عبدالناصر الجوهرى يكتب : طرْفُ الكلامِ مُراوغٌ

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

لا أنتَ جاحظُ فى العلوم،
ولا أنا عقاد
طرْفُ الكلامِ مُراوغ لم يحْتكمْ
لبلاغةٍ،
أو للمجازِ،
وخانهُ الإسْنادُ
عرج البيانُ وما توسَّط مجْلسًا
إلا الهوامشُ ما لها أبعادُ
كلُّ استنادكَ للأماكن والحكايا،
والطَّرائفِ قاصرٌ
يحتاجها إمدادُ
عُكَّازُكَ الموروثُ قد ضيَّعْتهُ
أَوَقَدْ حسبتَ أضافكَ الآباءُ،
والأجدادُ
فالنُّورُ كيف تخافهُ الأصفادُ
كم كان مُتَّسعًا لأعماقِ النِّقاشِ،
وما ارتقى شيبٌ،
ولا نفَع انتسابٌ للكتابةِ ضمَّنا
 ما غيرنا جلاَّدُ
جئنا نُريحُ النَّفسَ مِنْ أعبائها
أمْ تُشْغلُ الأرواح،
والأجسادُ 
ما طاب عيشٌ دونهُ
تتكالبُ الحُسَّادُ 
أنا ما استجبتُ سوى لإطنابِ الحواشى؛
فارتوتْ فى مُهْجتى أعوادُ
فكفى حديثًا عن أصولكَ،
أو جذوركَ،
كلُّ جذْرٍ للنَّشامى بائنٌ
تزهو الخيام وما لها أوتادُ
ابسطْ رداءكَ للجميع،
ولا تقللْ من عزائم وافدٍ،
أو راحلٍ
فهناك للقلم الحزين فؤادُ
فاحفظْ لسانكَ فى الحديثِ؛
إذا ذكرتَ منازلًا
فعلى السَّليقةِ تُنْسخُ الأحفادُ
انظرْ إلىَّ،
فكيف أبدو فى عُيونكَ - سيِّدى- مُتموْضعًا
قد شدَّنى من بين أسوارِ النِّزالِ..
حيادُ
أنا موقفى مثل القصيدةِ واضحٌ
أنا لم أكنْ متأرجحًا
قد زارنى القصَّادُ
وإذا أردَّتَ مُناظرًا
فالشِّعْرُ خيرُ مُناظرٍ
ولمُنْجزى بين المتون حصادُ
يكفيكَ صبْرُ قريحتى
أوَلمَ تبنْ بين الضُّلوع..
«سُعادُ»
فهو القصيدُ سفينتى
مُذْ ضاعت الكلماتُ فى كبد البُحور،
ولم يصلْ صيَّادُ
أنا شاعرٌ عند الشَّدائدِ ما انثنى
والشِّعْرُ فى إلهامهِ
ما فاته ميعادُ
فالشِّعْرُ لى يا سيِّدى 
نسبٌ،
وميلادُ
يبقى وعاءُ المُبْدعين،
ويسْتزيدُ تواضعًا
مهما يقلُّ الماءُ،
والزَّادُ
فهل اخترعتَ طريقةً للمجدِ لا ندرى بها
أمْ يا تُرى أهديْتنا نظريَّةً كُبْرى
فتنسَّمتْ أكبادُ
الكِبْرُ أسوأ صاجبٍ قابلْتهُ
فدع التكبُّرَ والتَّنمُّرَ،
واستحى
إنَّ الحياءَ إلى الرِّجالِ عِمادُ
يا سيِّدى
ما أنتَ إلا ناقلٌ
كلُّ الذى ألقيتهُ
بين الكتابِ يُعادُ.