مافيا الكتب الخارجية| التكلفة وجشع المكتبات وراء ارتفاع الأسعار

الكتب الخارجية
الكتب الخارجية

■ كتب: أحمد جمال

لا تزال الأصداء التى تركتها أسعار الكتب الخارجية مهيمنة على أولياء الأمور الذين وجدوا أنفسهم أمام تحدى توفير ميزانية جديدة لشرائها تضاف إلى قدر كبير من أعباء انطلاق العام الدراسي الجديد بعد شهر تقريبًا، ما دفعنا للغوص فى تفاصيل ما يدور فى «مافيا سوق الكتاب الخارجي» التى تسببت فى زيادة أسعار الكتب بصورة كبيرة هذا العام.

يمكن تفنيد عناصر سوق الكتاب الخارجي بين دور نشر تستحوذ على عملية تأليف وطباعة الكتب، ومكتبات خاصة تتولى عملية توزيع تلك الكتب وبيعها، وكذلك معلمو الدروس الخصوصية والذين يدفعون الطلاب نحو شراء كتب بعينها وقد يكون ذلك سببًا فى زيادة أسعارها مع ارتفاع الإقبال عليها.

وقال مصدر مطلع بأحد دور النشر الخاصة، طلب عدم ذكر اسمه، إن ارتفاع أسعار الكتاب الخارجى هذا العام مبالغ فيه والزيادة الجديدة التى وصلت فى بعض الكتب إلى 60% مقارنة بأسعار العام الماضى لا ترتبط فقط بارتفاع أسعار الورق والأحبار التى تراوحت ما بين 35% و40% على حسب الفترة التى قامت فيها دور النشر بالتعاقد على طباعة الكتب.

ويرى أن المكتبات التى تتولى بيع الكتب الخارجية تحقق ربحًا فى الكتاب الواحد يصل إلى 30% وأكثر بالنسبة للمكتبات التى تبيع الكتب فى المناطق الراقية أو التى تبتعد عن سوق المكتبات الرئيسى بمنطقة الفجالة فى وسط القاهرة، وكذلك الوضع لدور النشر التى تحقق أرباحاً أيضَا تتراوح ما بين 20% إلى 30% نظير بيع الكتاب الواحد.

ويكشف المصدر عن اتجاه عدد من دور النشر الصغيرة للوصول إلى تفاهمات مع أباطرة الدروس الخصوصية بخاصة فى المرحلة الثانوية ممن لديهم أعداد هائلة من الطلاب، للاتفاق معهم على توجيه دفة الطلاب إلى كتب بعينها فى مقابل الحصول على نسبة صغيرة من البيع، وهو ما شجع عدداً من المدرسين على طباعة كتب من تأليفهم وتأخذ فى الانتشار على نحو أكبر بين الطلاب، بعد أن وجدوا أنفسهم لديهم تأثير واضح فى اتجاهات سوق الكتاب الخارجي.

◄ اقرأ أيضًا | خاص | غرفة الطباعة تكشف سبب زيادة أسعار الكتب المدرسية هذا العام

فيما يؤكد محمد ممدوح صاحب إحدى المكتبات المخصصة لبيع الكتب الخارجية فى منطقة الفجالة، أن سوق الكتاب الخارجى أخذ فى التوسع على نحو كبير خلال الثلاثة أعوام الماضية مشيراً إلى أن هناك أكثر من 40 دار نشر تقوم بعملية تأليف الكتاب الخارجى بعضها يرتبط بتأليف وطباعة كتب المرحلة الثانوية فقط، فى حين أن عددها قبل خمس سنوات تقريبا لم يكن يتجاوز 25 داراً فقط.

وأشار إلى أن الإقبال المتزايد على الشراء يدفع مباشرة نحو زيادة الأسعار وأن المكتبات الصغيرة تقوم ببيع كتب غير مرخصة من وزارة التربية والتعليم ويقدمها بعض المعلمين بالاتفاق مع المطابع الخاصة أو تكون من تأليف دور نشر غير معروفة، مشيراً إلى أن عدم الرقابة على الأسواق تساهم فى زيادة الأسعار.

وأوضح أن هناك التزامًا من جانب دور النشر المعروفة للحصول على التراخيص السنوية التى تمنحها وزارة التربية والتعليم بعد مراجعة محتوى الكتاب، فى حين أن بعض الكتب الموجودة فى السابق لا تحظى بنصيبها من المراجعة العلمية، لكن الإقبال عليها يكون بتوجيه من أباطرة الدروس الخصوصية.

وقال الدكتور حسن شحاتة، أستاذ المناهج بجامعة عين شمس، إن العلاقة مع دور النشر الخاصة فى حاجة لإعادة تقييم، لأن الكتب الخارجية تقوم على حق الانتفاع من المعلومات المتاحة بالكتاب المدرسى وتقدم حلولاً تسهيلية للطلاب من خلال حل الأسئلة وشرح المواد التعليمية باستفاضة، وتُعد الطالب بشكل جيد للامتحان، لكنها فى النهاية لا تدفع سوى مبلغ زهيد كل عام نظير تجديد الترخيص وهو لا يوازى قدر استفادتها من الكتاب المدرسى الذى تقوم وزارة التربية والتعليم بتأليفه وطباعته.

وأشار إلى أن شروط الاستفادة من الكتاب المدرسى لابد أن تتضمن بنداً يقضى بتحمل دور النشر جزءاً من تكلفته الهائلة والتى تصل لما يقرب من مليارى جنيه سنويًا، بما يقود لإعادة طباعة الكتاب المدرسى لطلاب المرحلة الثانوية وبالتالى تخفيف الضغط الهائل من الطلاب على الكتب الخارجية وبما يعيد تنظيم مسألة منح التراخيص اللازمة لدور النشر.

وشدد على أهمية إتاحة جميع الكتب الخارجية على منصة بنك المعرفة، ويكون ذلك بمثابة المقابل عن حق انتفاع دور النشر بالمحتويات الدراسية التى تضعها وزارة التربية والتعليم.

وطالب الدكتور حسن شحاتة بالعمل على إتاحة الكتب المدرسية وتسليمها للطلاب قبل نشر الكتب الخارجية، كما يجب مضاعفة العقوبات بحق أى دار نشر أو أى شخص يقوم بنشر أى كتب تعليمية دون الحصول على ترخيص من وزارة التربية والتعليم وأن العقوبة المقررة فى هذا الشأن والمقدرة بـ 500 جنيه فقط غير كافية.

ويرى الدكتور تامر شوقي، أستاذ علم النفس التربوى بجامعة عين شمس، أن ما يجذب الطلاب للكتب هو عرض الأجزاء المهمة من كل درس، دون الأجزاء غير المهمة، وتضمنها فى نهاية كل درس ملخصاً للمفاهيم الأساسية وتعريفاتها كما تتضمن معلومات إثرائية والتى تعرض التفاصيل الخاصة ببعض المفاهيم (مثل لمحة تاريحية عن تطور مفهوم معين فى العلوم أو الجغرافيا مثلا) مما يفيد في فهمها رغم أنها لن تأتى فى الامتحان.