خبير آثار يطالب بتغير اسم المتحف البريطاني إلى "متحف الحضارات الإنسانية" 

المتحف البريطانى
المتحف البريطانى

أكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان عضو المجلس الأعلى للثقافة، أن إطلاق إسم المتحف البريطاني تسمية غير صحيحة لأنها تعبر عن صفة مكانية ولا تعبر عن المحتوى فهو متحف بريطاني بدون أثر بريطاني، والقطع المعروضة به تنتمى للحضارات الإنسانية المختلفة جمعت معظمها بطرق ملتوية وساعد الاستعمار البريطاني للعديد من الدول على ذلك.

وأشار أن معظم القطع بالمتحف خرجت من بلادها بمبدأ الأقوى والمنتصر وأشهرها حجر رشيد، وطالب بتغيير اسم المتحف إلى "متحف الحضارات الإنسانية" حتى تكون هناك مصداقية ويفتح الباب للدول المحتلفة لاستعادة آثارها التى خرجت بشكل غير شرعي وبمبدأ "الأقوى يمتلك كل شىء".

ويضيف الدكتور ريحان، أن المتحف البريطاني يمتلك  13 مليون قطعة من 7 قارات، جمعها خلال 300 عام منذ إقرار قانون إنشاء المتحف عام 1753 وحتى الآن، والذى حصل عليها من عمليات التنقيب والشراء والتبرعات والهدايا من الأفراد والمؤسسات، وقد ساعد على ذلك استعمار بريطانيا للعديد من الدول وتطبيق مبدأ الأقوى يمتلك بصرف النظر عمّا ثمثله ممتلكات تلك الشعوب من ذاكرة حضارية لتاريخ وحضارة أوطانهم، هذا بخلاف 70 مليون قطعة ترجع للتاريخ الطبيعي نقلت لتوضع في متحف التاريخ الطبيعي، و150 مليون كتاب ومخطوط، نقلت أيضًا إلى المكتبة البريطانية.

اقرأ ايضا :- خبير آثار يرصد أكبر إنجاز فى تسجيل 1043 مقتنى أثري بدير سانت كاترين  

ونوه الدكتور ريحان، إلى المثل الأكبر في نهب بريطانيا لآثار مصر ومنها حجر رشيد بفرض مبدأ القوة للاستيلاء على هذه الآثار نتاج التحالف بين فرنسا وبريطانيا والدولة العثمانية باعتبار مصر إحدى ولاياتها في ذلك الوقت، وإن كان قد خرج شكليًا بمعاهدة دولية، ولكن سيطرة المنتصر وهى بريطانيا فى ذلك الوقت خولت لنفسها ما لا تستحق من نهب الآثار المصرية، فمع مغادرة نابليون بونابرت مصر أصبحت قوات الحملة الفرنسية تحت ضربات العثمانيين والإنجليز، وفي مارس 1801 نزلت القوات الإنجليزية في خليج أبى قير فأخذ الجنرال مينو قواته إلى شمال مصر، وأخذ معه كل الآثار التي حصل عليها علماء الحملة الفرنسية، ولكنه هزم في معركة أبي قير البحرية وتقهقرت القوات الفرنسية إلى الإسكندرية حاملين معهم الآثار المصرية، وعقب ذلك تم نقل الحجر إلى الإسكندرية ووضع في مخزن باعتباره من ممتلكات القائد الفرنسي مينو، وحوصرت القوات الفرنسية في الإسكندرية، وأعلن مينو الهزيمة في 30 أغسطس 1801 وتم توقيع معاهدة الاستسلام وبموجب المادة 16 من الاتفاقية تم تسليم الآثار التي في حوزة الفرنسيين إلى الجانب البريطاني.

