سينما| «MEG2».. سمكة قرش تبتلع شباك التذاكر

جيسون ستاثام فى لقطة من « Meg2: The Trench»
جيسون ستاثام فى لقطة من « Meg2: The Trench»

عبد الصبور بدر

«الأعلى إيرادات والأقل قيمة»، أربع كلمات يفصل بينها حرف عطف تصور لنا حال فيلم MEG2 بعد طرحه فى السينما، الجمهور تدفق على الصالات لمشاهدة «أسماك وديناصورات عملاقة مفترسة تصارع رجلا (واحدا) قادرا على قتلها» وفى المقابل تعالى صراخ النقاد فى وجوه صناع العمل: «القصة مفككة والإبداع غير موجود!».

خلال أسبوعين فقط وصلت إيرادات الفيلم -عالميا- إلى ما يقرب 300 مليون دولار، رقم فلكى يرفع رأس المخرج «بين ويتلى» بين نظرائه فى هوليوود، ويؤكد لياقة «جيسون ستاثام» فى سباق المقدمة، إلا أن أعداد الجمهور لم ترهب النقاد، وحجم الأموال لم يقنعهم بفضح العيوب الخلقية فى «المولود الجديد»، فمنحوا الفيلم تقييمات متدنية تسير من سيئ إلى أسوأ.

الشقاق بين ذوق الجمهور ورأى النقاد جدلية قديمة، قُتلت بحثا، وليس هذا موضع الفصل، أو الإدلاء بالشهادة من أجل الانحياز إلى طرف دون آخر، ما يهمنا التأكيد على «فضيلة الاستغلال» التى تحلى بها صناع العمل، بعد إقرار مشروعيتها فى السينما الأمريكية، بإنتاج سلسلة أجزاء للعمل الذى يثبت نجاحه فى تحطيم الإيرادات..

كل ما التهمته سمكة «القرش» من بشر وأشياء، فى النسخة الأولى (The Meg) إنتاج 2018، لم يشبع نهم الجمهور لرؤية «القروش» مرة أخرى تبتلع المزيد، وبضمان 5 سنوات تجويع للمشاهدين تم إنتاج النسخة الثانية تحت اسم (The Meg 2 : The Trench) ليلتف حولها رواد السينما فى العالم، لكن الوجبة هذه المرة لم تكن غنية بالدراما، القصة مهلهلة، ومملة، يغيب عنها عنصر «المفاجأة»، فى حين أن المؤلف «جون هوبر» كان لديه وقت كاف لكتابتها..

اعتمدت القصة على كتاب «The Trench» لـ «ستيف ألتن»، لتحكى عن هروب ميجالودون (سمكة قرش عاشت قبل التاريخ) من الأسر داخل محطة الأبحاث، ليعود الغواص جوناس تايلور الناجى من هجوم سمكة القرش العملاقة، إلى مغامرة جديدة، يقود خلالها فريقا بحثيا للغوص فى أعماق المحيط لمواجهة مخلوقات أشرس.

قام المؤلف بشخصيتين مهمتين، وقرر أن يخسرهما، رغم أنه يلعب أمام نفسه!.

رفض مد خط درامى لـ «ميجالودون» اليتيمة التى تبحث عن زوج تعوض به خسارة عائلتها، ولم يخصص لـ «ميينج» - ابنة «سواين» التى قضت نحبها فى الجزء الأول - إلا مساحة محدودة، فى حين أن الشخصية محورية والمراهقة الصينية «صوفيا كاى» التى قامت بالدور موهوبة فى إظهار الانفعالات على وجهها النابض بالحياة، كان من الممكن أن تكون لقمة شهية ترغب سمكة القرش فى التهامها مثلما حدث مع أمها، ومن ثم يسعى «جوناس تايلور» لإنقاذها، أو تتحول إلى صديقة لها باعتبارهما يعيشان المصير نفسه، لكن خيال المؤلف قرر أن يقف احتراما للأكشن!

أما «جيسون ستاثام» فقد ظهر طيلة الوقت تائها، بملامح محايدة، وكأنه يتحرك بواسطة الذكاء الاصطناعى؛ يكرر أسلوبه فى المعارك بنفس التكنيك والنظرات والحركات وردود الأفعال، ما يجعلنا أمام سؤال إجبارى:

جيسون ستاثام أم سمكة القرش.. أيهما بطل MEG2؟

أفيشات الفيلم، تخبرنا أن «القرش» تحتل مساحة ضخمة تظهر حجمها العملاق، وفى المقابل يقبع جيسون أسفلها ضئيلا، يحاول الهروب من ملاحقة فمها الواسع كالمحيط.

منذ عقود أنهت السينما الأمريكية احتكار الإنسان لدور البطولة، فى مقابل منح «كائنات أخرى» فرصتها كاملة لإظهار قدرتها على جذب جمهور أكبر، ما يجعل السؤال نفسه متأخرا.

قائمة طويلة من الأفلام اعتمدت فى نجاحها على: قرد، أو غوريلا، أو نمر، أو فأر، أو حتى دمية من البلاستيك، بينما يأتى التفوق من المهارة فى استخدام التقنية المتطورة، ما يسمح لنا باستبدال كلمة التكنولوجيا بـ «الكائنات».

لكن حتى التكنولوجيا لم يحسن المخرج استخدام لوحاتها، تعامل معها كمبتدئ، ليضعنا أمام خدع تصويرية بسيطة (راجع فوازير نيللى وشيريهان)، وتورط فى الاستخفاف بعقلية المشاهد خاصة فى مشهد النهاية الذى قتل فيه «تايلور» القرش بريشة مروحة هليكوبتر بعد أن وضعها فى فمها!.

المفاجأة غير السارة لصناع العمل، أن اللصوص سرقوا الفيلم مبكرا جدا، ووضعوه على العديد من مواقع تحميل الأفلام عبر الإنترنت، فهل هذا سيعطل قفزات إيرادات MEG2 فلا تتخطى مبلغ الـ 520 مليون دولار الذى حققته النسخة الأولى، أم أن السينما حالة خاصة لا يمكن استبدالها بشاشة صغيرة، ولا سيما أن العمل معروض بتقنية الـ 3D الممتعة؟!

صاحبة الحق الوحيد فى الإجابة عن هذا السؤال هى الأيام المقبلة.