أخر الأخبار

بعد افتتاح مدبولي عددًا من المواقع الأثرية والتراثية| ميلاد جديد للقاهرة التاريخية

رئيس الوزراء يتفقد أعمال التطوير بمحيط سور مجرى العيون
رئيس الوزراء يتفقد أعمال التطوير بمحيط سور مجرى العيون

محوران أساسيان تقوم عليهما أعمال تطوير القاهرة التاريخية، الأول يستهدف الحفاظ على المزارات والمناطق الأثرية والتاريخية التي تحكي عن حقب زمنية فريدة، والآخر يستهدف الحفاظ على المواطنين القاطنين بجوار تلك المناطق، التى عانت الإهمال لسنوات عديدة، وتحولت لمناطق عشوائية، بنقلهم إلى وحدات سكنية آدمية مُجهزة بالكامل، وتطوير تلك المناطق على الطراز العالمى، وتحويلها إلى متاحف مفتوحة. 

◄ مدبولي: الدولة مهتمة بالحفاظ على آثار العاصمة واستعادة رونقها

◄ نائب المحافظ: نقل سكان المناطق المحيطة لكمبوند الخيالة

◄ مواطنون: ملامح المنطقة تغيرت.. وأصبحنا نجاور متاحف أثرية مفتوحة

◄ سكان الخيالة: شكرًا للرئيس السيسي.. أصبحنا نعيش حياة متكاملة

سور مجرى العيون وحصن بابليون، كانا أحد أهم المزارات التاريخية بالعاصمة، والتى عانت من كافة صور الإهمال، لكنها اليوم تشهد بداية جديدة لاستعادة عظمتها مرة أخرى، بعد أن افتتح الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، عددًا من المواقع الأثرية والتراثية التي شهدت الانتهاء من أعمال الترميم والصيانة بها، يرافقه اللواء هشام آمنة، وزير التنمية المحلية، وأحمد عيسى، وزير السياحة والآثار، واللواء خالد عبدالعال، محافظ القاهرة.

■ الوحدات السكنية بسور مجرى العيون

◄ أعمال التطوير
وقد شهد سور مجرى العيون أعمال تطوير كبيرة ضمن خطة تطوير القاهرة التاريخية، وإعادة مجدها الحضاري والتاريخى، حيث يتم تنفيذ مشروع تطوير السور على مساحة 95 فدانًا بنفس منطقة المدابغ القديمة، والتى تم نقلها لمدينة الروبيكى الصناعية، إضافة إلى المحور الترفيهى الجارى تنفيذه خلف سور مجرى العيون على 15 ألف متر، حيث يتم تنفيذ عدد من المطاعم والكافيهات والأسواق والمسارح والسـينمات والاستوديوهات، ومنشآت على الطراز الإسلامـي القـــديم، من بينها أسواق متنوعة تشمل منتجات الحرف التراثية مثل الخيامية والمغربلين والصاغة والنحاسين وغيرها من المنتجات التى اشتهرت بها القاهرة التاريخية، إضافة للأسواق المتنوعة الأخرى، كما يتم إنشاء منطقة للمسرح والفنون بها مسرحان أحدهما مكشوف ودار للسينما، وسيكون على الشكل الإســلامى، إضــافــة لإنشـــاء نافــورات تزين المنظر الجمالي، كما سيتم إنشــــاء خان للحرف اليدوية، وفنادق بنظام ستوديوهات ومقاهٍ ومطاعم ومناطق ترفيهية، إضافة لتنوع المطاعم التى سيتم إنشاؤها، وسيكون أغلبها مطاعم مصرية بجانب المطاعم الأخرى.

وعقب زيارته الميدانية بمحافظة القاهرة، أكد الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، أن برج مأخذ سور مجرى العيون، والكنيسة المعلقة، وحصن بابليون، وبوابة عمرو بن العاص التي دخل منها الصحابي الجليل إلى مصر إيذانًا بالفتح الإسلامي لمصر، ومعبد بن عزرا، تمثل «مجمع أديان» حيث تضم مباني أثرية تاريخية تخص الديانات السماوية الثلاثة «الإسلام والمسيحية واليهودية»، إضافة لحصن بابليون نفسه الذي يعود للعصر الروماني، بما يوضح مدى اهتمام الدولة بالحفاظ على الآثار واستعادة رونقها، مُضيفًا أن الفترة الماضية شهدت الانتهاء من أعمال ترميم جامع عمرو بن العاص، الذي يُعد الأقدم على مستوى قارة أفريقيا، كما نشهد الآن تطوير مشروع عظيم إلى جانب المسجد، وهو «حدائق الفسطاط» الذي تتجاوز مساحته 500 فدان، ويُخطط ليكون الحديقة المركزية الرئيسية بقلب القاهرة، وأكد أن جانبًا من أعمال الترميم بمنطقة حدائق الفسطاط، تتضمن ترميم منطقة تلال الفسطاط نفسها أو الحفائر التي نرممها ونبرزها ليرى كل المصريين مدينة الفسطاط التي تمثل العاصمة الإسلامية الأقدم في مصر وأفريقيا، وكل هذا يوضح مدى اهتمام الدولة المصرية بأعمال تطوير الآثار في هذه المناطق، مشددًا على الحرص على إبراز هذا البُعد التاريخي.

