بين الحياة والموت.. تقرير ينذر بمخاطر «قاتلة» لمرضى الصحة العقلية في بريطانيا

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

أزمة الصحة العقلية في بريطانيا ليست مجرد كلمات، بل واقع مؤلم يتجلى من خلال تجارب مؤلمة لمرضى يواجهون صعوبات في الوصول للرعاية الطارئة. كشف تقرير جديد عن أن أشخاصا مصابين بأمراض عقلية في إنجلترا يواجهون انتظارات مروعة لسيارات الإسعاف، ما يثير تساؤلات خطيرة حول التزام الحكومة برعاية مرضى الصحة العقلية.

حصلت صحيفة "ذا جارديان" على بيانات أظهرت أن 7 خدمات إسعاف في إنجلترا وويلز تَجاوزَت باستمرار الأهداف الزمنية للاستجابة للحالات الطارئة والعاجلة للصحة العقلية خلال العام الماضي. وسجلت أطول فترة انتظار لحالة طارئة بلغت أكثر من ساعتين، في حين بلغت أطول فترة لحالة عاجلة 70 ساعة.

وتعكس هذه الأرقام حدة الأزمة التي تمر بها الخدمات الطبية في بريطانيا نتيجة الإهمال ونقص التمويل. كما تظهر مدى تعرض المرضى للمعاناة وخطر الإصابة بأضرار جسدية أو نفسية بالغة.

وفي هذا السياق، أكدت ديزي كوبر الناطقة باسم حزب الأحرار الديمقراطيين بأن هذه الأرقام "تفضح إهمالاً صارخاً لأزمة الصحة العقلية"، مطالبة الحكومة بتقديم الدعم اللازم للخدمات.

ولفتت كوبر إلى أن هذه الانتظارات الطويلة تترك المرضى "في معاناة ومآسي" دون رعاية طبية، مطالبة بمعالجة حالة الصحة العقلية بنفس أولوية الأمراض الجسدية.

اقرأ أيضًا: الحكومة البريطانية تتعهد بمعالجة سريعة لمشكلة المدارس المهدّدة بالانهيار


التقرير الذي حصلت عليه حزب الديمقراطيين الأحرار من سبع خدمات إسعافية في إنجلترا وويلز كشف عن تجاوز مدهش لمدد الانتظار المستهدفة لسيارات الإسعاف لمكالمات طوارئ وحالات عاجلة لمرضى الصحة العقلية خلال عام 2022. ففي الحالات التي تهدد بالحياة وتتطلب استجابة فورية لم تتجاوز 7 دقائق، سجلت أطول فترة انتظار أكثر من ساعتين.

أما الحالات غير المهددة بالحياة والتي يجب الاستجابة لها خلال 18 دقيقة فقد سجلت أطول فترة انتظار 11 ساعة و22 دقيقة. وفي إحدى الحالات على الأقل انتظر مريض 70 ساعة للوصول له، ما يعتبر انتهاكا خطيرا لحقوق المرضى.

وفي تعليقها على التقرير، قالت ديزي كوبر المتحدثة باسم الحزب في قضايا الصحة "إن هذه الأرقام تكشف عن إهمال مباشر لأزمة الصحة العقلية. من المقلق للغاية ترك أشخاص ضعفاء في معاناة ومآسي بسبب هذه الانتظارات المروعة."

ووفقا لتقديرات سابقة، بلغت ساعات انشغال خدمات الإسعاف في إنجلترا بحالات الصحة العقلية 1.8 مليون ساعة خلال عام 2021-2022. في حين بدأت قوات الشرطة بالانسحاب من استجابتها لحالات الصحة العقلية إلا إذا تعلق الأمر بحياة إنسان أو جريمة.

وتأتي هذه الكشوف في وقت أظهرت فيه إحصائيات سابقة أن خدمات الإسعاف في إنجلترا قضت 1.8 مليون ساعة في التعامل مع حالات الصحة العقلية خلال العام المالي 2021-2022، في حين بدأت الشرطة بالانسحاب من استجابتها لهذه النداءات.

وتعد هذه المعطيات دليلاً قاطعاً على حالة الإهمال والتراجع التي وصلت إليها الخدمات في هذا المجال الحيوي. ويطرح التقرير تساؤلات خطيرة حول التزام الحكومة بتأمين الدعم المطلوب للحفاظ على صحة السكان العقلية.

إذ لا يكفي الاكتفاء بالإعلان عن زيادات مالية محدودة، بل لا بد من وضع خطة طارئة شاملة لإنقاذ هذا القطاع الحيوي، تشمل زيادة عدد المركبات والأطقم الطبية والمراكز العلاجية. حيث إن صحة الناس لا تقبل التأخير ولا الإغفال.

وينذر الوضع الراهن - إن استمرت هذه السياسات - بمخاطر بالغة قد تتسبب في وفيات مريعة نتيجة تفاقم أمراض نفسية لم تحظ بالعلاج الكافي والمناسب. كما أنه يمثل انتهاكاً واضحاً لحقوق المرضى في الحصول على الرعاية الصحية.

وبالتالي، فإن ما كشفه هذا التقرير لا يمكن اعتباره مجرد مشكلة إدارية أو فنية، بل يمثل إهمالاً أخلاقياً وإنسانياً خطيراً من قبل الحكومة البريطانية، يستوجب مساءلتها واتخاذ تدابيرعاجلة لإنقاذ المرضى النفسيين.