قضية ورأى

«آى ١٨ إن»

 أحمد عفيفى
أحمد عفيفى

يرجع الرقم 18 إلى عدد الحروف ما بين اﻷول «آى» والأخير «إن» فيصبح المجموع ٢٠ تشكل كلمة «internationalisation»والتى تعنى «تدويل» وتكتب فى المراجع هكذا «i 18 n» اختصارا للمصطلح الذى نطالعه بين وقت وآخر خاصة فى التعليم. إنه المجال الذى انشغل به الخبراء والمتخصصون حول العالم لإزالة الفوارق بين النظم التعليمية المختلفة وبناء التفاهم المشترك بين المجتمعات وتكاملها وتحويلها من نظم «محلية» إلى «عالمية» وصولاً لمواصفات متماثلة للخريج، إنها الثقافة التى تفرز «طالبا» دولياً ثم «خريجاً» عالمياً يستطيع استكمال الدراسة أينما يريد أو اشتراطات اﻻلتحاق بالعمل فى أى دولة.


إن المنطلقات التى يعتمد عليها «تدويل التعليم» نراها فى 4 نظريات: «تحليل النظم»- «الحداثة وما بعدها»- «وارنر جاري»- «العلوم البينية والمتداخلة والمتكاملة». استطاع «وينر» فى عام١٩٨٧ تطبيق نظرية «تحليل النظم» فى رحاب الجامعة على نموذج «تدويل التعليم» وحددها فى ٤ عناصر: تعليم عالمي- نقل الثقافات المعاصرة- تعليم تداخل الثقافات- دراسة التنمية. إنها عناصر ﻻ يغنى أحدها عن اﻵخر ويصب نجاح كل منها فى مصلحة اﻵخر إنجازاً «للتدويل»، مع وجوب اﻻهتمام بها لدى صياغة معايير البرنامج التعليمى ﻷى مرحلة دراسية. كما يتم التركيز على التنمية العالمية المستدامة عند طرح برامج تعليمية معاصرة مع شمول اﻷمر المعلم والمتعلم واﻹدارة والبرنامج واﻷدوات والوسائل.


صوبت نظرية «الحداثة وما بعدها» سهامها فى مجال التعليم تجاه استثمار العقل اﻹنسانى من خلال التركيز على «الكيف» وليس «الكم» وعلى «الجودة» و»التحسين النوعي» ومن ثم تقديم موارد بشربة مهيأة للسوق العالمية بتفعيل الشراكة والتبادل بين المجتمعات والتعاون الحر والمفتوح فى عناصر العملية التعليمية تحقيقاً للتنمية المستدامة.
ووجدت نظرية «وارنر جاري» الحل فى تضييق الفجوة بين شعوب تمتلك وأخرى ﻻ تمتلك. وعلى ذلك فهو يفترض أن الدخول إلى السوق العالمية بحاجة إلى دراسة مستفيضة ﻻحتياجات تلك السوق من التعليم قبل الترويج لمنتجاته ذاتها. وتؤكد تلك النظرية على أهمية المشاركة والتعاون غير المقيد بين الدول كى تحدث عملية التدويل. وبالتالى يضمن نموذج «وارنر» البعد اﻹنسانى الذى يستلزم تحويل الشعوب المحرومة ثقافيا وتعليميا وماديا إلى شعوب تمتلك المعرفة حتى تتحقق المساواة فى التعليم مع الدول المتقدمة.


تتمسك نظرية «العلوم البينية والمتداخلة والمتكاملة» بالعروة الوثقى فى أصل المعرفة وهى تحقيق التكامل بين العلوم النظرية والتطبيقية عبورا للفجوة المستمرة بينهما منذ عدة قرون. وهما يخدمان مجتمع المعرفة والمعلوماتية ويستخدمان أساليب منهجية معاصرة ويحققان بسهولة عملية «تدويل التعليم». هكذا فهى تضع إطارا معرفيا يشتمل على معايير عالمية لجميع النظم بغية حل المشكلات على الأصعدة كافة.
كلها نظريات ﻻ يتوجب أن تبنى على حقائق. إنها قادرة على تحويل التحديات إلى فرص وتستطيع شرح «تدويل التعليم العالي» والتنبؤ بأحداثها مستقبلاً مع إمكانية نقدها. ولكنها قد اتفقت جميعا على اﻷهمية المطلقة لتدويل التعليم فى العديد من الجوانب: عالمية التعليم- تنمية المواطنة العالمية- اعتماد المؤسسات التعليمية دولياً- دخول الجامعات فى النظام العالمى للبحوث واﻻبتكارات- تزايد تحرك أعضاء هيئة التدريس والطلاب- تقليص هجرة العقول والكفاءات- تكريس صناعة التعليم وتصديره- تعميق معنى الحرية اﻷكاديمية- بناء قدرات الموارد البشرية- زيادة التنافسية العلمية والتكنولوجية- تنشيط اقتصاديات الدول.
 أستاذ بكلية العلوم - جامعة القاهرة