■ أعمال تطوير سور مجرى العيون

◄ الخيالة وبدر والروبيكي
وانتهت محافـظة القاهرة، مــن إخلاء المنطقة العشوائية، خلف سور مجرى العيون، والتي شملت مناطق «الجيارة» و«السكر والليمون» و«حوش الغجر»، وقد تم نقل سكانها لوحدات مفروشة داخل كمبوند سكني مُتكامل الخدمات بمنطقة الخيالة بالبساتين، تطل على بحيرة عين الصيرة الجنوبية ونادى الفرسان، ووفقًا للمهندسة جيهان عبد المنعم، نائب محافظ القاهرة للمنطقة الجنوبية، فقد تم نقل جميع السكان لشقق مفروشة بمشروع الخيالة، لافتة إلى أنه يتم توفير كافة أشكال الدعم والتعاون مع المواطنين من قاطنى العقارات الجارى إزالتها لحين الانتهاء من أعمال التسكين التى تم توفيرها لهذا الغرض، موضحة أنه يتم نقل المواطنين إلى الخيالة لتخليصهم من المناطق الخطرة، ليعيشوا فى مكان آمن يطل على بحيرة عين الحياة «الصيرة سابقًا»، وعدد من المناطق الأثرية، وبالقرب من متحف الحضارات، ونادي الفروسية، وبمنتصف الطرق المؤدية للسيدة عائشة، وكورنيش النيل، والمنيل، والـتي تطورت وتغيرت ملامحها نهائيًا، مُضيفة أن مشــروع أرض الخــيالة، يتكـون من 42 عمارة بواقع 2500 وحدة سكنية، والتكلفة الإجمالية للمشـروع تصل لـ853 مليـون جنيه، وتبلغ مساحات الوحـدات 60 مترًا، كما يتضـمـن المشــروع مدرسـة ونقطة شرطة، ومركز إسعاف، ومركزًا طبيًا، ومكتب بريد، وحديقة عامة، وأعمال تنسيق الموقع تتضمن تنفيذ طرق بمسطح 60 ألف متر، وشبكات مياه وصرف بطول 3500 متر، و«لاند سكيب».

وعن سكان سور مجرى العيون وعين الصيرة، قال محمد دسوقي، مُدير مشروع تطوير منطقة سور مجرى العيون وعين الصيرة، إنه تم توفير وحدات سكنية بديلة لهم بمنطقة بدر، وبناء ورش على أعلى مستوى بمنطقة الروبيكى ليصبح عملهم بجوار مقر إقامتهم، مضيفًا أن طبيعة سور مجرى العيون بعد التطوير تختلف عن غيره من المشروعات المماثلة لتطوير العشوائيات، لأن أغلب سكانها كانوا من أصحاب الورش، وعند نقلها للروبيكى طلب السكان أن يسكنوا بالقرب من مصانعهم لذا استقروا بمدينة بدر، وأصبحت المنطقة بعد التطوير تخضع للإسكان الحر، وقريبًا سيتم الإعلان عنها من خلال إعلانات وزارة الإسكان، ويمكن لأى شخص أن يتقدم للحصول على وحدة فور الإعلان عن فتح باب التقديم، حيث يُقدم المشروع مُميزات مُختلفة عـن طبيعـــة الإعلانات الخاصة بالإسكان الاجتماعي، ويمكــن للشخـص أثناء التقـديم للحجــز أن يخــتار وحدة سـكنية بعينها، وأن يُحدد الطابق الذى يود أن يسكُن فيه.

