علي الشرفاء الحمادي يكتب : التشريع الإلهي .. والمنهاج الإلهي 

علي الشرفاء الحمادي
علي الشرفاء الحمادي

سيبقي " التشريع الإلهي والمنهاج الإلهي " من أهم القضايا التي سيسأل عنها الإنسان يوم الحساب أمام الرحمن لكل جعلنا منكم  شرعة ومنهاجا فمن قاوم وجاهد الدنيا وشهواتها وطبق شرع الله ومنهاجه وابتعد عن المحرمات واستجاب للنواهي والعظات واتبع المنهاج الالهي في معاملاته مع الله وسلوكه مع الناس ونجح في قيادة النفس نحو تطبيق عناصر المنهاج الالهي وانتصر على الشيطان والنفس الامارة بالسوء فقد يسره الله الى طريق المتقين واستحق أن يكون من المؤمنين الفائزين في الحياة الدنيا ويوم الدين فليتسابق المؤمنون لاتباع نحو مايؤمنهم باتباع ايات الكتاب المبين .
 

 ويتكون التشريع الإلهي من خمسة أقسام ، أولها شروط الدخول في الإسلام : 
 
1- شهادة أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له خالق السماوات والأرض وهو على كل شيء قدير
2- الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الآخر.
3- الايمان بأن القرآن رسالة الله للناس  شرعة ومنهاجا
4- الشهادة بأن محمدا عبد الله ورسوله ليبلغ الناس رسالته ويتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وفرائض العبادات وهي كمايلي:
5- إقام الصلاة.
6- ايتاء الزكاة
7- صوم رمضان.
8- حجّ البيت لمن استطاع إليه سبيلاً.
9- التفكر والتدبر في القرآن الكريم ليزداد الناس ايمانا ويقينا .