وأوضح الدكتور ريحان، أن كارثة سرقة المتحف البريطاني كشفت عن عدة أمور كان يخفيها المتحف، ومنها أن المتحف لا يعرض كل الآثار الذى حصل عليها من الدول، ويضع معظمها في المخازن حتى يخفيها عن شعوبها الأصلية لو رغبت في حصرها، وهى الآثار التى تم سرقتها، أي يتعامل مع حضارات الشعوب باستهانة، وهو بذلك غير أمين على التراث الإنساني ويحق لكل الدولة استرداد آثارها فهى الأولى بها.

وأشار إلى ضرورة تعديل التشريعات المحلية والاتفاقيات الدولية لضمان حقوق ملكية فكرية مادية ومعنوية للآثار،  ففى قانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته يجب تعديل المادة 8  ونصها "تعتبر جميع الآثار من الأموال العامة - عدا الأملاك الخاصة والأوقاف - حتى لو وجدت خارج جمهورية مصر العربية وكان خروجها بطرق غير مشروعة ولا يجوز تملكها أو حيازتها أو التصرف فيها إلا وفقا للأوضاع والإجراءات الواردة بالقانون ولائحته التنفيذية والقرارات المنفذة له و تنظم اللائحة التنفيذية لهذا القانون جميع إجراءات استرداد الآثار التى خرجت من مصر بطرق غير مشروعة والدعاوى التى تقام بشأنها".

وأشار أن التعديل المطلوب بدلًا من " وكان خروجها بطرق غير مشروعة " تعدل كالآتي " بصرف النظر عن طريقة خروجها " لأن بعض الآثار خرجت باتفاقيات دولية سليمة مما يعطى لها شرعية دولية مثل حجر رشيد أهم آثار المتحف، والحقيقة أنه خرج بمبدأ الأقوى يمتلك، وبهذا تكون كل الآثار المصرية خارج مصر من الأموال العامة المصرية وينطبق عليها ما ينطبق على الآثار المصرية، ولحين استرجاعها وجب دفع مبالغ نظير عرضها بالمتاحف المختلفة أو استغلالها بأي شكل، وبذلك نضمن لها حقوق ملكية فكرية بالقانون المحلي.

ويوضح الدكتور ريحان أن إيطاليا استعادت مائة قطعة أثرية من متحف بول جيتى الأمريكي، والمتاحف الأمريكية بالقانون المحلي، بوضع مادة في القانون الإيطالي تتيح لهم مقاضاة مديري المتاحف المتواجدة بها آثارًا إيطالية، وقد حدث أن حكم القضاء الإيطالي بالسجن ثلاثة أشهر على مديرة متحف بول جيتى لوجود قطعة أثرية ترجع إلى العصر الروماني بالمتحف، وعلى الفور اجتمع مجلس إدارة متحف بول جيتى وقرر إعادة التمثال فورًا لإيطاليا إنقاذًا لسمعة مديرة المتحف، وتمكنت إيطاليا من استعادة مائة قطعة أثرية من خمسة متاحف في الولايات المتحدة الأمريكية، ومنها متحف بوسطن للفنون الجميلة بالتقاضي أمام المحاكم الأمريكية.

كما طالب الدكتور ريحان بإعادة النظر في اتفاقية «الويبو » الاتفاقيات الدولية لحماية الملكية الفكرية، بأن تتقدم وزارة السياحة والآثار ووزارة الخارجية رسميًا عن طريق إدارة الملكية الفكرية والتنافسية بقطاع الشئون الاقتصادية بجامعة الدول العربية وللمنظمة العالمية للملكية الفكرية (الويبو)، بوضع الآثار كبند رئيسي ضمن الاتفاقيات الدولية لحماية الملكية الفكرية، والتى تتجاهل الآثار تمامًا في تعريفها للملكية الفكرية وأن تكون مسئولية الويبو إيجاد تكييف قانوني دولي لذلك، حيث أنها هى التى وضعت هذا العائق لإخراج الآثار والتراث المادي الإنساني من قائمة الملكية الفكرية، لسيتمر نزيف استغلال المتاحف الأوروبية للآثار المصرية، وغيرها من آثار الشعوب المختلفة، وكذلك تهريبها من هذه الدول وبيعها في المزادات العلنية.