بدون أقنعة

شجرة الزمالك

مؤمن خليفة
مؤمن خليفة

هذه الشجرة أحبها.. كلما مررت أمامها أتوقف على جانب الطريق، إذا سمحت الظروف لأتفحصها وأملأ عينى منها.. شجرة عمرها 155 عامًا تتوسط شارع برج القاهرة ومعروفة باسم «شجرة الزمالك»، تدور بسيارتك حولها كلما دخلت إلى الشارع الشهير.. هى علم فى هذا المكان وتتميز بضخامة حجمها وارتفاعها والحمد لله أن أحدا من هؤلاء الذين يكرهون الأشجار لا يقترب منها أو يسير بجانبها.. الشجر فى مصر مثل التاريخ يشير إلى أحداث مهمة مر بها الوطن وعلينا أن نحافظ عليه فهو جزء غال من مخزن الذكريات.


وجود هذه الشجرة فى أرقى وأهدأ شوارع القاهرة لم يأتِ مصادفة لكنها بمثابة إرث وقد أحضرت من الهند بأمر من الخديو إسماعيل وتمت زراعتها العام 1868م. وهى ضمن مجموعة من الأشجار من أنواع «الفيكس البنجالى» أو «التين البنجالى» التى لها جذور هوائية وتمت زراعتها فى مناطق مختلفة بأحياء القاهرة والجيزة لتزيين شوارعهما المختلفة وحتى تُضفى عليهما مظهراً جمالياً رائعاً بالإضافة إلى مساحة الظل الكبيرة التى يوفرها هذا النوع من الأشجار. اكتسبت الشجرة ذات التاريخ الخديو شهرة كبيرة فى القاهرة بعد أن أصبحت آخر شجرة متبقية من هذه المجموعة إضافة إلى تميزها بأنها معمّرة وفروعها ممتدة فى الأرض.. اللهم احرس هذه الشجرة بعنايتك لتبقى كما هى رمزا لأيام جميلة فى المحروسة حينما كانت تنير الشرق بضيائها.
شوارع مصر إن لم تكن كلها تقريبا كانت تتميز بالأشجار على جوانبها ويلجأ إليها الناس للوقوف تحت ظلها فى ساعات الشمس المحرقة وهناك مناطق فى القاهرة كانت معروفة بكثرة الأشجار فيها مثل الزمالك والجزيرة وجامعة القاهرة وغيرها ويعتبرها الناس أماكن للفسحة والتريض..
لا أنكر سعادتى بالتوسع فى تنفيذ مبادرة زراعة الأشجار وزيادة المساحات الخضراء وذلك فى ظل ما تشهده مصر ودول العالم من تغيرات مناخية، حيث تم تدشين المبادرة الرئاسية للتشجير «100 مليون شجرة» والتى تستهدف الاهتمام بالبعد البيئى ضمن الخطة الشاملة لتحقيق التنمية المستدامة وذلك لتوفير بيئة نظيفة وصحية وآمنة للمواطنين.
 أهم أهداف المبادرة الرئاسية «100 مليون شجرة» زيادة الرقعة الخضراء على مستوى الجمهورية خاصة أن لها العديد من العوائد البيئية والاقتصادية والاجتماعية، كما أنها تبرهن على حرص الدولة المصرية على تحقيق وتطبيق نظم الاستدامة البيئية ورؤيتها للتعامل مع ملف المناخ وإيجاد الحلول الكفيلة لمواجهة التداعيات السلبية للتغيرات المناخية على مختلف مناحى الحياة.


 100مليون شجرة مبادرة رئاسية تحول شوارع مصر وميادينها لجَنة خضراء فى 7سنوات.. تساهم فى خفض انبعاثات الاحتباس الحرارى بـ 170 ألف طن سنويا.. ووزارة البيئة تشارك فى زراعة 1.3 مليون شجرة فى جميع أنحاء الجمهورية. نحتاج لتعميم المبادرة الرئاسية فى عموم المدن الجديدة التى تنتشر فى ربوع الوطن.. أتمنى أن أرى مدنا مثل القاهرة الجديدة أو الشيخ زايد أو أكتوبر وهى تمتلئ بالأشجار فى شوارعها وأمام البيوت خاصة أنها مؤهلة لذلك وتستطيع الحكومة بالتعاون مع الأهالى والجمعيات المدنية زراعة عشرات الآلاف منها لتصبح هذه المدن أكثر جمالا.. اللون الأخضر يضفى مزيدا من البهجة على النفس فنبتسم للحياة.


اللون الأخضر يغير منظر الرؤية بغض النظر عن أهمية وفوائد زرع الأشجار فى شوارعنا وما تحققه من بهجة تسر الناظرين ودورها فى ضخ الأكسجين للناس وامتصاصها ثانى أوكسيد الكربون وملوثات المعادن الثقيلة وغيرها من فوائد لا تعد ولا تحصى. ليتنا نزرع فى بيوتنا.. فوق السطوح والبلكونات ومداخل البيوت. أهلًا بالمبادرة الرئاسية «100 مليون شجرة».