ثانيها تشريع العبادات
 الصَّــــلَواتُ

يبدأ المسلمُ الخمسَ صلواتٍ في اليومِ: صلاة الفَجْر ركعتان، وصَلاة الظهرِ أربعُ ركعاتٍ، وصلاةُ العصَر أربعُ ركعاتٍ، وصلاةُ المغربِ ثلاثُ ركَعات، وصلاةُ العشَاء أربعُ ركعات، وقد وضّح القرآنُ الكريمُ طريقة الوضوء للمسلمين كما قال اللهُ سبحانَه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّـهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَـكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (المائدة: 6)، حيث يتولّى المسؤول في المركز الإسلامي أو الإمام في المسجد في المكان، حيث يُقيمُ فيه الإنسانُ شرحَ طريقة الوضوءِ وتعليمِه الصلوات الخمس في اليوم والقراءات من الآيات القرآنية في كل صلاة.
الزَّكَـــــــــــاة
يقتطع الإنسانُ من أرباحه المحقّقة في أيّ وقت منَ اليوم أو الشهر أو السنةِ في حدود (عشرين في المائة من مكاسبه الصافية)، كما قال سبحانَه: (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) الأنفال:(41)، وتأكيداً لِحقّ المشمولين بالزكاةِ قوله سبحانَه وتعالى: (وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ) (المعارج: 24)، وبهذا التشريع الإلهيّ يعتبر المستحقّون للزكاة شركاءَ في أرباح الأغنياء أفراداً أو شركاتٍ أو مؤسساتٍ أو تجار بنسبة عشرين في المائة من أرباحهم الصافية، وقد حدّد التشريع الإلهيّ الزكاة  من المكاسبِ أو الأرباحِ الصافية تطبيقاً لقولهِ سبحانَه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الْأَرْضِ) (البقرة: 267)، وفق النسبة المئوية المذكورة أعلاه في سورة الأنفال آية (41).
وتلكَ القاعدةُ لاتسري على المشمولينَ في استحقاقِ الزّكاةِ أن يؤدّوها لأنّ الزكاةَ مرتبطةُ بالمكسبِ، ويسقط فرضُ الزكاة عن المستحقّين لها تمشياً مع حكم سُقوط فرضِ الحَج عندَ عدَم القادرين مرضاً أو تكلفةً كما قال سبحانَه: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا) (آل عمران: 97)، فمن يملكُ القدرة الماليةَ للحجّ  وصحة في الجسم فحقُّ عليه القيام به كما أنّ مَن لايتحقّق له المكسبُ ليسَ عليه حَرَجُ فيَ دفع الزكاة ومَعفيُّ مِن أدائها.
الصّـــــــــيَامُ
قال سبحانَه وتَعاَلى في تشريعِ الصّيام: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (البقرة: 183).
فالصيامُ ليس فَقَط الامتناعُ عن الشرابِ والطَّعام، إِنما شهرُ الصيامِ هو شَهرُ تدريب النّفسِ عَلى جهادِها في الامتناعِ عن كلّ المحرّمات من ارتكابِ الجرائمِ والآثامِ والذنوبِ التي حرّمها اللهُ في كتابهِ المُبين والسيطرةُ على مختلف الرغباتِ والغرائزِ وما تشتهيه النفسُ ليتعوّد الإنسان في شهر رَمَضان السيطرة على الشَهوات المختلفة وكبحِ جِمَاحِ الغرائزِ لديه والجهادِ في اقناع النفس بالتخلّق بأخلاقِ الرسولِ كما جاءت في القرآن كقولِه سبحانَه مخاطباً رسولهَ عليه السّلام: (وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ ((القلم: 4)، وقولُه في خطابِ التّكليف: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) (الأنبياء: 107)، ومن تلكَ الأخلاق التى ذكرَها القرآنُ الكريمُ قولُه سبحانَه مخاطباً رسولَه عليه السّلام: (وَقُل لِعِبادي يَقولُوا الَّتي هِيَ أَحسَنُ إِنَّ الشَّيطانَ يَنزَغُ بَينَهُم إِنَّ الشَّيطانَ كانَ لِلإِنسانِ عَدُوًّا مُبينًا) (الإسراء: 53)، تعويدُ النفسِ واللسانِ بالتدّرب على القولِ الحَسَن والكلمةِ الطيبةِ في مخاطبةِ الناسِ حتى لا يسمحوا للشيطانِ المتربّص بهم أن ينزَغ بينهَم حيث ينشأ الغضبُ ويستعِرُ الشجارُ بينَ الأقربين وغيرهم وتتحوّل الكلمةُ النابيةُ إلى صراع بين الناس، يصل بهم الأمر الى الضرب المبرّح، أو قد يتجاوز إلى ماهو أشدّ من ذلك، ممّا يؤدى بأحد المتخاصمين