قمة نيروبي للمناخ .. صرخة افريقيا لانقاذ الكوكب

قمة نيروبي للمناخ
قمة نيروبي للمناخ

بينما تتحمل إفريقيا العبء الأكبر للتغيرات المناخية على الرغم من مساهمتها الضئيلة في انبعاثات الكربون، تستعد القارة لاستضافة أول قمة إفريقية للمناخ في العاصمة الكينية نيروبي، في محاولة لتوحيد الصوت الإفريقي والمطالبة بالمزيد من العدالة المناخية وتمويل التكيف مع آثار تغير المناخ.

وتجتمع الدول الافريقية منذ اليوم الإثنين 4 حتى الأربعاء 6 سبتمبر، لوضع خطط مشتركة لمواجهة التحديات البيئية الناجمة عن ارتفاع درجات الحرارة وتغير أنماط الطقس، في وقت تشير تقديرات إلى أن إفريقيا بحاجة إلى ما يزيد عن 550 مليار دولار للتكيف بحلول 2030.

ويأتي انعقاد القمة في اعقاب إقامة مصر لقمة المناخ كوب 27 في نوفمبر الماضي بمدينة شرم الشيخ، ما يعكس إصرار القارة على جعل قضاياها على رأس أولويات العمل المناخي العالمي، والمطالبة بالمساواة في توزيع آثار التلوث الناجم عن النشاط البشري عبر التاريخ.

استغلال موارد القارة السمراء

ودفعت سياسات الاستعمار والاستغلال التي مارستها الدول الصناعية عبر التاريخ، قارة إفريقيا إلى حدود الكارثة البيئية والمناخية، فبينما تتحمل إفريقيا أثقل عبء التغيرات المناخية على الرغم من مساهمتها البسيطة نسبيًا في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، فإن الدول الصناعية لا تزال تسعى للسيطرة على مواردها الطبيعية بما فيها الطاقات الأحفورية.

بالإضافة الى ذلك هناك شعور بالإحباط في القارة من كونها مطالبة بالتطور بطرق أنظف من الدول الأكثر ثراء التي تسببت تاريخياً في معظم الانبعاثات التي تؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة، فيما لم يصل معظم الدعم الموعود لأفريقيا.

وستركز القمة الإفريقية على مناقشة سبل تعزيز التمويل المناخي وقدرة القارة على التكيف مع آثار المناخ وبناء المرونة في مواجهة الأحداث المناخية المتطرفة المتكررة، كما ستبحث في كيفية سد الفجوة في مجال التنبؤات الجوية ونظم الإنذار المبكر في إفريقيا، إذ تعاني القارة نقصًا حادًا في البيانات الجوية اليومية الدقيقة.

ترتيبات القمة

ويحضر القمة أكثر من عشرة رؤساء دول أفريقية، فيما تسعى الحكومة الكينية والاتحاد الأفريقي من خلال انعقاد هذه القمة لأول مرة إلى تعزيز نفوذ القارة عالمياً وجلب المزيد من التمويل والدعم، خاصة في ظل ما تتعرض له أفريقيا من آثار سلبية لتغير المناخ مع أنها لا تساهم إلا بنسبة ضئيلة في انبعاثات الكربون مقارنة بالدول المتقدمة.

وقال الرئيس روتو "لفترة طويلة نظرنا لتغير المناخ على أنه مشكلة، ولكن هناك أيضاً فرص هائلة، من فرص اقتصادية بمليارات الدولارات، وهياكل تمويل جديدة، وثروات معدنية ضخمة في أفريقيا، ومثال الازدهار المشترك".

وضعت الحكومة الكينية خططًا متكاملة لضمان نجاح القمة وتحقيق أهدافها، إذ تم تشكيل لجنة تنظيمية عُليا برئاسة رئيس الوزراء، شارك فيها الوزراء وممثلون عن الهيئات ذات العلاقة.

وشهدت العاصمة نيروبي حملات ترويجية واسعة، عبر وسائل التواصل لنشر الوعي حول أهداف القمة، كما تم توفير احتياجات المشاركين.

حضور رفيع

ومن المنتظر حضور أكثر من 20 قائدًا دوليًا على مدار أيام عقد القمة، أبرزهم رؤساء غانا وجزر القمر وبوروندي.

وعلى المستوى الدولي، بذلت وزارة الخارجية الكينية جهودًا كبيرة لضمان حضور أكبر عدد ممكن من القادة الأفارقة، ما يعكس أهمية هذا الحدث البيئي الاستثنائي.

ومن المشاركين من خارج أفريقيا مبعوث الولايات المتحدة للمناخ جون كيري، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، الذي أكد أنه سيتطرق لقضية التمويل باعتبارها واحدة من "الظلم المحرق لأزمة المناخ".

خارطة طريق موحدة

تعتبر القمة الإفريقية للمناخ من أهم المحطات في سياق الجهود الدولية لمكافحة آثار تغير المناخ والحد منها، إذ سيجتمع قادة إفريقيا معًا لوضع خارطة طريق موحدة، لمواجهة الأزمة البيئية التي تهدد القارة.

وأكد ألفريد موتوا، وزير الخارجية والشؤون الإفريقية الكيني، أن القمة ستسهم في توحيد الصوت الإفريقي حول مسائل المناخ والمطالبة بحصة عادلة من التمويل الأخضر، وفقًا لما أشارت شبكة "كي بي سي" الكينية.

توقعات وأثار القمة

وبحسب ما أشارت صحيفة جون أفريك، فإنه من المتوقع أن تعلن الدول الإفريقية خلال القمة عددًا من الاتفاقات الخضراء، بما في ذلك مبادلات الديون مقابل الطبيعة، والاستثمارات في الطاقة المتجددة والتكنولوجيا الخضراء والزراعة الغذائية المستدامة.

كما ستضغط على الدول المانحة للوفاء بالتزاماتها المالية السابقة لمساعدة القارة على مواجهة أزمة المناخ، إذ تشير التقديرات إلى أن إفريقيا ستحتاج 579 مليار دولار للتكيف مع آثار تغير المناخ بحلول عام 2030، لكن التمويل المناخي المتعهد به لا يزال جزءًا ضئيلًا من هذا المبلغ، ولم يتم الوفاء بمعظمه.

وفي الوقت نفسه، تواصل ديون القارة الارتفاع مع كل كارثة تمر بها. فقد ارتفعت حصة إفريقيا من الديون العالمية من نحو 19% في عام 2010 إلى ما يقرب من 29% في 2022.

وفقًا لما أاشار وزير البيئة الكيني، لوسائل إعلام محلية، فإن القمة ستقترح نموذجًا تمويليًا دوليًا جديدًا يسمح للدول الإفريقية المثقلة بالديون بخدمة التزاماتها مع تخصيص أموال للعمل المناخي.