظام العام

مازلنا نبحث فى مسألة حرية الرأى والتعبير بين مؤيد ومعارض.. وما زال العالم يبحث عن وسيلة مثلى للحفاظ على حرية الرأى والتعبير حقاً متاحاً للجميع لا ينتقص من حريات الآخرين.
البعض يرى فى هذا قصوراً.. والبعض الآخر يرى أنه قمة حرية الرأى والتعبير، وسرها الحقيقى هو ألا تقيدها بتعريف وألا تجد لها طريقة مثلى.. فالكل يرى هذه الحرية بمنظوره الشخصى ووفقاً لرغباته وأهوائه.


وأمام اتساع مدلول حرية الرأى والتعبير، وفرط استخدامها من البعض، كان لابد من التدخل بوضع ضوابطٍ أو حدود لهذه الحرية.. ولذلك جاء العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية، والذى أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام ١٩٦٦ وبدأ النفاذ فى ١٩٧٦، متضمناً النص فى المادة ١٩ منه على أن «لكل إنسان حق فى اعتناق آراء دون مضايقة.. ولكل إنسان حق فى حرية التعبير.. ويشمل هذا الحق حريته فى التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دون اعتبارٍ للحدود سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو فى قالب فنى أو بأى وسيلة أخرى يختارها».. ولم يترك العهد الدولى هذه الحقوق مطلقة من كل قيد، وإنما قيدها بأمرين.. حيث نص على أنه «تستتبع ممارسة الحقوق السابقة واجبات ومسئوليات خاصة، وعلى ذلك يجوز إخضاعها لبعض القيود.. بشرط ان تكون محددة بنص القانون وأن تكون ضرورية».. وحدد هذه القيود فى «احترام حقوق الآخرين وسمعتهم.. وحماية الأمن القومى أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة».. أى أن المواثيق الدولية أوقفت الحق فى حرية الرأى والتعبير على ضرورة احترام حقوق الآخرين وسمعتهم وحماية الأمن القومى والنظام العام.. وأسند لكل دولة حق تنظيم ذلك فى قوانينها.
كما نص الدستور المصرى فى المادة ٦٥ على أن «حرية الفكر والرأى مكفولة.. ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه بالقول أو الكتابة، أو بالتصوير، أو غير ذلك من وسائل التعبير والنشر».. ونص فى المادة ٧١ على أنه لا توقع عقوبة سالبة للحرية فى الجرائم التى تُرتكب بطريق النشر أو العلانية، أما الجرائم المتعلقة بالتحريض على العنف أو بالتمييز بين المواطنين أو بالطعن فى أعراض الأفراد، فيحدد عقوباتها القانون.


وبذلك فإن الدستور المصرى نهج فكر المواثيق الدولية والتزم بها فى مسألة حق الرأى والتعبير.
ونص القانون رقم ١٨٠ لسنة ٢٠١٨ بإصدار قانون تنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام فى المادة ٧ على أن «الصحفيون والإعلاميون مستقلون فى أداء عملهم، لا سلطان عليهم فى ذلك لغير القانون».. ونص فى المادة ٨ على أنه «لا يجوز أن يكون الرأى الذى يصدر عن الصحفى أو الإعلامى أو المعلومات الصحيحة التى تصدر عن الصحفى أو الإعلامى سبباً لمساءلته، كما لا يجوز إجباره على إفشاء مصادر معلوماته». ونص فى المادة ٩ على ان «للصحفى أو الإعلامى حق نشر المعلومات والبيانات والأخبار التى لا يحظر القانون إفشاءها».


كما أكدت الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان (2021 - 2026) فى المحور الخامس على حرية التعبير.. وأوضحت أن الدستور المصرى كفل حق الفرد فى التعبير بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير والنشر، وهو ما يرتبط بحرية الصحافة والإعلام والطباعة والنشر الورقى والمسموع والإلكترونى. وأشارت الاستراتيجية إلى ضرورة مواصلة جهود الدولة لحماية حرية التعبير عن الرأى والتصدى لأية انتهاكات فى إطار الدستور والقوانين المُنظمة لذلك.


أى أن حرية الرأى والتعبير مكفولة للجميع وليست مقصورة على الصحفيين أو الإعلاميين فقط.. وإنها تقف عند حدود احترام حقوق الآخرين وسمعتهم.. فلا يجوز الخوض فى الأعراض أو اتهام الأشخاص دون دليلٍ أو مبرر أو الحط من شأنهم وسط ذويهم والمجتمع أو النيل من سمعتهم أو ملاحقتهم بما ليس فيهم، أو التشهير بهم بهدف ابتزازهم وإخضاعهم لرغبات الغير.. كما أنها تقف عند حدود حماية الأمن القومى أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة.. أى أن هذه الحرية يجب أن تحافظ وتصون الأمن القومى للبلاد وألا تضر بعلاقتها مع الدول الأخرى، وأن تحترم العادات والتقاليد المجتمعية والقيم الدينية وألا تثير الرعب أو الفزع بين المواطنين.
هذه هى حرية الرأى والتعبير التى صاغتها المواثيق الدولية والتزم بها الدستور والقانون المصرى.. وهى فى مجملها تضمن حرية الصحافة والإعلام وحرية الإبداع والعقيدة، وحرية البحث العلمى، وحرية النقد وحق الاختلاف بما يسمح بتنامى الفكر الإنسانى دون تعصبٍ أو تمييزٍ أو الاعتداء على حقوق الآخرين.


