الرقائق الإلكترونية .. صداع فى رأس أمريكا

رقائق أشباه الموصلات أكثر مجالات المنافسة بين بكين وواشنطن
رقائق أشباه الموصلات أكثر مجالات المنافسة بين بكين وواشنطن

وسط مخاوف متزايدة بشأن وصول الصين إلى موارد الذكاء الاصطناعى الأساسية، قالت صحيفة «تلجراف» البريطانية إنّ إدارة الرئيس الأمريكى جو بايدن منعت مبيعات بعض الرقائق الإلكترونية الأعلى قيمة لشركة «Nvidia» إلى الشرق الأوسط. ووفقاً للصحيفة، فقد صدرت أوامر لـ«Nvidia»، التى تبلغ قيمتها 1.2 تريليون دولار وتُعدُّ إحدى أكثر الشركات قيمةً فى العالم، بالحصول على إذن عند تصدير الرقائق إلى دول معينة فى المنطقة، وذلك فى اطار تصعيد قيود الأمن القومى للبيت الأبيض على أشباه الموصلات المتقدمة. ونقلت الصحيفة عن أحد المحامين التجاريين الكبار فى الولايات المتحدة قوله إنّ هذه القيود ستجبر الشركات الأمريكية على الحصول على الموافقة للتصدير إلى دول أو زبائن معينين، مضيفاً أنّ ثمة قلقاً من أن يتم تحويل الصادرات من دول فى الشرق الأوسط إلى الصين.


وتسعى الولايات المتحدة الأمريكية لكبح جماح الاستثمارات فى التطوير الصينى للذكاء الاصطناعي، والرقائق الإلكترونية العسكرية، وأجهزة الحواسيب، فى إطار مساعٍ أكبر لتقويض قدرة بكين على تطوير التكنولوجيا المطلوبة للتفوق الدفاعى على أمريكا، القوة العسكرية والاقتصادية الأكبر فى العالم. ويرى المحللون أن تلك القيود هى توسيع لنطاق الجهود الأمريكية الرامية إلى إحباط مساعى بكين الحثيثة فى مجال الذكاء الاصطناعي، التى تستهدف واشنطن من خلالها منع مبيعات الرقائق الإلكترونية إليها، وتقييد أوجه التعاون بين الشركات فى الشرق الأوسط وشركات الذكاء الاصطناعى الصينية.


وتبرز أهمية الرقائق الإلكترونية «إتش 100» و»إيه 100» لبرمجيات التدريب مثل «تشات جى بى تي»، كما أنها تقع فى قلب سباق عالمى لقوة الحوسبة، فى حين تسعى الدول لموقع الريادة فى مجال الذكاء الاصطناعي. وقد حُظرت مبيعات الرقائق الإلكترونية «إتش 100» و»إيه 100» فى الصين وروسيا، غير أن الإعلان الأخير من قبل إدارة بايدن يمثّل توسيعًا لنطاق الضوابط التجارية لتتجاوز تأثيراتها حدود هذين البلدين.


وتنفق المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ملايين الدولارات على شراء آلاف الرقائق الإلكترونية المعروفة باسم وحدات معالجة الرسوميات، فى مسعى لتعزيز القطاعات التقنية فى البلدين.


وفى العام الماضى  أبرم وزير الاتصالات وتقنية المعلومات السعودى عبدالله بن عامر السواحة، خطة شراكة إستراتيجية مع الصين، تعهدت خلالها الرياض وبكين بالتعاون الوثيق فى مجالات الذكاء الاصطناعي.
وأشارت الصحيفة إلى أنّ السعودية والإمارات عقدتا مناقشات مع الصين من أجل تطوير روابط الذكاء الاصطناعى وتعميقها، كما أنّهما قدّمتا طلبات للحصول على رقائق من شركة «Nvidia». يُذكر أنّ رئيس الوزراء الصيني، لى تشيانج، حذّر المسؤولين الأمريكيين، قبل يومين، من أنّ «السعى لتسييس القضايا التجارية سيكون كارثياً للاقتصاد العالمي»، وفق ما ذكرت وسائل إعلام رسمية صينية.


من جهته، حضّ وزير التجارة الصيني، وانج وينتاو، الولايات المتحدة على «مطابقة أقوالها بأفعالها»، وذلك وفقاً لبيان أعقب محادثاته مع نظيرته الأمريكية فى بكين. وذكرت وكالة الأنباء الصينية «شينخوا» أنّ وينتاو أثار «مخاوف جدية بشأن عدة قضايا تشمل التعريفات الجمركية الأمريكية على البضائع الصينية بموجب القسم 301، وسياسات أشباه الموصلات والقيود على الاستثمارات المتبادلة، والدعم التمييزى والعقوبات على الشركات الصينية».


وعلى الرغم من القيود التى تفرضها واشنطن، وعواصم أخرى حليفة لها، لإبطاء تقدّم الصين التكنولوجي، أظهرت بيانات صينية أنّ حجم واردات معدات صناعة الرقائق بلغ نحو 5 مليارات دولار خلال الشهرين الماضيين، بزيادة بنحو 70% عن الفترة نفسها من العام الماضي، حيث بلغ حينها 2.9 مليار دولار. وفى المقابل، ادخلت  الصين الشهر الماضى قيودا على تصدير معدنَين أساسيين لصناعة أشباه الموصلات حيّز التنفيذ، وذلك رداً على الإجراءات الأمريكية. فقد خضعت صادرات الغاليوم والجرمانيوم ، من بين العديد من المركبات الصناعية الأخرى لقيود. واتخذت وزارة التجارة وإدارة الجمارك الصينية القرار، موضحة أنه سيتعين على المصدرين الحصول على موافقة خاصة من مجلس الدولة، مجلس الوزراء الصيني، للمواد المدرجة. 


بدأت حروب الرقائق بين البلدين فى عهد الرئيس السابق دونالد ترامب عندما منعت إدارته الموردين من بيع الرقائق المصنوعة باستخدام التكنولوجيا الأمريكية لشركة هواوى العملاقة للتكنولوجيا دون ترخيص خاص.


لسنوات ، قادت الولايات المتحدة معركة التكنولوجيا مع الصين. ومع ذلك، فقد مالت الموازين مؤخرا لصالح بكين. وفقا لدراسة قدمها مشروع الدراسات التنافسية الخاصة (SCSP) ، فإن الولايات المتحدة قد تخسر المنافسة التقنية أمام الصين إذا لم تتخذ إجراءات على جبهات 5G و الذكاء الاصطناعى والرقاقات الدقيقة. وأضاف التقرير أن سباق التكنولوجيا سيمر بمرحلته الحرجة فى الفترة 2025-2030. خلال هذه النافذة ، قد تكون بكين قادرة على التفوق على الولايات المتحدة إذا استمر الاتجاه الحالي.