«الإله حابي».. حكاية عروس النيل للزواج في العالم الآخر| صور

عيد وفاء النيل
عيد وفاء النيل

ارتبطت أذهان المصريين بفيلم «عروس النيل» بطولة رشدي أباظة ولبنى عبد العزيز، واليوم يحل علينا ذكرى احتفال المصريين القدماء بعيد وفاء النيل الموافق 15 أغسطس من كل عام، فما هي قصة عيد وفاء النيل؟، وهل بالفعل كان يتم إلقاء فتاة في النيل؟، وما هو الإله حابي؟.

ونبرز كل تلك النقاط في السطور التالية..

يقول الدكتور علي أبودشيش خبير الآثار المصرية وعضو اتحاد الأثريين، إن يحتفل الشعب المصري اليوم 15 أغسطس بعيد وفاء النيل من كل عام، والمقصود به هو أن نهر النيل مصدر للوفاء عند المصريين لانه يمنحهم الخير من طمي ومياه، لذلك قدسوا النيل وجعلوا له احتفالا كبيرًا في هذا الشهر الذي يأتي الفيضان به محملا بالطمي والماء فيه، وكانوا يلقون عروسة من الخشب للنيل في حفل عظيم يتقدمه الملك وكبار رجال الدولة، دليلا منهم على العرفان بالجميل لهذا النيل العظيم.

من هو الإله حابي 

أضاف د. علي أبودشيش من أهم الأساطير المرتبطة بعيد وفاء النيل عند المصريين القدماء أنهم  كانوا يقدمون للنيل للإله حابي وهو إله النيل في عيده فتاة جميلة وكان يتم تزيينها وإلقاؤها في النيل كقربان له، وتتزوج الفتاة بالإله "حابى" في العالم الآخر.

عيد وفاء النيل

أبنت الملك 

أشار علي أبو دشيش أن في عام من الأعوام لم يبق من الفتيات سوى بنت الملك الجميلة فحزن الملك حزنًا شديدًا على ابنته، ولكن خادمتها أخفتها وصنعت عروسة من الخشب تشبهها، وفى الحفل ألقتها في النيل دون أن يتحقق أحد من الأمر، وبعد ذلك أعادتها إلى الملك الذي أصابه الحزن الشديد والمرض على فراق ابنته.

 ووفقا للأسطورة جرت العادة على إلقاء عروسة خشبية إلى إله الفيضان كل عام في عيد وفاء النيل، ولا يوجد نص صريح في التاريخ يروى أن المصري القديم كان يقدم قربانا بشريا "عروس النيل" احتفالا بوفاء النيل، أنها فقط أسطورة نسجها الخيال المبدع للمصري القديم تقديرًا منه لمكانة النيل، ورغم ذلك عاشت تلك الأسطورة في خيال ووجدان المصريين وتناولها الأدباء والكتاب والسينما، وما زالت تتردد حتى الآن كواقع، وكان نهر النيل السبب في استقرار المصري القديم على ضفافه وعمله بالزراعة، حيث أصبح قادرا على إنتاج قوته، ثم انطلق إلى ميادين العلم والمعرفة والتقدم الهائل، ولذلك كان نهر النيل سببا مهما في هذه الحضارة العظيمة وبناء الأهرامات الشامخة وبقائها حتى الآن، موضحًا أنه لولا النيل لكانت مصر صحراء بلا نبات ولا ماء ولا استقرار، فالنيل جعل لمصر دورة زراعية كاملة وحول الأرض السوداء إلى أرض خضراء مثمرة.

اقرأ ايضا: وزيري: المتاحف والمناطق الأثرية تعمل طوال الأسبوع دون التأثر بالعمل من المنزل

وأما  د. مجدي شاكر كبير الأثريين بوزارة السياحة والآثار أكد أن كان النيل وسيظل عنصر الحياة الأساسي لمصر حيث جعلوا له الإله حابى الذي صوروه على هيئة رجل ضخم له أرداف وأثداء كبيرة رمزا الخصوبة ويجمع بين صفات الرجل والأنثى  ويحمل خيرات النيل من أسماك وزهور وطيور وفوق رأسه رمزي مصر البردي واللوتس وحابى هذا لم تكن له معابد ولا كهنه يقومون على خدمته فهو يعبد في كل مكان وكانوا يسمون النيل  في لغتهم أيتوروعا بمعنى النهر العظيم أو الكبير وربما أتت منها كلمة الترعة الحالية وأما  كلمة النيل نسبة للكلمة  اليونانية نيلوس .

