القمـة الروسيـة خطوة على طـريق الشــراكات المتـوازنــــــــــة مع القارة السمراء..

المارد الأفريقي ينطلق| السيسي تبنى رؤية الانفتاح على الكيانات الكبرى خلال رئاسة الاتحاد

الرئيس عبد الفتاح السيسى فى جلسة مباحثات مع القادة الأفارقة
الرئيس عبد الفتاح السيسى فى جلسة مباحثات مع القادة الأفارقة

جاءت القمة الروسية الأفريقية الأخيرة لتؤكد أهمية تنوع شراكات دول القارة مع القوى السياسية والاقتصادية العظمى، بما يضمن لها سيادتها وتنميتها ومصالح شعوبها، وهو الأمر الذى اهتم به الرئيس عبد الفتاح السيسى من خلال توجيه سياسة خارجية نشطة ومتوازنة، كما ركز عليه فى القمة الأخيرة، حيث شدد على عدة محاور أساسية لشراكات القارة الاستراتيجية، يعد أبرزها أن الدول الافريقية ذات سيادة، وإرادة مستقلة، وفاعلة فى مجتمعها الدولي.

وتنشد السلم والأمن، وتبحث عن التنمية المستدامة، التى تحقق مصالح شعوبها أولاً، لهذا يتعين عليها أن تبقى بمنأى عن مساعى الاستقطاب فى الصراعات القائمة.. كما أكد ضرورة أخذ احتياجات الدول النامية فى الاعتبار، وعلى رأسها دول القارة الأفريقية، فيما يتعلق بالتداعيات شديدة الوطأة على اقتصادياتها جراء الصراعات والتحديات القائمة، وبالتحديد فى محاور الأمن الغذائي، وسلاسل الإمداد وارتفاع أسعار الطاقة، كما طالب بضرورة إيجاد حلول عاجلة لتوفير الغذاء والأسمدة بأسعار تساعد أفريقيا على تجاوز هذه الأزمة، مع البحث عن آليات تمويل مبتكرة تدعم النظم الزراعية والغذائية بها.. وأكد الرئيس السيسى التزام مصر باستمرار الانخراط بشكل جاد ومخلص فى جهود تعميق الشراكات الاستراتيجية مع روسيا، إيماناً بالفرص ومساحات التعاون الواسعة القائمة فى إطارها، وذلك من خلال تسخير الأدوات والإمكانات المصرية، على المستوى الوطني، وعلى المُستوى القارى من خلال رئاسة مصر للجنة التوجيهية لرؤساء دول وحكومات وكالة الاتحاد الافريقى للتنمية «النيباد»، وكذلك ريادة ملف إعادة الإعمار والتنمية فيما بعد الصراعات على مستوى الاتحاد الأفريقي، لتدعيم جهود تعزيز السلم والأمن وتحقيق التنمية.


  وكالعادة لم يكن اهتمام الرئيس السيسى بالقارة والتحدث بصوتها أمرا جديدا عليه، فهو منهج ورؤية تبناها منذ أن تولى مقاليد الحكم، وظهر ذلك بشكل أكثر وضوحًا خلال رئاسته للاتحاد الأفريقي، حيث بذل جهودا متواصلة، من أجل النهوض بالقارة وتعزيز فرص تنميتها وتحقيق التكامل القاري، هذا بجانب وضعه للقارة نصب عينيه فى القمم التى حضرها خلال نفس العام، ومنها قمة مجموعة العشرين فى اليابان، و قمة مجموعة الدول الصناعية السبع G7، والقمة الأفريقية اليابانية» التيكاد 7 «، وقمة الاستثمار البريطانية الافريقية، هذا بجانب القمة الروسية الأفريقية الأولى التى ترأسها مع الرئيس الروسى بوتين، وكانت الأولى من نوعها، وحرص على حضورها 43 رئيسًا أفريقيا.

ورغم تراجع حضور عدد الرؤساء الأفارقة خلال القمة الأخيرة، إلا أن ذلك لم يؤثر سلبا على نتائجها الإيجابية، حيث تؤكد السفيرة نميرة نجم مدير المرصد الافريقى للهجرة بالاتحاد الافريقى أن أهم ما اتسمت به القمة الأخيرة اتفاق القادة على مظلة ثابتة وآلية منتظمة لإدارة العلاقات الروسية الأفريقية، حيث تم الاتفاق على عقدها دورياً كل ثلاث سنوات، كما بررت تراجع حضور الرؤساء الأفارقة بالالتزامات المختلفة وقت انعقاد القمة وتأثيرها على تواجدهم، خاصة أن الدول التى لم تشارك على المستوى الرئاسي، حرصت على إرسال ممثلين لها.

البيان الختامى للقمة يؤكد وجهة نظر السفيرة نميرة نجم، حيث تحققت عدة أمور إيجابية على المستويين الاقتصادى والسياسى من بينها تعهد روسيا بأن تبذل جهودها  فى مجلس الأمن، لتخفيض وتخفيف العقوبات المفروضة على الدول الأفريقية بجانب مواصلة إمداد القارة بالحبوب على أساس تجارى ومجاني.

الإيجابيات العديدة لا تعنى عدم وجود تحديات، حيث تؤكد نجم أن أبرز التحديات التى تواجه شراكة دول القارة مع روسيا أو أى دولة كبرى، تتلخص فى الضغوط والمصالح السياسية العالمية، حيث إن الدول الافريقية لا تستطيع ان تتخذ قراراتها فيما يتعلق بزيادة تعاونها مع روسيا فى معزل عن مصالحها مع باقى دول العالم، وهى مصالح عديدة ومتشابكة ومنها ما يرتبط بتاريخ القارة ووضعها الجغرافى، لكنها تستطيع موازنة تلك التحديات وفقا لأوليات مصالحها، فإذا ارتأت ان مصلحتها ستتحقق بشكل اكبر فى زيادة التعاون الدولى مع معسكر بدلا من الاخر، ستتجه إليه..انتبه الرئيس السيسى لأهمية الانفتاح على دول العالم ككل، وليس مجرد التركيز على التكتلات التقليدية، وهو ما اتضح فى سياسة مصر التى اتسمت بالتنوع. وانطلاقا من هذه الجزئية استطاعت مصر أن تدعم انفتاح القارة.

 

ويؤكد د. يسرى الشرقاوى رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين الأفارقة أن القاهرة لعبت دورا مهما فى تعزيز التعاون بين القوى العظمى ودول أفريقيا، حيث اهتمت بالتعاون الاقتصادى فى مختلف المجالات، وأحرزت خطوات جادة فى هذا الصدد من خلال توقيع اتفاقية التجارة الحرة فى النيجر فى يونيو 2019، بجانب المشاركة فى المبادرات الاقليمية التى تركز على تبادل الخبرات والمعرفة، وهو الأمر الذى يسهم فى تعزيز التعاون، ويشير إلى أن دور مصر فى حل النزاعات داخل القارة يؤكد فعاليتها كوسيط بين دولها والقوى العظمى، فضلًا عن التأثير الإيجابى لحل هذه النزاعات فى دعم ثقل دول القارة وتعزيز مواقفها التفاوضية مع الدول الكبرى.