■ بحيرة عــين الصيرة بعد تحويلها لـ «عين الحياة»

◄ حياة أفضل
سكان المناطق المجاورة لسور مجرى العيون، وعين الصيرة، وكذا مسجد عمرو، وحصن بابليون، أكدوا أنهم كانوا يعانون بشدة مــن تحــول تلك المناطــق إلـى بـــؤر عشوائية مُهملة، لكنها اليوم تحولت إلى متاحف أثرية وتاريخية، بفضل التدخلات العاجلة للدولة لتغييرها وتعــديلها وتطــوير وجـــه الحياة بها، فيقول أحمد السيد، مُدرس، من سكان منطقة الفسطاط، إنه الآن بمجرد أن تخطو بقدميك منطقة سور مجرى العيون، لن يخطر ببالك لوهلة واحدة أن هذه هى منطقة المدابغ، التى عانت كثيرًا من العشوائية، فالعمال منتشرون فى أرجاء المكان، إذ يعد المشروع فى مراحله الأخيرة، وقارب على الانتهاء، مُضيفًا أن صورة مجرى العيون اختلفت تمامًا عن سابق عهدها، لتصبح «كومباوند» مُتكاملًا، يضم عمارات سكنية على الطراز المعمارى الإسلامى، وأعمال «اللاند سكيب»، والمول التجارى، حيث تضم المنطقة 79 عمارة سكنية، تظهر منها المشربية، ويمتزج لونها بين البنى الداكن والفاتح، وتتراص بجوار بعضها البعض، وتتوسط العمارات السكنية أعمال التشجير، إضافة إلى أماكن انتظار السيارات.

بينما قالت، أمنية فرغلى، من سكان منطقة مصر القديمة، إن المنطقة بعد التطوير، اختلفت بشكل كبير، وباتت بمثابة مزارات سياحية، ومتاحف مفتوحة يأتى إليها الزوار من كل مكان للاستمتاع بها، لافتة إلى أنها كانت تتمنى اليوم الذى تنقل فيه مسكنها، إلا أن الوضع الآن اختلف تمامًا، فالمناطق الأثرية بعد التطوير باتت تحيط بها من كل جانب، والطرق باتت مُمهدة، ووسائل المواصلات مُتاحة طوال اليوم، بينما كنت أعانى من قبل فى الوصول إلى منزلى بسبب الفوضى العارمة والزحام الذى كان يُحيط بالمنطقة.

■ ساحة مسجد عمرو بن العاص بعد التطوير

◄ في مدينة الخيالة
وفى «مدينة الخيالة»، تلك المدينة السكنية المُتكاملة التي انتقل إليها سكان العشش والعقارات العشوائية التى تمت إزالتها من قلب القاهرة التاريخية، التقينا أمير عادل، أحد سكان المنطقة، والذى قال: «ما نعيشه الآن حلم طال انتظاره، بعد أن قضينا سنوات عمرنا بمكان لا يصلح للحياة الآدمية، والآن نتمتع بخدمات كثيرة»، مُضيفًا أنه كان من سكان منطقة «السكر والليمون» خلف سور مجرى العيون، والآن يعيش بمدينة الخيالة التى تتمتع بالجمال والراحة، مؤكدًا أن جميع الخدمات متواجدة بالمدينة، متوجهًا بالشكر للرئيس عبدالفتاح السيسي على ما بذله من جهد من أجل توفير حياة كريمة له ولأهالى المنطقة.

وقال أحمد الجارحي، إن المستقبل الأفضل هو أهم ما يميز الحياة داخل كمبوند الخيالة، فالسعادة الموجودة في عيون الأطفال وهم يعيشون في نظافة واستقرار وأمان، ومتوافر لهم كل سبل الراحة والخدمات الصحية والتعليمية والرياضية، تؤكد أننا نخلق جيلًا سليمًا قادرًا على صنع المستقبل، وواعيًا لمعنى كلمة وطن يُحافظ على أبنائه ويُقدرهم.

◄ عملية إنقاذ
من جانبها، قالت النائبة أمانى الشعولى، أمـين ســر لجنة السياحة بمجلـس النواب، إن خطة ترميم وصيانة سور مجرى العيون شملت إزالة التعديات التي طالـته سنوات كـثيرة ماضية وسـاهمت في تشويه وطمس عظمة الحرم الأثري له، كما تضمنت الأعمال معالجة وتنظيف الأحجار، وصيانة الأشغال الخشبيـة والأرضيات بالممـرات الداخليــة وتأهيل السلالم، ورفــع كفـاءة محيط الأثر، مُشددة على أن مصر نجحت في إنقاذ وتطوير عدد من المناطق الأثرية المُهملة، بعد أن نال منها الإهمال لعقود طويلة، لافتة إلى أن مناطق القاهرة التاريخية من أهم وأكبر المدن التراثية في العالم، حيث إنها مدينة حية تتميز بثراء نسيجها العمراني، والتي شملت الفسطاط، ومنطقة القلعة، والدرب الأحمر، والنواة الفاطمية.