فى الطريق إلى «أكتوبر العظيم»

جلال عارف
جلال عارف

بضعة أسابيع ونتلقى بالعيد الخمسين لنصر أكتوبر العظيم «لاشك أن احتفالنا هذا العام سيكون مختلفا، فكل ما نعيشه وما نواجهه من تحديات يؤكد أن أكتوبر كان ضرورة حياة لهذا الوطن، وأن الطريق إليه هو نفس الطريق الذى لا تعرف مصر طريقا غيره فى الأزمات.. حيث تتوحد مصر «شعبا وجيشا»، ولا يكون أمامها إلا اختيار واحد هو النصر ولا شيء غيره.

ومن قلب الهزيمة كان أبناؤنا يستعجلون الثأر ويعرفون جيدا أنهم قادرون عليه. وبعد أقل من شهر كان أول صدام مع قوات العدو التى أرادت احتلال موقع رأس العش، ليتصدى لها أبناؤنا ويلحقون بهم الهزيمة، ويحتفظون بالموقع الاستراتيجى فى الضفة الشرقية للقناة، ويعطون البشارة الأولى على طريق النصر.
ولم يكن الطريق سهلا على الإطلاق.

أن تبنى جيش المليون مقاتل، وأن تحصل على السلاح المطلوب، وأن توفر كل احتياجات المعركة فى ظل ظروف بالغة الصعوبة. لكن مصر كانت على قلب رجل واحد من أجل المعركة، وكان ما بناه الشعب - فى ظل ثورة يوليو- هو الأساس فى الصمود والتغلب على كل التحديات لتبنى جيشا من المؤهلين علميا، ويعمل القطاع العام بكل قوته لكى يوفر كل ما تحتاجه البلاد فى ظل المعركة من غذاء ودواء وموارد مالية هى الأساس فى ميزانة الدولة. ثم يخوض- إلى جانب جيشه المقاتل- معركة بناء حائط الصواريخ التى كانت وحدها ملحمة فى التضحية والفداء، وكان النجاح فيها هو مفتاح الطريق إلى العبور العظيم.

من حق الأجيال الجديدة التى لم تعش هذه الأيام المجيدة أن تعرف القصة كاملة وسط حملات مازالت مستمرة حتى الآن للتشكيك فى النصر العظيم. من حق هذه الأجيال أن تعرف كيف كان رمز العسكرية الإسرائيلية «ديان»، يزهو بعد يونيو ٦٧ بأنه ينتظر اتصالا تليفونيا من مصر يطلب الصلح.. فإذا به ينهار بعد العبور العظيم فى أكتوبر ويصرخ بأن إسرائيل انتهت!! وكان هذا هو المصير لولا أمريكا وتدخلها المباشر فى الحرب!!

انتصرنا فى أكتوبر، ولم يكن هناك من خيار أمامنا إلا الانتصار حررنا الأرض واستعدنا كل شبر من سيناء العزيزة، ومسحنا صفحة الهزيمة فى يونيو التى مازال الأعداء فى الداخل والخارج يريدون لها أن تبقى حية رغم أنهم يدركون  جيدا أننا لم نهزم، الهزيمة فقط لهم فى أكتوبر، بل اسقطنا- إلى الأبد- أكذوبة إسرائيل التى لا تهزم.

لكن السؤال يبقي: هل كانت «أكتوبر» هى آخر الحروب؟!

الواقع يقول إن الحرب مستمرة وإن كان بصورة مختلفة وتلك قصة أخرى لابد أن نقف عندها ونحن نحتفل بخمسين عاما على انتصارنا العظيم فى أكتوبر.