إلى القتل، والثاني إلى الإعدام بحكم القضاء، يحذرنا اللهُ مسبقاً من خطورة الكلمة ومن تحريضِ الشيطانِ النفسَ المريضةَ، ومن رحمةِ اللهِ بالناسِ يرشدهم بإنذارٍ استباقيٍ ليحصّنهم من العواقبِ فهل يتعظ الإنسانُ ويَتبعُ القرآنَ الذي وعدَ اللهُ به فريقيْن مِنَ الناس بقولهِ مبشراً الفريق المتبّع كتابهَ: (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشقى) (طه: 123)، ومُحذّراً  الفريقَ الذي هجَرَ القرآنَ وأعرضَ عَن كتابهِ بقولهِ سبحانَه: (وَمَن أَعرَضَ عَن ذِكري فَإِنَّ لَهُ مَعيشَةً ضَنكًا وَنَحشُرُهُ يَومَ القِيامَةِ أَعمى ﴿124﴾ قالَ رَبِّ لِمَ حَشَرتَني أَعمى وَقَد كُنتُ بَصيرًا ﴿125﴾ قالَ كَذلِكَ أَتَتكَ آياتُنا فَنَسيتَها وَكَذلِكَ اليَومَ تُنسى ﴿126﴾) (طه: 124- 126).
الحَــــــــــجُّ
قالَ سبحانَه: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا) (آل عمران: 97).
فرضَ اللهُ على المسلمينَ حِجُ البيتِ الحرامِ مرّة واحدة في العُمر، وأداء مشاعر الحَج من الطّواف حول الكعبة بالدعاء لكل ما يختلج في قلب الإنسانَ وعقله ويعرض كلّ أمورهِ في دعائِه إلى الله وليستجيبَ اللهُ الدعاء فعلى المسُلم أولاً أن يستجيبَ لدعوة الله له، باتّباع قرآنِه وتطبيقِ شريعتِه ومنهاجِه الربّاني، الذي نزلت به الآياتُ البينّات على رسولهِ عليه السّلام كَما قال سبحانَه مخاطباً رسوُلَه: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (البقرة: 186)، وقوله سبحانَه: (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ) (البقرة: 152)، إذن لكي يستجيبَ اللهُ دعاءَ الإنسانِ فَمن المنطقِ أن يستجيبَ الإنسانُ أولاً لدعوةِ اللهِ باتّباع كتابِه والسير على منهاجه ثُمّ يستجيبُ اللهُ للإنسان دعاءَه وبعد ذلك يتوجّهَ الحَاجُّ  إلى جبل عرفة ليؤديَ شَعائرَ الحجّ اتباعاً لسنةِ الرَّسول الفعلّية كما قالَ سبحانَه: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ) (البقرة: 197).
فالحجُّ هو تدريبٌ للإنسان بالتّواضعِ وعدم الاستعلاء على الناس بعلمهِ أو بمالهِ أو بمركزهِ أو باتباعهِ، والخضوعُ لأَمر الله تتحقّق المساواةُ بينَ مختلفِ الجنسياتِ من جميعِ دول العالم وكلهم في ملبسٍ واحدٍ وطوافٍ مشتركٍ وسعيٍ بينَ الصّفاَ والمروةِ لايفرّق الإنسان بينَ ملك أو شَيخ أَو إنسانٍ عاديّ لا  تفرقةَ بين غنيِّ وفقيرٍ ومسكينٍ، كلهّم يقفونَ أمام الكعبة حاسريِ الرؤوس بملابس الإحرام ذي لون واحد يسقط عندها التمايز ويترنَّح الاستعلاءُ والكبرياءُ، لا يتعالى إنسان على آخر، وكلهم أمام الله سواءٌ يمثل مشهدَ يومِ الحشْر ليتذكّر الإنسان أنّ الناسَ جميعاً سيقفونَ  يوم القيامة شاخصةً أَبصارهم مقشَعرّة أبدانُهم يومّ تُبعثر فيه القبورُ ويُفتحُ ما في الصّدور، ويختفي الكبرياءُ والتعالي على الناسِ والغرورِ، كما أن التلاقي في الحَجّ أثناءَ تأدية الشّعائر يتعارفُ الناسُ ليتبادلوا المنافعَ بينهم بالكلمة الطيبةِ والمودّة والأُلفة وفي الحَجّ تربية دينّية ودنيوية وفيه يتخلّص الإنسانُ من بعضِ الأمراض النفسيةِ ويعالجُها حين لا تكون الدنيا أكبرَ الهمومِ لديه، ومنشغلاً بها كلّ وقته فتخفُّ عنه أحمالُها ويأخذ في الحج استراحة نفسية تعيدُ له تقوية إيمانه بالله وتقرّبه من رحمة الله فيأخذ في الحِجّ طاقة روحانيةً يستعيدُ بها حيويّة القلبِ ليعيدَه إلى نشاطٍ متجدّدٍ بعدَ عودتهِ للدّيار ليكونَ أكثرَ عزماً وجدّيةَ في تحقيق النجاح والسير على هُدى اللهِ وكتابهِ ليحميَه في حصنِه الحصينِ إلى يوم الدين، ويتحلّل من رداء الحجِ بعد انتهاء شعائره وكأنه يحدّث نفسه: ألقيتُ خلفي كلَّ السيئات وارتديتُ بعد الحج رداءَ الحسناتِ ونويتُ أن أبقى طاهراً حتى الممات ليغفرَ اللهُ لي ما قدّمتُ وما أخرّتُ يوم الحساب.

