«الحانة» قصة قصيرة للكاتبة رانية المهدي

صورة موضوعية
صورة موضوعية

 أعزف، أغني، أرقص.. كلها أفعال لا قيمة لها في حضور جمهور من السكارى المغيبين، كادت طاقتي تنفد، وكنت على حافة النهاية.

أتمنى أن أتخلص من كل شيء حتى حياتي التي لا قيمة لها، حتى جاء ذلك اليوم، دخلت من الباب وكأنها ملاك من ملكوت السماء، لم تسكر أو تكترث لأحد، جلست فقط وركزت عينيها على وجهي، وأخذت تتمايل وترقص على أنغامي حتى اكتفيت بها، ليختفي الجميع.. لم أعد أرى سواها أمامي.. كانت جمهوري الحقيقي والوحيد.

عندما انتهيت، صفقت بحرارة وابتسمت لي فابتسمت لها بكل امتنان، ثم نزلت الدَّرج واقتربت منها، لأُلقي عليها التحية لكنها باغتتني بقُبلة على شفتي وأسرعت للخارج، حاولت أن أستجمع نفسي لأتبعها ففصلت بيننا تلك الأجساد الغائبة عن الحياة.

عافرت حتى استطعت الخروج خلفها، لم أجدها؛ لأعود منكسرًا وقد سيطر الحزن على قلبي مرة أخرى، لكن وجدت ورقة في جيبي مكتوبًا فيها:

"كنت ذاهبةً لأنهي حياتي البائسة، لكن أنغامك جعلتني أتوقف، وعندما اقتربت منك.. ابتسامتك وهبتني الحياة"

منذ ذلك اليوم وأنا أعزف وأبتسم؛ فلربما كان هناك من يحتاج أن يسمع حتى لو لم أراه.