وإن ما تم صياغته من حدود لهذه الحرية فهى منطقية خاصة فى ظل انتشار السوشيال ميديا ووسائل التواصل الاجتماعى والتطور السريع والرهيب فى الذكاء الاصطناعى، والتى بها تنامى حق الفرد فى المعرفة وسهولة انتقال الأفكار والمعلومات، والتى معها سقطت حواجز الجغرافيا وعوائق الاتصال بين الدول والشعوب.. وأصبح بالفعل  العالم قرية صغيرة..  فما يحدث فى بلد ما مهما كان بُعد المسافة يعرفه العالم فى التو  واللحظة.. وذلك نتيجة التطور المذهل للاتصالات.. كما ساهمت هذه الوسائل فى ظهور ألوان جديدة من أدوات تشكيل الرأى العام التى لم تعد وقفاً على الصحافة والإعلام، فيزاحمها الآن هذه الوسائل التى جعلت من كل مواطن صحفياً ومصوراً يذيع وينشر ويبث ما يريد على الملأ.. خاصة وأنه يمتلك الوصول إلى أى موقع جغرافى دون أن تعوقه أى سلطة.. كما يمتلك اقتحام أى موقع وفك طلاسمه وألغازه.. مما أدى إلى تدخل وتشابك عوالم عديدة لها تأثيرها البالغ على حريات الآخرين.


«الخبر الكاذب»
أما مسألة الأخبار الكاذبة فهى تختلف تماماً عن حرية الرأى والتعبير والتى تعبر عن رأى وفكر صاحبها.. فالخبر يتضمن معلوماتٍ  وبياناتٍ منسوبة  إلى مصادر حتى وإن كانت مصادر مجهلة بشرط  ان تكون مصادر موثوقاً بها وبما تقدمه من معلومات عند كتابة الخبر ونشره.


وإذا حدث لسبب ما أن تم نشر خبر وتبين أنه كاذب فإن الصحفى أو الإعلامى عليه تكذيب الخبر ونشر تصحيح له وهو عقاب يصل إلى حد الموت لهما. ولكن فى ظل هذا الفضاء الإلكترونى كان لابد من وضع جزاءاتٍ على نشر الخبر الكاذب خاصة إذا كان ما يتضمنه من معلومات غير صحيحة تسئ بشكل أو بآخر بالأشخاص أو المؤسسات أو تضر بالبلاد وسلامتها.. ولذلك نصت المادة ١٩ من القانون ١٨٠ لسنة ٢٠١٨ على أنه «يحظر على الصحيفة أو الوسيلة الإعلامية او الموقع الإلكترونى نشر أو بث أخبار كاذبة أو ما يدعو أو يحرض على مخالفة القانون أو إلى العنف والكراهية، أو ينطوى على تمييز بين المواطنين، او يدعو إلى العنصرية أو يتضمن طعناً فى أعراض الأفراد أو سباً أو قذفاً أو امتهاناً للأديان السماوية  أو للعقائد الدينية.. ويلتزم بأحكام الفقرة السابقة كل موقع إلكترونى شخصى أو مدونة الكترونية شخصية أو حساب الكترونى شخصى، يبلغ عدد متابعيه خمسة آلاف متابع أو أكثر.. ومع عدم الإخلال بالمسئولية القانونية المترتبة على مخالفة أحكام هذه المادة يجب على المجلس الأعلى اتخاذ الإجراء المناسب حيال المخالفة وله فى سبيل ذلك وقف او حجب الموقع أو المدونة او الحساب بقرارٍ منه.


كما حذر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام فى لائحة الأكواد والمعايير الإعلامية والجزاءات النقل من السوشيال  ميديا.. باعتبار أن ما يُنشر أو يُبث عليها ليس كله صحيحا.. وأن النقل يقع على مسئولية الوسيلة الناقلة.. والتى عليها أن تتأكد من صحة الخبر قبل نشره أو بثه.. وذلك لأن الخبر  الكاذب قد يكون شديد الخطورة على الفرد أو الدولة ويرتقى  الى مرتبة الشائعة.
«الحب لا يموت»
هل يموت الحب يوماً؟
أعتقد أن الحب الحقيقى الصافى والمخلص.. الحب النابع من القلب يقويه.. العقل لا يموت أبداً.. فهو يظل موجوداً مسيطراً علينا طوال حياتنا.. حتى وإن تاه  بعض الوقت فى زحمة وسرعة الدنيا.


الحب ينمو ويزدهر إذا كان مزروعاً فى بستان من الصفاء والنقاء.. نرعاه بالإخلاص والصدق والتفانى والمشاعر الجياشة النبيلة، مشاعر التسامح والعطاء ، ومشاعر صادقة لا تعرف الكذب ولا الخداع ولا السيطرة ولا النفاق ولا الأنانية ولا القسوة.. فيكبر وينمو حتى تتغلل جذوره فى شرايين القلب، وتهفو فروعه فى خلايا العقل ،، ويسيطر على الوجدان  والحواس.. وإذا توقف الإنسان عن رعاية الحب والاهتمام به، يذبل ويضمر ولكنه لا يموت .. وتظل لوعته بالقلب يعذب من يحب .. وبمجرد أن نعود ونرعاه ونهتم به يعود له البهاء والنضارة.


الحب خالد حتى وإن رحل أحد طرفيه فيظل الطرف الآخر يعيش على ذكراه.. وخلوده ينتهى برحيل الطرفين.
أعتقد أن من يردد أن الحب يموت نابع من نُدرة الحب الحقيقى وذهاب الرومانسية فى زمن الإنترنت وعصر السوشيالجية والترند.