وثالثها تشريع المحرمات:
 
‏ إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ ۖ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (البقرة: 173). 
‏ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُوا دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَن تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا (النساء: 23) 
‏ قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ ۖ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۖ وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُم مِّنْ إِمْلَاقٍ ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ۖ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ۖ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (الأنعام: 151). 
‏ قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (الأعراف: 33). 
‏ إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ ۖ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (النحل: 115). 
‏ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ۗ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ ۖ إِنَّهُ كَانَ مَنصُورًا (الاسراء: 33). 
‏ وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (الفرقان: 68).

رابعها تشريع النواهي

ولقد وردت في القرآن في اكثر من 306 موضعا في القرآن الكريم . 

اما المنهاج الالهي : فلقد وضع الله سبحانه للناس قاعدة من القيم الأخلاقية التي يسيرون عليها في الحياة الدنيا تؤسس للعلاقات القويمة والعادلة  بين الناس مبنية على الرحمة والعدل والحرية في الاعتقاد والاحسان بين الناس جميعا ونشر السلام والتعاون على البر والتقوى بالكلمة الطيبة ليعيش الناس حياة آمنة مطمئنة في ظل التسابق في الخيرات ووأد الفتن والتمسك بشرعة الله ومنهاجه الذي يحصن المسلم من ارتكاب المعاصي والوقوع في براثن الشيطان ليرتكب الفحشاء والمنكر والبغي والطغيان ماحرمه الله على المؤمنين الذين عاهدوا الله على التفاني في طاعته ولم يتبعوا روايات الزور التي اضلت المسلمين وجعلت رسول الله يشتكي الى ربه من هجرهم لكتابه المسن في قول الله سبحانه مبينا للناس شكوى الرسول عليه السلام قوله سبحانه: (وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا) (الفرقان: 30)، وكان السبب في ذلك تأليف بعض المسلمين الذين عينوا أنفسهم أوصياء على الدعوة الاسلامية فسعوا مع أعداء الاسلام يؤلفون القصص والساطير والروايات الكاذبة على لسان الرسول عليه السلام ظلما وعدوانا ليصدقها المسلمين وللأسف صدقها غالبية المسلمين وتشكلت على أساسها مرجعيات مختلفة لدين الاسلام الذي أنزله الله سبحانه على رسوله الأمين في كتاب مكنون وقرآن كريم فحلت بذلك الروايات محل الآيات وتم تضليل المسلمين عن رسالة الاسلام الحقيقية الى اليوم يتبعون مذاهبا متعددة وتشكلت فرق متناقضة وأحزابا متصارعة وكل حزب بما لديهم فرحون ففرقوا المسلمين وأبعدوهم عن دينهم وفتحوا لهم طريق الشيطان ليغويهم فسيخسرون الدنيا والآخرة، ولذلك حذرهم الله بقوله سبحانه: (مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُواْ الصّلاةَ وَلاَ تَكُونُواْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ(31) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (32)) (الروم: 31-32)، وبتلك الآية وضع المسلمون الذين اتبعوا الطوائف المختلفة والاحزاب المتعددة مخالفين شرع الله في قوله سبحانه: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ) (آل عمران: 103)،  كما أن المسلمين لم ينصتوا ويطبقوا تحذير الله لهم في قوله سبحانه: (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) الأنفال: 46)، الذين اتبعوا عناصر المنهاج الالهي في آيات الذكر الحكيم للمؤمنين المتقين الذين يوفون بعهد الله ويلتزمون باتنفيذ شرعته ويمارسون في تعاملهم منهاجه في كل ماورد بشأنه في آيات القرآن الكريم . 

وهذا هو لب القرآن وخارطة الطريق للانسان لتعينه على استشراف طريق جهاد النفس ويلتزم بتطبيق شرعة الله ومنهاجه في حياته الدنيا ليجتاز الامتحان يوم الحساب ويحقق نتيجة الامتحان بالفوز بجنات النعيم يوم القيام وتساعده تلك الخريطة الالهية في حياة طيبة يتحقق للنفس بها الطمأنينة في الدنيا ويحيا حياة طيبة ليصبح من عباد الله الصالحين الذين لاخوف عليهم ولاهم يحزنون وعند الامتحان أمام الرحمن يجتازون السؤال بالفوز يرضى الله عنهم لأنهم يصبحون كما وصفهم الله سبحانه في الذكر الحكيم: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ) (فصلت: 30)
فمن جاهد نفسه وطبق فرآئض العبادات والتزم بالتشريع الالهي وابتعد عن المحرمات واستجاب للنواهي والعظات واتبع المنهاج الالهي في معاملاته مع الله وسلوكه مع الناس ونجح في قيادة النفس نحو تطبيق عناصر المنهاج الالهي وانتصر على الشيطان والنفس الامارة بالسوء فقد يسره الله الى طريق المتقين واستحق أن يكون من المؤمنين الفائزين في الحياة الدنيا ويوم الدين فليتسابق المؤمنون لاتباع نحو مايؤمنهم باتباع ايات الكتاب المبين .

كاتب المقال :

رئيس ديوان رئاسة دولة الأمارات العربية المتحدة سابقاً