الدخول الجنة 

 أوضح د. مجدي شاكر أنه كان من شروط دخولهم الجنة أن يعترف الشخص أمام الإله أنه لم يلوث مياه النهر ولم يحبسه عن جاره، مضيفًا أن المصريين أقاموا للنيل عيدًا خاصًا به أسموه «عيد وفاء النيل» فما هو وكيف بدأ وهل كانت عروس النيل حقيقة أم أسطورة ؟ نعود لعام ٤٢٤١ ق م ونشاهد الكهنة الفلكيين جالسين في مرصدهم في مدينة «بر حعبى» أى بيت الإله حابي وهى منطقة الروضة الآن وتقع بين مدينتي أون ومنف وهم ينظرون بأجهزتهم نحو السماء فى اليوم الخامس عشر من بؤونه وذلك قبيل شروق الشمس مباشرة ونراهم يهللون لرؤية نجمة الشعري اليمانية التي أسموها سوبدة أو سوتيس وهى تشبه في شكلها الجروة أى الكلبه الصغيرة أو فى هيئة امرأة تحمل ريشتان تلمع  وتحترق فى السماء عند شروق الشمس وهو ما يسمى بالاحتراق الشروقى  وهذا يبشر بمجئ الفيضان حيث تبدأ سنتهم الجديدة طبقا لأول تقويم فى العالم وهو التقويم النيلى وهو يسبق التقويم الشمسى والقمرى ويحتفلون بعيد النقطة أى نقطة أيزيس ودموعها على زوجهها أوزريس حيث اعتقدوا أن النيل ينبع من نزول دموعها ثم ينتظرون إلى أن تلون مياه نهرهم باللون الأحمر من الطمى في النصف الثاني من أغسطس .

عيد وفاء النيل

احتفالات عيد وفاء النيل 

يشرح د. مجدي شاكر أن المصريين كانوا يحتفلون ويرقصون وينشدون أناشيد تسمى أناشيد النيل ويقذفون الزهور ويذبحون عجل أبيض ويصنعون تماثيل صغيرة ذهبية وطينيه وخشبية للرب حابي إله النيل ليتزوج ويعود عليهم بالماء الوفير والخصب.

الاحتفالات عبر العصور 

استمرت عادة الاحتفال بعيده في العصر الإسلامي مع تغير الطقوس لتناسب الإسلام فبعد قياس النيل يوم ١٢بؤونه في العصر العباسي نعم الاحتفالات خاصة أذا زاد عن 16 ذراعًا وفى العصر الفاطمي يجتمع المشايخ بجوار جامع مقياس النيل في الروضة لختم القرآن وصباحا يركب الخليفة لهم ويعلن بدأ العيد حيث تقام الأفراح في البلاد وأستمر الاحتفال فى العصر الأيوبي والمملوكى ووصفه المؤرخ بن أياس فى العصر المملوكي حيث يخرج دهبية السلطان من بولاق وهى متزينة بالزهور والأعلام حيث يستقبله الأمراء بالطبول واستمر حتى وقت قريب حيث تحتفل به في النصف الثاني من أغسطس وذلك على مراكب نيلية وفى حضور كبار رجال الدولة فى القارب ذو الشكل الفرعوني ويسمى العقبة وكانت تدوى طلقات المدافع ويقوم مفتى الديار المصرية بعد أقرار شهادة كبار العاملين الرسميين بأن النيل قد وصل لمنسوب 22 ذراعًا وقيراطين وأنه القدر الكافي للزراعة والري تعلن حجة وفاء النيل لجمع الضرائب.

واختتم د. مجدي شاكر أن ليتنا نقلد أجدادنا ولا نلوث مياه النيل وأن نستغل هذا الحدث لإقامة احتفال عالمي بمظاهر قديمة وملابس وطقوس فرعونية لإلقاء الزهور وتنظيف النيل مع ارتداء ملابس ملوك وملكات مصر على مراكب بشكل فرعوني وحمل زهور اللوتس والبردى وعمل أكلات مصرية قديمة مع الوعد بأن كل من ينجب في هذا اليوم  يكون للطفل حق دخول الآثار والمتاحف المصرية مجانا ،مضيفا يمكنا إقامة أوبرا عالمية على صفحة النيل وهى أوبرا أيزيس وأوزوريس الايطالية وأوبرا أبوسمبل لعزيز الشوان  وأوبرا عايدة كل ذلك سيحوله لحدث عالمي يجذب آلاف أو ملايين .